الأستاذ العزيز رئيس التحرير.. الاخوة القراء.. تحياتي وتقديري لكم جميعا.. وهذه كلماتي عن موضوع «سمعت وقرأت» عنه الكثير الكثير، هؤلاء يؤيدون واولئك يعارضون حتى اصبح الموضوع «مستهلكا» الى حد كبير، وقد وضعت هذه المسألة في اوائل الموضوعات التي اود الحديث عنها عبر هذه الصفحة العزيزة. انه «تدريس المرحلة الاولية معلمون ام معلمات» وبخبرتي القصيرة جدا في هذا المجال ومن واقع مخالطتي لكلتا الفئتين من مربي الاجيال استطيع القول: بأنه اذا ما توافر لدى المربي «رجلا او امرأة» اذا ما توافر لديه الاخلاص والثقافة التربوية وحب العمل، فانه سوف يبدع في صناعة الجيل الذي بين يديه، ويحقق لهم ما يتمناه المجتمع من آمال وطموحات. وابداع معلم المرحلة الابتدائية لا يرتبط نهائيا بنوعية «الجنس» من ذكر وانثى، وكم من معلم امضى عمره في تدريس الصف الاول الابتدائي وهاهو ذا قد تقاعد او اوشك على التقاعد وما زال جبينه يتصبب ابداعا وحبا لهؤلاء الاطفال الذين يجلسون بين يديه حتى خرج من أمامه الطبيب والمهندس والمعلم.. وغيرهم.. وهأنذا اكتب اليكم وقد تعلمت على يد رجل تعلمت القراءة والكتابة والصلاة وامور الدين والدنيا.. كنت احب «المعلم» الذي يفرض حبه على «براءة» طفولتي، واكره المعلم الذي لا يفهم في «براءتي» سوى انني اخاف من الصراخ، وأتأدب كي اخرج الاول في الدرس الاخير!! وفي المقابل ها نحن نشاهد بنات بلادنا المتعلمات المثقفات وقد كان حجر الاساس لكل هذه الثقافة على يد معلمة فاضلة.. وفي ذات الوقت انا متأكد من ان هناك معلمات لا يتقن التعامل مع الطفلة الصغيرة، فتراها تفضل تدريس المرحلة الثانوية او الجامعية، اذا فالمسألة لا تتعدى كونها «رغبة وموهبة وميول» ولا تخضع نهائيا لمقياس «الجنس» الذي ينادي به كثيرون من الذين لم يجربوا العمل التربوي ولم يدخلوا المدارس وبالتالي فان حكمهم سيكون خاطئا ومطالبتهم لن تكون في مكانها الصحيح. وصدقوني بأن من جرب وخاض مجال التربية سيدرك ان «المعلم المخلص» مبدع.. و«المعلمة المخلصة» مبدعة، وكلهم يسيرون في خط متواز في سبيل النهوض بمجتمعنا النبيل، وبالتالي لن تكون هناك حاجة لكل هذا الاخذ والعطاء في مسألة محلولة ومنتهية قبل بدايتها.. وأقسم لكم بأنني حين اتذكر الايام التي قضيتها مع «تلاميذ المرحلة الابتدائية» فانني اهيم في بحور الشوق لنظراتهم البريئة، وابتساماتهم الصافية.. فتخلط في اذني اصواتهم الرقيقة بالنداء، والسؤال والشكوى.. كنت احبهم حين يضحكون، احبهم حين يبكون، حين يتشاجرون، حين ينامون على طاولاتهم من الارهاق، احبهم حين يتسابقون على الشراء من مقصف المدرسة، وعلى الخروج «ويركضون جميعهم وراء الكرة» وكم وكم وكم كنت افرح حين اعطي احدهم جائزة بسيطة وأرى الفرحة قد طارت به فوق سطح القمر. كنت احبهم وكانوا يحبونني.. واقسم لكم انهم بكوا حين عرفوا انني «راحل عنهم» فهل بعد هذا يقول قائل بأننا لا نجيد التعامل مع الاطفال. ارجوكم ان تنهوا النقاش في هذا الامر، وليبق كل في مكانه، متسلحين جميعا بتقوى الله وحب العمل واحتساب الأجر من الله. جميل فرحان اليوسف/ سكاكا - الجوف