دخل صبي «13 عاما» أحد المحال في نابلس وطلب من صاحبه نقش صورة ابن عمه إياد أبو الزور على قلادة معدنية. وكان أبو الزور «18 عاما» قد استشهد بعد تسلله إلى مستعمرة شافي شومرون اليهودية بشمالي نابلس مسلحا بسلاح نصف آلي وقذف قنبلتين يدويتين، وطلب الصبي نقش الصورة منذ عدة أيام عندما تم رفع حظر التجول الذي تفرضه إسرائيل على مدار الساعات بالمدينة الواقعة في شمال الضفة الغربية لبضع ساعات. وهو الان يريد تكريم إياد الذي يعتبره هو وكثيرون مثله من الفلسطينيين بطلا بلبس صورته كقلادة. وما يلفت نظر الزوار الذين يسيرون في شوارع نابلس وخاصة مخيم بلاطة للاجئين الواقع على الاطراف الجنوبية للمدينة هو أن واحدا بين كل اثنين من الصبية الفلسطينيين يلبس نقشا لصورة مقاتل فلسطيني استشهد في المواجهات المسلحة مع الجيش الأسرائيلي أو نفذ عملية فدائية . ويقول نهاد عبدالكريم صاحب المحل الوحيد للنقش بالليزر في نابلس «تأتي عائلات وأصدقاء الشهداء إلى المتجر ومعهم صورة للشهيد ويطلبون نقشها على قطعة معدنية حتى يمكنهم لبسها حول أعناقهم»، ويطلب آخرون ميداليات للمفاتيح. ويقول عبدالكريم «إنهم يطلبون 20 أو 30 نقشا لكن العدد قد يرتفع ليصل إلى 100 على حسب الشخص صاحب الصورة». ويقول عبدالكريم الذي يعتمد عمله على صنع اللوحات المعدنية التي تحمل أسماء وشعارات الشركات «في البداية كان نقش صور الشهداء يمثل واحدا بالمائة من حجم أعمالي»، ويوضح قائلا «واليوم يمثل من 50 إلى 60 بالمائة لانه لم يعد هناك أحد يطلب شعارات». وتعتبر صورة محمد طيطي «28 عاما» الذي استشهد في 22 أيار «مايو» الماضي مع اثنين من رفقائه بينما كانوا جالسين تحت شجرة في مدافن بلاطة من أشهر الصور التي يتم نقشها. واعترف الجيش الاسرائيلي بأن دبابة استهدفت عمدا طيطي ورفيقيه العضوين البارزين في كتائب شهداء الاقصي وهي الجناح العسكري لحركة فتح. وقد قام طيطي المعروف في شمال الضفة الغربية كلها باسم «دينامو» الاقصي بحشد الفلسطينيين لشن هجمات ضد الاسرائيليين. وكان مسؤولا عن سلسلة من عمليات إطلاق النار والتفجيرات في المناطق الفلسطينية المحتلة وداخل إسرائيل بما فيها العملية الفدائية في 27 آذار «مارس» الماضي الذي استهدفت فندقا في ناتانيا وأسفرت عن مقتل 29 إسرائيليا في عيد الفصح اليهودي. وقد اكتسب طيطي احترام أقرانه من قاطني المخيم بسبب ذلك وينظر إليه الصبية خاصة كمثل أعلى ويحافظون على ذكراه بارتداء صورته. وقال عبدالكريم صاحب متجر النقش بالليزر «لقد تلقيت مئات من الطلبات لنقش صورة طيطي ورياض كارمي»، وكارمي هو قائد كتائب شهداء الاقصي في طولكرم الذي اغتيل في 14 كانون الثاني «يناير» الماضي عندما انفجرت قنبلة وضعت على جانب الطريق باستخدام جهاز تحكم عن بعد بينما مر بجانبها. وأصبح كارمي بطلا قوميا ويرتدي عديد من الصبية الفلسطينيين قلادات تحمل صورته في بلاطة ويظهر على الناحية الاخرى شعار كتائب الاقصي الذي يأخذ شكل بندقيتين آليتين متقاطعتين فوق المسجد الاقصي والعلم الفلسطيني. وقام أحد أصحاب المتاجر في نابلس ويدعى عصام بانتهاز فرصة الرواج وطلب قلادات سابقة الاعداد تحمل صورة كارمي لبيعها في متجره. ويتراوح سعر هذه الحلي من دولار إلى ثلاثة دولارات أمريكية. ويقول عصام «لقد جاء طفل ذات مرة وطلب نقشا لصورة كارمي لكن عندما عرف السعر واكتشف أن ما بحوزته لايكفي قرر أن يبدأ في الادخار من مصروفه». ودخل خمسة صبية فلسطينيين على الاقل بعضهم بصحبة أحد البالغين إلى متجر عبدالكريم للسؤال عن طلباتهم خلال فترة رفع الحظر التي تستمر خمس ساعات. ويتطلب نقش صورة بالليزر طولها 3 ،5 سنتيمترات وعرضها 2 ،5 سنتيمتر حوالي خمس دقائق باستخدام آلة النقش التي اشتراها عبد الكريم منذ ثلاث سنوات بحوالي 40 ألف دولار. ويقوم بمسح ضوئي للصورة التي تحضرها العائلة ويقوم بإدخالها إلى الكمبيوتر وبعد ضبطها يقوم بنقشها على المعدن. ويستطيع هؤلاء الذين يطلبون صورة واحدة أن يتسلموها خلال وقت بسيط لكن من يطلب 20 صورة أو أكثر عليه أن يعود في وقت لاحق.