تواصل السعودية إتمام خطوات الرؤية الاقتصادية الطموحة، واستكمال حلقة تكامل التحول الاقتصادي من الاعتماد على دخل وحيد إلى تنويع مصادر الدخل، وكذلك من الاعتماد على الدولة إلى الشراكة مع القطاع الخاص لاستغلال موارد الدولة من خلال تعظيم إنتاجية القطاع الخاص من أجل تسريع تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في مرونة الاقتصاد ودعم ازدهاره والنمو المستدام. تعتمد السعودية في هذا التحول على تحفيز النمو الوطني من خلال الحاضنات للقطاعات الحيوية، وتبني مشروعات ضخمة فريدة ذات نطاقات وأهداف عالمية لتحقيق سرعة هذا التحول. ستعتمد الدولة برنامج التخصيص لتحرير الأصول المملوكة للدولة من أجل زيادة مشاركة القطاع الخاص من أجل جذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية والضامن لتوليد مزيد من الوظائف للمواطنين. إطلاق برنامج شريك بمثابة خريطة طريق اقتصادية جديدة أكثر استيعابا وقدرة للامكانات التي تتمتع بها السعودية والذي يرفع قدرات الشركات السعودية الكبرى درجة تنافسيتها على الصعيد الإقليمي والدولي، القادرة على نقل التقنية والتكنولوجيا وتعزيز المحتوى المحلي والتحول الوطني والاقتصاد الكربوني والأخضر من أجل أن تتحول هذه الشركات الضخمة إلى وعاء للشركات الأصغر لتمكينها من النهوض والصعود عبر الشراكة معها. رغم الجائحة التي ضربت العالم انكمش القطاع الخاص بنحو 3.1 في المائة في 2020 بناتج 1.04 تريليون ريال مقابل 1.07 تريليون ريال في 2019، لكن انكماش القطاع الخاص كان أقل انكماشا من القطاع النفطي الذي انخفض بنحو 6.7 في المائة نتيجة تداعيات تفشي جائحة كورونا على الطلب العالمي وأسعار النفط. قدمت الدولة للقطاع الخاص مجموعة من المحفزات الممتدة منذ عام 2017 حتى بالتزامن مع الجائحة، حيث تستهدف الدولة رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص من 41.1 في 2020 إلى 65 في المائة بحلول عام 2030 فيما حصته قبل إطلاق الرؤية في 2015 نحو 39.3 في المائة من الناتج. ستكون هناك مبادرات للتخصيص سيتم طرحها من أجل أن تعد رافدا جديدا في اقتصاد السعودية من خلال تخصيص بعض الخدمات الحكومية وإتاحتها أمام القطاع الخاص المحلي والدولي في 16 قطاعا حكوميا مستهدفا بالتخصيص. الدولة مستمرة في تقديم حوافزها للقطاع الخاص، فخصصت 200 مليار ريال في 2016 بقروض طويلة الأجل، ومنذ أكتوبر 2019 تحملت الدولة المقابل المالي على العمالة الوافدة في القطاع الصناعي، ويمتد لخمسة أعوام، ومطلع 2019 أطلقت الدولة مبادرة الفاتورة المجمعة التي استفادت منها 364 ألف منشاة بما قيمته 11.5 مليار ريال تمثل السداد أو الإعفاء من فروقات المقابل المالي لرخص العمل، وبالتزامن مع تفشي فيروس كورونا قدمت الدولة حزم تحفيز ضخمة للقطاع الخاص كان أبرزها 50 مليار ريال للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى حزمة أولى بنحو 70 مليار ريال تمثلت في إعفاءات وتأجيل بعض المستحقات، وتحملت الدولة من خلال نظام ساند 60 في المائة من رواتب موظفي القطاع الخاص بقيمة إجمالية تصل إلى تسعة مليارات ريال. ويهدف البرنامج التشاركي المبتكر إلى مساعدة شركات القطاع الخاص على تحقيق أهدافها الاستثمارية، وتسريع ضخ استثمارات تقدر قيمتها بنحو 5 تريليونات ريال في الاقتصاد المحلي حتى 2030، حيث يسهم البرنامج في زيادة فرص النمو للصناعات البتروكيماوية بشكل خاص والصناعات التحويلية وتقوية سلاسل الامدادات والوصول إلى التمويل التنافسي لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتنمية التجارة الخارجية من خلال دعم الصادرات السعودية. ** ** - أستاذ بجامعة ام القرى بمكة