قرأت ما سطره يراع الأخ محمد بن عبد الرحمن الفراج في العزيزة عددها رقم 10978 تحت عنوان «سببان وراء كره» بعض المعلمين للمدارس، وقد كانت فكرته تتركز حول سببين هما: عدم تفرغ المدرس للعملية التربوية وقلة الزاد العلمي للمدرس. في البداية لفت نظري العنوان وخصوصا كلمة «كره» وما تحمله من معنى للتشاؤم والجفاف العاطفي، وتمنيت لو استبدلها الأخ الكريم بكلمة تذمر أو ملل المدرس للمدرسة التي يعمل بها، لأن هذا الملل أو التذمر لو وصل لدرجة «الكره» فستكون النتيجة حتما استقالة أو إقالة المعلم وذلك لأنه سيكون وصل لطريق مسدود يستحيل معه إكمال رسالته التربوية، عموما أحب ان أضيف سببا مهما جدا وراء تذمر وملل الكثير من المدرسين أو المعلمين كما تسميهم الوزارة. من مدارسهم وقبل ان أتعمق في شرح وذكر هذا السبب أود ان اذكر بأن تذمر المدرس من مدرسته وملله منها يؤدي الى سلبية خطيرة جدا وهي تدني المستوى التعليمي والتربوي للطالب، وهذا ينعكس سلبا على المجتمع كله، اعود لذكر سبب الملل والتذمر لكثير من المدرسين وهو مدير المدرسة الذي يعمل تحت ادارته المدرس، ففي زمننا هذا اصبح كل شيء في التعليم يسير بالمقلوب واصبح فيه المعلم يعاني الأمرّين، ولكن يجب عليك اخي المعلم ان تكون واقعيا، وتترك المثاليات وتكتم آمالك واحلامك وطموحاتك وتطلعاتك بصدرك وتعايش واقعك التعليمي السيئ ولا تستغرب اذا وجدت مديرك غير مؤهل تربويا ولا يستطيع التعامل مع زملائه المعلمين وطلبة المدرسة بأسلوب تربوي حديث. لا تستغرب إذا وجدت مديرك مستواه الدراسي ضعيفاً حتى انه لا يعرف جدول الضرب، ولا يفرق بين الكلام المفيد والكلام غير المفيد. لا تستغرب اذا وجدت مديرك سيئ السمعة اجتماعيا يكرهه المجتمع ويلفظه قبل ان يكرهه الطلبة والمعلمون. لا تستغرب اذا وجدت مديرك صغير السن قليل التجربة حديث الخدمة في مجال التعليم لا يعرف ولا يجيد التعامل مع كثير من الامور الفنية والعملية. لا تستغرب اذا وجدت مديرك كبير السن هرما عايش عصر الكتاتيب وما قبله، ومع ذلك هذه العقود الكثيرة من الخدمة لم تفده شيئا فما زال جاهلا متحجرا. لا تستغرب اذا وجدت مديرك اثناء زيارته لك كمعلم لا يفرق بين الاملاء والقواعد ولا يفرق بين الجغرافيا والتاريخ. لا تستغرب اذا وجدت مديرك يعاملك وزملاءك المعلمين بآليات وأساليب عصر الكتاتيب لا يعترف بالتطور ولا يواكبه، يرغمك على العمل الكتابي القديم، ولا يعترف ولا يتعامل مع الحاسب الآلي رغم وجوده في المدرسة. لا تستغرب اذا وجدت مديرك يقفل دفتر الدوام الرسمي قبل الوقت المحدد نظاما، لذلك وحسب مزاجه، وكأن المدرسة محل تجاري او مؤسسة ملك له. لا تستغرب اذا وجدت مديرك غير عادل في توزيع الجدول الدراسي بين المعلمين يحابي هذا ويظلم ذاك من اجل معارفه ومصالحه الشخصية. لا تستغرب إذا اكتشفت ان مديرك يضع جداول وهمية لبعض المعلمين يعطيهم من خلالها نصابا كاملا من الحصص والواقع عكس ذلك تماما. لا تستغرب إذا علمت بأن مديرك كان تلميذا من تلاميذك ومع هذا أنت اعلى منه في المستوى التعليمي. لا تستغرب إذا وجدت مديرك متسلطا يعاني من مرض الغرور وداء العظمة لا يرى الا نفسه، ولا يسمع الا رأيه، يتصرف بكل غرور وغطرسة وكبرياء. لا تستغرب إذا وجدت مديرك رغم كبر سنه يكذب ولا يستحيي من استخدام الكذب. لا تستغرب إذا علمت بأن مديرك عوقب نظرا لسوء سلوكه ومع ذلك كوفىء بأن عين مديرا. لا تستغرب إذا وجدت مديرك تنطبق عليه كل الصفات السابقة وتوجد به كل تلك «المزايا» ومع ذلك يعطي ويمنح شهادات تميز وشهادات شكر وتقدير. وبعد كل هذه الاحباطات والعقبات التي تواجهك - عزيزي المعلم - لا تستغرب إذا حمِّلت مسؤولية تدني مستوى الطلاب، وطولبت برفع مستوى طلابك العلمي والتربوي لان العلة والخلل فيك انت لانك لم تعايش الواقع العملي والتعليمي بواقعية ودبلوماسية ومجاملة ونفاق. وفي النهاية يجب عليك - أخي وعزيزي ورفيقي المعلم - ألا تتذمر ولا تمل من مدرستك ولا تستغرب إذا طلب منك ان ترى الأشياء بالمقلوب.