لعشر سنوات وهما بجانب بعضهما البعض كصديقين كما يظن كلاهما للآخر, كانا يتشاركان أفراحهما وأتراحهما وتفاصيلهما الصغيرة على منصة الغربة التي أبعدتهما عن بلادهما لغرض الدراسة في الخارج, كانا يتسامران على قهوة مرة وشطيرة حلوة ليكسرا زمهرير الملل وقت فراغهما. يتضاحكان على غباء أفكارهما وتخاطر كلماتهما التي يتفوهان بها في نفس اللحظة وكأن روحاً واحدة تجمع بينهما, وفي ليلةٍ مشبعة بالغموض معلنةً فداحة العمر وخيانة الزمن أمامها, هاتفته والدته لتخبره أنها عثرت له على عروس جميلة وصغيرة تشاركه مسكنه في وطن يعيش على ضفاف الزمن بلا مواعيد مسبقة, تلعثم وقال: كما تشائين يا أمي. كانت الطقوس التقليدية في الزواج تعكف على معتقداتهم الروحية في الحب,, وقامت بإرسال صورتها له, وبكل غباء جميع الرجال قال لها ليجعل منها أضحوكة يسخر منها القدر وقوانين البشر. ما رأيك بها؟؟ حدقت بعينين شبه دامعتين, لا بأس بها.. هربت بجسدها وروحها المكتظة بالغيوم السوداء لغرفتها التي سكبت فيها رطلاً من المطر المالح الذي قامت بتأجيله لوقت هطوله.. عاد بحوريته الصغيرة لمخدع الغربة المخيف بعد أن ربط القدر بينهما وثاقاً مقدساً كروحٍ واحدة وظلٍ واحد.. هي التي لم تنم ولم تتذوق مذاق الحياة بدونه طوال تلك الأيام المغلفة بالخيبة والخذلان.. كانت تدرك أنها سخيفة ورخيصة لدرجة استهانته بمشاعرها ورحيله عنها وعدم اكتراثه بتلك السنوات التي جمعتهما تحت سقف سماء واحدة.. تدثرت بالقليل من القوة وذهبت لتهنئه حيث كان وبكل وقاحة يسكن بجوار شقتها, ليفتح لها الباب وهو في كامل زينته والابتسامة تُجمل مبسمه, ليحييها قائلاً: أهلاً بك في منزلك ! ادعت التظاهر بعدم الفهم كي يقوم بالتوضيح لها: قائلاً: لن أكون إلا لكِ فقد عزمت الولوج في مغامرة عشقية معكِ.. ردت متلعثمة: وزوجتك والعادات والتقاليد وطقوس الزواج لديكم كيف لك أن تهرب منها لتعود إلي.. رد ضاحكاً: من قال لكِ إني تزوجت, فقط عدت لموطني كي آخذ بركات والدي وموافقتهما كي أعود إليكِ زوجاً وعاشقاً وصديقاً.. أجهشت باكية في أحضانه الدافئة وقشعريرة الحب تطوق جسديهما المبلل بحرارة اللقاء..! ** **