جعل الله هذه الدنيا دار ممر، يتزوّد فيها الإنسان بأعمال الخير المختلفة، والآخرة هي دار البقاء؛ قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (آل عمران: 185). فقبل أيام انتقل إلى رحمة الله صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز -رحمه الله-. لقد ترك هذا الأمير صاحب الخُلق الرفيع والتواضع الجم إرثًا كبيرًا وسِجلاً حافلاً بالعطاء والمسؤوليات الكبيرة في خدمة الوطن؛ فقد تقلّد -رحمه الله- العديد من المناصب المختلفة العسكرية والمدنية والتطوّعية والرياضية، وحصل على العديد من الأوسمة والأنواط بدءًا بتعيينه في قاعدة الملك عبد العزيز الجوية ضابط طيار، وتدرج بمسؤوليات أخرى حتى تم تعيينه نائب قائد القوات الجوية الملكية السعودية ومستشارًا خاصًّا للأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - وبعدها بسنوات من عمله في القطاع العسكري تم تعيينه رئيسًا عامًّا للأرصاد وحماية البيئة بمرتبة وزير، ورئيسًا للمكتب التنفيذي لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة. هذه المسؤوليات والمهام لم تشغله عن أعماله التطوعية وإسهاماته الرياضية؛ فقد ترأس مجلس إدارة الجمعية السعودية الخيرية للتوّحد، إضافة إلى رئاسته الفخرية لنادي القادسية السعودي، وكذلك رئاسته لهيئة أعضاء شرف نادي النصر السعودي. وقد نال عددًا من الأوسمة، منها: * وسام الملك عبد العزيز (درجة الأولى). * وسام تحرير الكويت. * وسام نجمة الامتياز العسكري الباكستاني. * وسام الاستحقاق الأمريكي من درجة قائد. * وسام الاستحقاق الوطني بدرجة قائد من القوات الفرنسية، وغيرها. ومن الأنواط أيضاً حصوله على: * نوط الجدارة. * نوط القيادة. * نوط درع الجزيرة. * نوط الأمن، نوط المعركة.. وغيرها. ولا أنسى تلك الكلمات المحفّزة لي والالتفاتة الأبوية الحانية من سموه الكريم -رحمه الله- أثناء رئاسته الأرصاد وحماية البيئة عند الشروع في تأليف كتابي عن حماية البيئة والحفاظ على الحياة الفطرية بتشجيعه لي بكلمات طيّبة، ملؤها التفاؤل، جعلتني أعمل ما بوسعي من جهد كي أكمل تأليف الكتاب رغم تعدد الموضوعات وعمقها وتشعبها. وعند إكمال التأليف تم وضع كلمة «مقدمة» في الكتاب لسموه الكريم، وبعد الانتهاء من طباعته تشرفت بإهدائه الكتاب -رحمه الله- وقد أشاد به، وقدّم لي خطاب شكر، يعبّر عن أهمية الكتاب للوطن، وما يحتويه من معرفة وتوعية وثقافة. لقد كان -رحمه الله- أُنموذجًا للشاب السعودي الطموح المثابر في خدمة مليكه ووطنه، وتعامله الطيّب والراقي بجميع المنسوبين في مختلف الأعمال والمهام التي تقلّدها. نسأل الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته، وأن يجعل مثواه الفردوس الأعلى من الجنة. ** ** - بدر بن عبد الكريم السعيد