تواصل المملكة جهودها لمواجهة تحديات التغير المناخي. ويأتي ذلك امتدادًا للجهود العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي والتقليل من آثاره. كما أن مشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- خلال قمة المناخ العالمية الافتراضية تأتي تأكيدًا لدور المملكة الريادي على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي في مواجهة التغير المناخي، وامتداداً لجهودها في هذا المجال، وعلى رأسها ما أطلقه سمو ولي العهد مؤخراً في إطار مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر. وقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب منهجية شاملة تراعي مختلف الظروف التنموية حول العالم، وأن الحل الشامل لمواجهة تحديات التغير المناخي يكمن في رفع مستوى التعاون الدولي. وبين -أيده الله- أن المملكة أطلقت حزمة من الاستراتيجيات والتشريعات، مثل الاستراتيجية الوطنية للبيئة، ومشاريع الطاقة النظيفة؛ بهدف الوصول إلى قدرة إنتاج (50 %) من احتياجات المملكة بحلول عام 2030م، مبينًا أن رفع مستوى التعاون الدولي هو الحل الشامل لمواجهة تحديات التغير المناخي، وقمنا خلال رئاستنا لمجموعة العشرين العام الماضي بدفع تبني مفاهيم الاقتصاد الدائري للكربون، وإطلاق مبادرتين دوليتين للحد من تدهور الأراضي وحماية الشُّعَبْ المُرجانية. كما أعلن سمو ولي العهد مؤخراً عن مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من (10 %) من الإسهامات العالمية، وزراعة (50) خمسين مليار شجرة في المنطقة بالإضافة إلى العديد من المبادرات النوعية. وحصلت هاتان المبادرتان على تأييد المجتمع الدولي، وسنعمل مع الشركاء لتحقيق أهدافهما من خلال استضافتنا منتدى لمبادرة السعودية الخضراء وقمة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر في هذا العام. وأخيراً نود أن نؤكد على اهتمامنا والتزامنا بالتعاون لمكافحة التغير المناخي لإيجاد بيئة أفضل للأجيال القادمة، متمنين لجهودنا النجاح لحماية كوكبنا. فيما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء في فترة سابقة أن «مبادرة السعودية الخضراء»، و»مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، سترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة وستسهمان بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية. وقال سمو ولي العهد: إنه بصفتنا منتجًا عالميًا رائدًا للنفط ندرك تمامًا نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة.وأضاف سمو ولي العهد: إن المملكة والمنطقة تواجهان الكثير من التحديات البيئية، مثل التصحر، الأمر الذي يشكل تهديدًا اقتصاديًا للمنطقة (حيث يقدر أن 13 مليار دولار تستنزف من العواصف الرملية في المنطقة كل سنة)، كما أن تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري يقدر أنه قلص متوسط عمر المواطنين بمعدل سنة ونصف السنة، وسنعمل من خلال مبادرة السعودية الخضراء على رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية. وبين سموه أنها ستتضمن عددًا من المبادرات الطموحة من أبرزها زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية خلال العقود القادمة، ما يعادل إعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، ما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفاً، تمثل إسهام المملكة بأكثر من 4 % في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1 % من المستهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة.كما ستعمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 % من مساحة أراضيها التي تقدر ب (600) ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17 % من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية. وأضاف سموه: إن مبادرة السعودية الخضراء ستعمل كذلك على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 % من الإسهامات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50 % من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030م، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحو أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94 %.وأوضح سمو ولي العهد أنه بينما لا يزال هناك الكثير الذي يتوجب القيام به إلا أن المملكة مصممة على إحداث تأثير عالمي دائم. وانطلاقاً من دورها الريادي ستبدأ العمل على مبادرة الشرق الأوسط الأخضر مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط، وتسعى بالشراكة مع الأشقاء في دول الشرق الأوسط لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط. مبيناً أن البرنامج يهدف لزراعة (50 مليار شجرة) وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، وهو ضعف حجم السور الأخضر العظيم في منطقة الساحل (ثاني أكبر مبادرة إقليمية من هذا النوع). ولفت سموه إلى أنه سيعمل هذا المشروع على استعادة مساحة تعادل (200 مليون) هكتار من الأراضي المتدهورة مما يمثل (5 %) من الهدف العالمي لزراعة (تريليون شجرة) ويحقق تخفيضاً بنسبة (2.5 %) من معدلات الكربون العالمية. وأضاف سموه بأن حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط لا تتجاوز اليوم 7 %، وأن التقنيات التي تستخدم في إنتاج النفط في المنطقة ليست ذات كفاءة، وستعمل المملكة العربية السعودية مع هذه الدول على نقل المعرفة ومشاركة الخبرات مما سيسهم في تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60 %. مضيفاً سموه بأن هذه الجهود المشتركة ستحقق تخفيضاً في الانبعاثات الكربونية بما نسبته أكثر من 10 % من المساهمات العالمية. وأوضح سموه أن هاتين المبادرتين تأتيان تعزيزاً للجهود البيئية القائمة في المملكة العربية السعودية خلال السنوات السابقة وفق رؤية 2030 نظير رغبة المملكة الجادّة بمواجهة ما عانته من تحديات بيئية تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع موجات الغبار والتصحر، وأن جزءاً من جهودها لتعزيز الصحة العامة ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين فيها، حيث قامت بإعادة هيكلة شاملة لقطاع البيئة، وتأسيس القوات الخاصة للأمن البيئي في عام 2019م، ورفع نسبة تغطية المحميات الطبيعية من 4 % إلى ما يزيد عن 14 % وزيادة الغطاء النباتي في المملكة بنسبة 40 % خلال السنوات الأربع الماضية، كما تمكنت المملكة من الوصول لأفضل مستوى من الانبعاثات الكربونية للدول المنتجة للنفط، وغيرها من المبادرات التي بدأت على أرض الواقع وحققت نتائج إيجابية ملموسة في الوضع البيئي العام.