«القمة تتسع لأكثر من شخص» عبارة لا يؤمن بها إلا الذين يرون الحياة من زاوية الواقعية والموضوعية والإيثار والبعد عن الذات والأنا. لذا فإنهم وحدهم من يستطيعون تحديد نقاط البداية لمسيرة الألف ميل بصورة تبرز الفكر المنظم والحس الإيجابي المتأصل مما يجعل فرص نجاحهم متاحة وبشكل كبير. أحد كبار العقاريين الشيخ صالح بن محمد المحيميد صاحب مؤسسة صالح المحيميد للعقار والتطوير العمراني يعتبر الأنموذج المتألق الذي يجسد هذا الدور.. ويؤمن بأبعاده ومعطياته وحيثياته الأمر الذي لم يعد مستغرباً معه أن تحقق مؤسسته الخاصة قفزات كبيرة ونجاحات متواصلة وفق آلية واستراتيجية إدارية فذة. «الجزيرة» أبحرت في أعماق الشيخ واستطاعت أن تلمس وتلامس مكنوناته وتقف عن كثب على جملة من إبداعاته وأفكاره في مجال عمله. * بريدة خالد الحربي: * كيف كانت بدايتكم؟ في عام 1412ه أي منذ «11» سنة بدأ العد التنازلي لظهور «مؤسسة المحيميد للعقار والتطوير العمراني» على مساحة الاستثمار العقاري بالمملكة، ولم تكن الصدفة بداية الظهور ولم يضعنا الموروث المالي من لا شيء، بل كانت الخطوات المدروسة والتفكير المتأني والتوكل على الله ولم تكن صفحتنا نقية من غلطات كانت سبباً من أسباب نجاحنا إذ النجاح المتواصل ربما أورث التهور، وأصبحت الجوف وتبوك والخرج والرياض والدوادمي مناطق عبورية للمؤسسة إلى حيث الاستثمار الأمثل فمنها بدأ العمل ثم تتابعت المشاريع الواحد تلو الآخر وبدأ الاسم ينمو ويترعرع لكن حتى اختيار مكان البداية كان أيضاً اقتصادياً بالدرجة الأولى فمميزات المدن الحديثة كثيرة فهي أولاً ما زالت بكراً تقبل التعددية والمنافسة ولذلك فالمضاربة العقارية فيها أكثر تشجيعاً وحوافز النجاح أوفر لانخفاض السعر الأصلي وسعر التطوير ثم الحاجة التي يفرضها السوق وهو ما يشجع على الاستثمار وتعويض النفقات وخلال مسيرة ال«11» عاماً مدت المؤسسة يدها خارج الرياض والمملكة نفسها فكانت تجارب في القاهرة ثم قطر فالمغرب وحالياً تدرس المؤسسة مشروعاً لمد خدماتها إلى لبنان وبعض الدول العربية الأخرى. الاتجاه الآمن * ولِمَ الاتجاه إلى العقار؟ اتجاه المؤسسة إلى مجال الاستثمار العقاري له ما يبرره أيضاً عند الشيخ صالح المحيميد فهو يقول: إن المجال شبه آمن من التقلبات التي تحدث في غيره من المجالات كما أن النمو السكاني يتزايد والناس بحاجة إلى السكن أكثر، كما أنه مجدٍ رغم ما يحدث فيه من اضطراب وهو على عكس غيره فمهما يحدث فيه من خلل إلا أنه لا يموت. كيف كان هذا النجاح؟ * بعد أن استمعنا لكل ما سبق وجدنا السؤال التالي يفرض نفسه: كيف كان هذا النجاح؟ وأجاب الشيخ صالح يقول: في عالم الاستثمار المعتمد على مال الغير يحرص أرباب المال على توفر أكبر نسبة من عوامل الأمان الضامنة لأكبر نسبة من النجاح مع توفيق الله. فالشفافية، والصدق وعدم الاعتماد على الدعاية الزائفة ثم التجربة وسابقة العمل والخبرة كل هذه عوامل تجعل ثقة المستثمر أكبر، وربما كان ذلك السبب الأكثر وضوحاً في أن يزداد عدد المساهمين وأن يتوقع الشيخ صالح أن يصل عدد المشاريع ضعف المخطط له السنة القادمة لحاجة السوق لذلك. تخطيط منفرد التخطيط للمشروعات لدى الشيخ صالح يتم وفق آلية خاصة فكل مشروع يتم التخطيط له بشكل منفرد بعيداً تماماً عن المشروع الآخر حتى لا تتداخل الخطوط وتتشابك الطرق فتضيع الجهود ولذلك فإن المشروع أياً كان هو مجموعة عمل تقوم بدراسته جيداً والوقوف على جميع خطواته من نفقات وأرباح وتكاليف إجمالية ثم تبدأ مجموعة التنفيذ فيه بعيداً عن أية مؤثرات يمكنها التأثير على سير العمل في أي مشروع وبالطبع ساهم ذلك وبشكل واضح في أن يأخذ كل مشروع حقه من الدراسة والتخطيط على الوجه الأمثل. المستقبل يرى الشيخ صالح المحيميد المستقبل بالنسبة للمؤسسة أكثر ازدهاراً خاصة وأنهم يفكرون الآن في إنشاء وحدات سكنية بسعر مناسب يتيح للشباب على اختلاف شرائحهم شراء وحدة سكنية خاصة لحل مشكلة السكن التي تعتبر جزءاً من مشكلة الزواج المستعصية، وستكون الوحدة أيضاً بنظام التقسيط فهناك تفكير في إنشاء عدة مشاريع أخرى في القصيم وحائل وغيرهما من مدن المملكة وربما كان التفكير في إنشاء تلك الوحدات ينطلق من حسن النية تجاه الواجب الوطني. بقي أن نقول إن الشيخ صالح المحيميد ينحدر من إحدى الأسر العريقة بالقصيم وهو شاب لم يتجاوز الأربعين سنة، ويقف وراءه فريق عمل شاب وهو ذو حنكة في خوض غمار الواقع العملي فعرف أن الدعاية والسكون لا يصنعان شيئاً. وهذه الكوكبة إضافة إلى أن جلها قد أهلوا بمؤهلات علمية رفيعة فإن لديهم الحس التجاري المميز. أكبر الأسواق سوق العقار في المملكة يعتبر من أكبر الأسواق في المنطقة بغض النظر عن عدد السكان كما أن الحركة الاقتصادية في المملكة في نشاط دائم سواء في ذلك حركة البناء الشاملة التي تشهدها أرجاؤها والتي تتطلب استخدام أعداد كبيرة من الوافدين للعمل فيها أو من الزوار والمعتمرين مما يجعل سوق العقار بالمملكة في حركة دائبة، هذا من جهة تأهيل العقار الخام. أما من جهة الإنشاء والبناء فالمملكة مثلها في ذلك مثل غيرها من دول العالم بحاجة لمواكبة النمو السكاني الذي يفرض نمواً سكنياً يجعل من عالم بناء الشقق والوحدات السكنية سواء في ذلك المدفوعة بنظام النقد أو التقسيط عالماً رحباً ومحفظة من محافظة الاستثمار المالي الأمثل ذات المردود المالي الأوفر. في نفس الوقت الذي أكدت فيه أن فترة الطفرة العقارية التي حدثت في الماضي وإن كانت فرص عودتها شبه منعدمة استناداً إلى عدة حقائق ومعطيات ظهرت في سوق العقار بالمملكة حيث ان وقت الطفرة كان في حد ذاته فرصة نادرة أوجدت طفرة مالية هائلة في ذلك الوقت أدت إلى التهافت على شراء الأراضي لأنها الوعاء الاستثماري الأمثل بالنسبة للمواطنين، إذ أن خيارات الاستثمار كانت محدودة إلى حد ما عكس ما هو عليه الوضع الآن مما فرض بقاء عالم العقار في المملكة تدار فيه سيولة نقدية ضخمة. كما أن سوق العقار يخضع لضوابط معينة وتخطيط يحميه من التقلبات والارتفاعات المتأرجحة في الأسعار يفضل الاستغناء عنها ثم هو لا يخضع لمشاكل طول الفترة الزمنية التي تفرض فشل أو تلف كثير من محافظ الاستثمار الزراعي والصناعي مثلاً. المستقبل أرحب تؤكد المؤشرات أن مستقبل العقار بالمملكة يبشر بالخير إذا توفرت مجموعة من العوامل في مجملها خطة عمل العقاري الناجح فالخوف من الله والحرص على مال المستثمر والشفافية، ثم العمل على تطوير الأساليب التسويقية والشرائية ودراسة سوق العرض والطلب وعدم الاعتماد على المجازفات التي يفرضها أحياناً توقع ربح أكبر. أضف إلى ذلك كله الاستفادة من خبرات الآخرين وعدم الاعتماد بالرأي المفرد إلا في حدود، فالدخول في شركات محدودة مع أرباب رؤوس الأموال البسيطة بل وأحياناً شراء المشورات من أربابها كل ذلك يعتبر جزءاً من عوامل أمان العملية الاستثمارية. * وكيف ينظر إلى المرأة من خلال العقار؟ أشار الشيخ المحيميد إلى أن النساء شقائق الرجال.. مؤكداً أن للمرأة طموحات وتطلعات كما هو الرجل نفسه، وقال إن هناك واقعاً يفرض على المرأة البحث عن الاستثمار.. من هذا المنطلق فإنني أؤمن بأن المرأة قد تدخل فلك العقار وأجواءه بشكل يتناسب وخصوصيتها وتركيبتها وأدواتها.. وليس شرطاً أن تحتل موقع الرجال بيد أنها تشاركهم موضحاً أن لديه خطة مستقبلية لدخول المرأة عالم العقار من خلال مؤسسته وستكون أولى الخطوات في هذا الصدد افتتاح أول مكتب نسائي للعقارات في منطقة القصيم بأسواق الوشاح النسائية في مدينة بريدة، مبيناً أنه متفائل بهذه الخطوة التي ستفتح آفاقاً جديدة للنساء في هذا الإطار حيث يعتبر من أوائل المكاتب النسائية المتخصصة.