سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الكتابات النقدية والأدبية عكست الواقع الاجتماعي آنذاك .. وأسست للروابط والأندية الأدبية برزت دعوات لتصحيح مسار النقد وللتفريق بين الفوضى وحرية النشر.. ثم أقفلت الصحيفة باب «النقد»
* * عرضنا في الحلقة الأولى ماكتبه د. الحازمي عن تاريخ «صحيفة» «صوت الحجاز» وبداية صدورها عام 1350ه الموافق 1932م والتغيرات التي طرأت عليها خلال العقد الأول بشكل عام، سواء في الجوانب التحريرية او الادارية او موعد الصدور وعدد الصفحات، وعرفنا ان الصحيفة عوّدت قراءها على تقرير او بيان سنوي تعرض فيه ماتحقق وتبيّن ماترجو تحقيقه.. بعد ذلك ولج الباحث الى قضية الدراسة وهما الجانبان الأدبي والنقدي في صحيفة صوت الحجاز، فقسم الموضوعات إلى: الأدب والنقد العامين، الأدب العربي القديم، الأدب العربي الحديث، الخواطر والتأملات، المختارات والتعليقات، نقد القصائد والمقالات، نقد الكتب. وأنهى في الحلقة الماضية الحديث عن الموضوعين الأولين ثم بدأ بتصنيف الكتابات المتعلقة بالأدب العربي الحديث ذكر منها: التقليد، وضعف الانتاج الأدبي، وفي هذه الحلقة يكمل تصنيف تلك الكتابات مبتدئاً بضعف الانتاج المحلي..، وبعدها يورد لنا ماكتبه في موضوع الخواطر والتأملات وبعض أعلامها آنذاك: * * ج ضعف الأدب المحلي: كتب الكثيرون في صحيفة «صوت الحجاز» عن الأسباب التي أدّت إلى ضعف الأدب المحلي، مثل الابتعاد عن تصوير الواقع، والضعف الثقافي، وانعدام الإحساس بالمواطنة، وانعدام الحرية الخ. وكان محمد حسين هيكل قد أشار إلى بعض هذا، في إحدى زياراته للحجاز سنة 1355ه 1936م. إذ كتب في مقالة له بعنوان: «إلى شباب العرب» يذهب فيها إلى أن الأدباء في الحجاز متعلقون بالماضي أكثر من الحاضر، وأن قلّة منهم من يطمح إلى الحضارةالحديثة. وكان محمد سعيد العامودي قد كتب قبله، سنة 1351ه 1932م، مقالة بعنوان «الأدب والحياة» يحمل فيها على المقلدين والنظامين ويقول إن الأدب ينبغي أن يكون وثيق الصلة بالحياة. وكتب من رمز إلى نفسه بالحرف «ح» ويبدو أنه حمزة شحاتة مقالة سماها: «الأدب والحرية»، حاول فيها تشخيص الأسباب التي أدّت إلى ضعف الأدب في بلادنا، وأهمها، في رأيه، الافتقار إلى المكوّن الأساسي للفكر والأدب وهو الحرية. ويبدو أن بعض أدبائنا قد تأثر في فترة الثلاثينيات ببدايات الاتجاه الواقعي في مصر والشام، والمتأثر بدوره في بعض جوانبه بالتيار الاشتراكي الذي ظهر في روسيا بعد الثورة البلشفية. وها هو أحد أدبائنا يكتب في تلك الحقبة المبكرة عن الأدب الروسي ويعبّر عن إعجابه الشديد ببساطته وواقعيته في معالجة هموم الطبقات المتوسطة والفقيرة، ويدعو أدباء الحجاز إلى الكتابة عن واقعهم لا عن خيالاتهم وهمومهم الذاتية. وربما كان أحمد قنديل من أكثر أدبائنا في تلك الفترة تأثراً بذلك التيار الواقعي، إذ اتجه إلى الطبقات الفقيرة وحاول التدسس إلى مشكلات الناس ومخاطبتهم باللغة التي يفهمونها. وهو يحمل في مقالته: «أدبنا كلمة على هامش الموضوع» على أدبائنا في تلك الحقبة متهماً إياهم بأنهم «سماويّون» لا ينظرون إلى الأرض، وان نظروا فهم لايؤمنون بالتدرّج الطبيعي ولا يريدون أن يكون أدبهم في متناول فهم الشعب. ورأى بعضهم أن ضعف الأدب في الحجاز إنما يرجع إلى ضعف الإحساس بالمواطنة. يقول محمد حسن فقي، في إجابته عن سؤال وجهته الصحيفة عن «أي طور نحن من أطوار حياتنا الفكرية»، إن إنعدام العصبية الجنسية في البلاد، نتيجة تدفق الهجرات، هو السبب الرئىسي في التخلف الفكري، إلى جانب أسباب أخرى مثل الموقع الجغرافي والفقر وما إليه. ويرى عبدالوهاب آشي أنه لابد من تفاعل الأدباء مع المناسبات الدينية والوطنية. وفي إحدى افتتاحيات «صوت الحجاز»، بعنوان «نصيب الأدب في موسم الحج»، يشيد الكاتب بانتعاش الأدب في موسم الحج في عهد صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز، بعد خمود هذا الموسم في العصور المتأخرة. وهو يرى في ذلك عودة إلى العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام، ويقول:«من حسنات هذا العهد على البلاد وهو عهد حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله، أن بعثت مواسم الأدب في هذه البلاد بعثاً ضمنيّاً منظماً. فقد أنطقت تلك الحسنات ألسنة الكثيرين من الخطباء والشعراء وحملة الأقلام، فراحوا يعبّرون عن ضمائرهم وشعورهم بشتى وسائل التعبير من شعر ونثر وثقافة وخطابة حتى استفاض الموسم بنتاج تفكيرهم، وهبّت على الأدب روح جديدة بعثت فيه لوناً من ألوان النشاط الذي ما كان يتاح لولا تلك الأسباب التي حدت به إلى الظهور...». ولكن هذه الافتتاحية المتفائلة لا تعبّر على أي حال عن الروح التشاؤمية التي رأيناها في معظم كتابات تلك الحقبة. وفي مقالة ساخرة لأحمد السباعي سنة 1356ه 1937م بعنوان «تصدير الأفكار بعد تصدير الفواكه» يؤكد فيها أن الأفكار يمكن تسويقها كتسويق المواد الغذائية تماماً. وهو يدعو إلى تصدير أفكارنا كما تصدرها بقية دول العالم المتمدن، ويقول:«وإذا كنا لا ننكر أن استعدادنا الأدبي تحت مستوى الأمم سالفة الذكر، لكن هذا لا يقلّل من ثقتنا في لفيف كبير من رجال الأدب عندنا إذا وجدوا بحبوحة من العيش وتشجيعاً». ويقول:«لنتضافر، إذن، على الاكتتاب أو المساهمة في هذا السبيل لتكون لنا جمعيات تجارية أو خيرية تزود المؤلفين وتقدم إليهم تكاليف السماد..». والسباعي هنا يربط بين بحبوحةالعيش وتصدير الأفكار، وكأنه يقول إن الجائع لا يستطيع أن يبدع شيئاً ولا أن يصدّر أفكاره إلى خارج البلاد، ولو أنه لم يبيّن لنا نوع الأفكار التي يمكن تصديرها إلى الشعوب الأخرى. د الدعوة إلى تأسيس الروابط والأندية الأدبية: لقد رأينا محاولات روّادنا الأدباء في تشخيص ذلك الضعف العام الذي لمسوه في الإنتاج الأدبي المحلي، وقد ربطوا بينه وبين الكثير من الظواهر الأخرى مثل ضعف التعليم وسطحية الثقافة وغلبة الأمية وتفشّي السلبية وضعف الإحساس بالبيئة والواقع الخ. ولكنهم اكتشفوا أيضاً أسباباً أخرى لذلك الضعف ومنها انعدام الرابطة الأدبية وعدم وجود أندية أدبية تشجع الأدباء وتحفزهم على البذل والعطاء. ولعل أول من نادى بتأسيس رابطة أدبية في بلادنا هو محمد سعيد عبدالمقصود، إذ نشر مقالة بتوقيع «متألِّم» في صحيفة «صوت الحجاز» سنة 1351ه 1932م، وكانت بعنوان «الرابطة الأدبية في بلادنا وضرورة وجود غرف مطالعة ودراسة». وقد دعا فيها إلى ضرورة تكوين رابطة أدبية تجمع جهود الأدباء، وضرورة تأسيس نوادٍ أدبية في جميع أنحاء البلاد. ونشر من سمى نفسه «كويتب» مقالة مماثلة بعنوان «حاجتنا إلى التعارف» طالب فيها بإنشاء جمعية أدبية يتعارف من خلالها الأدباء ويتقاربون. أما أحمد جمال فقد نشر سنة 1358ه 1939م مقالة سماها: «الأندية الأدبية وحاجتنا إليها» تحدث فيها عن أهمية هذه الأندية في جميع بلدان العالم. وقد أشاد بمبادرة جمعية الإسعاف الخيري في هذا المضمار، إذ جعلت الإسعاف منتدى أدبيّاً وثقافياً تلقى في رحابه المحاضرات ليلتين في الأسبوع ليلة الإثنين وليلة الخميس وقد لقيت تلك المبادرة إقبالاً كبيراً من الشباب ومن كافة الأدباء والمثقفين. ويدعو أحمد جمال إلى تعميم هذه الأندية الأدبية لأنها ضرورة تحمي الشباب من ارتياد المقاهي والسقوط في الموبقات. ه الدعوة إلى نقد موضوعي: لعل محمد سعيد عبدالمقصود (متألِّم) من أوائل من نادوا في صحيفة «صوت الحجاز» إلى نقد موضوعي بعيد عن المهاترات والأمور الشخصية. وهو يدعو إلى التسامح في النقد لحاجة البلاد إلى اجتذاب المواهب وتشجيعها. ويطالب في هذا المقال الذي نشره سنة 1351ه 1932م بعنوان :«الأدب في بلادنا» إلى أن يكون الانتقاد وليس النقد الأدبي محصوراً في بعض العادات والتقاليد الاجتماعية السيئة. وقد دعا محمد عبدالرحمن الصحّاف و «ابن رشيق» إلى مثل هذا الاتجاه في النقد. وأكّدت الصحيفة في إحدى افتتاحياتها عن النهضة الأدبية في الحجاز إلى ضرورة تجنّب النقد الذي من شأنه إشاعة اليأس وتثبيط الهمم. وفي العدد 132 من السنة الثالثة (1353ه 1934م) كتب محمد صالح نصيف افتتاحية بعنوان:«نهضتنا الأدبية المزعزعة البنيان هل من أمل في إصلاحها؟»، بيّن فيها النهج الذي سارت عليه صحيفة «صوت الحجاز» فيما يتعلق بالكتابات النقدية، وأن الصحيفة قد أقفلت الآن باب النقد لأنه يجرّ إلى خصومات عنيفة بين الأدباء. ويقول الكاتب إن هذه السياسة قد صادفت ارتياحاً عند بعض الأدباء، ولكنها لم تصادف هذا الارتياح عند فريق آخر فقاطع الجريدة. وهو يدعوهم هنا إلى تضافر الجهود من أجل الوحدة الوطنية ونهضة البلاد، كما يبيّن لهم طريق النقد الصحيح. ولكن رغم هذا النهج التوفيقي الجديد الذي أعلنه نصيف في سياسة الجريدة، فإن المهاترات والملاحاة الشخصية قد استمرت عند بعض الكتّاب. وقد ربط بعضهم بين النقد والأمور الوطنية. وها هو عبدالمجيد شبكشي يقول إن النهضة الأدبية في الحجاز لم تواكبها نهضة نقدية صحيحة، وإن النقد المتداول إما تقريظ محض، وإما طعن شخصي وانتقاد. ويشيرحسين نظيف، في مقالة له بعنوان: «الوطنية وغصن الزيتون» إلى العلاقة القوية بين السلام أي غصن الزيتون والوطنية، ويدعو الأدباء إلى الوئام والتقارب فيما بينهم. ويقول عناني في مقالة:«إلى متى هذا التلاحي؟» انه قد ملّ تلك الملاحاة الكلامية التي كانت تدور بين بعض الأدباء في جريدتي «المدينةالمنورة» و «صوت الحجاز» مبيناً الفرق بين الفوضى وحرية النشر: «.. وإني مع احترامي لحرية النشر أرى أن من الواجب الوطني وصحفنا قليلة جداً أن نملأ جميع أنهرها بالمواد الدسمة والدراسات النافعة التي تعود على المجموع بالفائدة التي أسست الصحف من أجلها، فذلك أفضل من أن تٌملأ بمواد تنال الشخصيات لا أكثر ولا أقل..». (و) بعض الشخصيات المنتقَدة: نشرت صحيفة «صوت الحجاز» عدداً من المقالات التي تتناول إنتاج بعض الأدباء المحليين بالنقد الفني أو التهكم، ومن أهمها مقالتان لحمزة شحاتة ينتقد فيهما كلاً من محمد حسن فقي وأحمد قنديل، ومقالة من ثلاث حلقات لمحمد حسن كتبي ينتقد فيها الشاعر أحمد إبراهيم الغزاوي. نشر حمزة شحاتة بتوقيع «ح» مقالته :«دراسات» يحلل فيها بعض الجوانب المهمة في كتابات محمد حسن فقي. ويتسم هذا التحليل بالدقة والنظرة الأصيلة والثقافة الواسعة. وكانت الجريدة قد صدّرت مقالة شحاتة بهذا البيان: «انتهز السيد محمد حسن فقي فرصة خلو نهار رمضان، عام 1353ه، من تكاليف العمل الرسمي، فوضع مذكرات يومية تبحث في الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأدبية، وصدّرها الأديب المعروف عبدالوهاب آشي بمقدمة شائقة. وقد وقعت هذه المذكرات في يد الأديب البارز «ح» فكتب عنها هذه الدراسة التي ننشرها اليوم كتوطئة لنشر هذه المذكرات بهذه الصحيفة بقدر ما تسمح به ظروف النشر... كما سيكون نشرها تمهيداً لطبعها في كتاب خاص». أما المقالة الثانية التي نشرها حمزة شحاتة (هول الليل) فقد كانت ضمن مقالاته الأخرى التي كتبها لصحيفة «صوت الحجاز» تحت مسمى: «حنْفشَعيَّات». وهي هنا عن صديقه الحميم أحمد قنديل وقد أطلق عليه لقب «أستاذ». ويصور شحاتة صديقه تصويراً فنيّاً رائعاً يمتزج دوماً بالدعابة وروح السخرية التي عُرف بها شحاتة في هذه المقالات. فيقول عن القنديل إنه بلدى أصيل، وإنه خفيف الظل، شاعر وأديب، اشتغل معلماً لمدة قصيرة بعد تخرجه من المدرسة. كما يصور فيه الجانب الفكه «المدردح»، ويقول عنه إنه رجل ملتصق إلى النخاع بالعادات والتقاليد، مستسلم لها، لا يعنى بشكله ولا بزيّه ولكنه يميل دوماً في أدبه إلى الابتكار والتجديد. أما محمد حسن كتبي فقد بدأ سلسلة مقالاته عن الغزاوي بتعريف «الشاعرية» أو النفس الشاعرة. وقد قسّمها إلى شاعرية فطرية وشاعرية تخلق نفسها، وهذه أحطّ درجات الشاعرية. ويقول عن شاعرية الغزاوي إنها من النوع الأخير، وإن شعره تقليدي صرف. ومن المقالات التهكمية ما نشره محمد سرور الصبان (أبو فراس) عن محمد حسن كتبي الذي يقول عنه إنه اعتزم نشر دراساته الأدبية في مجلة الرابطة العربية بمصر خشية التهريج الأدبي وسخرية الناس بالأديب وانتشار سرقة المقالات الأدبية في الحجاز، ولكن الكتبي، كما يقول الصبّان، عدل عن قراره ذاك وقام بنشر مقالاته في صحيفة «أم القرى» بناء على دعوتها له. ومن المقالات الساخرة ما نشره أحدهم، وقد رمز لنفسه ب «نصف أديب»، متحدثاً عن ضعف الأدب المحلي وكثرة الأدعياء فيه. وهو يقترح لو أن هناك كلمة أقل من «أديب» لوصف بها أولئك الأدعياء، ولكن ذلك لن يرضيهم قطعاً. وهو يعترف بأنه هو نفسه «نصف أديب» وليس أديباً كاملاً. ومن المقالات التهكمية ما كتبه «نبتون» بعنوان: «خنفشاريّة صميمة» تحدث فيها عن قصة وقعت بالمريخ حيث يوجد هناك جماعة من «الخنفشارية» ولهم جريدة بالعاصمة ينشرون فيها ما شاء لهم من الكذب والادعاء باسم الأدب. وفي مقالة هاشم يوسف زواوي «صور» يذكر فيها الكاتب أنه اجتمع مع شحاتة والعريف وضياء، وأنهم كانوا يتحدثون حديث العظمة ويطربون حين يسمعون ثناء من قارىء أو هتافاً من أحد. ويقول إنهم كانوا يتباهون بإنتاجهم الأدبي. وهو يسوق هنا بعض الصور التي كان قد كتبها حينما كان مقيماً بالبصرة. وقد نشرها آنذاك، ويقول إن في إعادة نشرها فائدة للمغرورين ومجانين العظمة. وجنون العظمة الذي يتحدث عنه الزواوي، والمنتشر فيما يبدو بين أدباء تلك الحقبة، يؤكده أيضاً حسين سرحان في مقاله الذي سماه «تيه الأدباء»، والذي يتحدث فيه أيضاً عن تيه الأدباء وكبريائهم وأن كثيراً منهم مصاب بعقدة النقص. فهم يتجاهلونه حين يرونه ويشمخرون بأنوفهم إلى السماء. ولكنه يستثني منهم الغزاوي وفؤاد شاكر والعامودي وعبدالله خطيب. وقد كتب كلٌّ من حسين سرحان وعزيز ضياء عن الأسماء المستعارة التي كانت رائجة في صحافة ذلك العهد. فكتب سرحان مقالته:«الأسماء المستعارة» ذكر فيها ولع الكتّاب في الحجاز بالأسماء المستعارة. وهو يحمد لهم ذلك التواضع، ولكنه يدعوهم إلى الكشف عن شخصياتهم الحقيقية لتقوية الروابط بين الأدباء والجمهور والمتلقي. ويقول إنه لا بأس من اختراع أسماء مستعارة لهم بعد أن يشبّوا عن الطوق ويشتهروا لا قبل ذلك، فهم لا يزالون في بداية الطريق. ونشر عزيز ضياء مقالة بعنوان:«أحاج ورموز» تحدث فيها عن الأدب في الحجاز مؤكداً قوة هذا الأدب وبأنه قد وقف في ذلك الوقت (1355ه 1936م) على رجليه ونضج. ومن فرسان ذلك الأدب، يذكر ضياء، «أبو فراس» و «هو» و «هول الليل» و «الصامت» و«سهران». ولكنه يشك في أن ما ينشر في جريدتي «أم القرى» و «صوت الحجاز» هو كل إنتاج هؤلاء. ويقول إن ما يخفونه ولا ينشرونه على الناس خوف التقاليد وضيق الحرية الفكرية هو أعظم بكثير وأوفر خصوبة وعمقاً. ثم يتساءل الكاتب عن هذه الرموز ويحاول، كما يقول، أن يهتدي إلى بعضها ولكن دون جدوى. ويلوم الكتّاب والشعراء على تخفّيهم تحت تلك الرموز، ويطالبهم بعدم التواضع، لأن التواضع إنما هو دليل الخور والضعف. (ز) تاريخ الأدب في الحجاز: لقد كان محمد سعيد عبدالمقصود هو الوحيد بين أدبائنا الذي اهتم في تلك الحقبة المبكرة بالتاريخ للأدب في منطقة الحجاز من العصر الجاهلي حتى العصر الحاضر. ودراسته التي صدّر بها كتابه (وحي الصحراء) سنة 1355ه، بعنوان :«الأدب الحجازي والتاريخ»، تعتبر دراسة رائدة في هذا المجال. ويبدو أن اهتمام عبدالمقصود بالأدب في الحجاز كان مبكراً، فقد نشر، بتوقيع «متألّم»، في العدد الخامس من السنة الأولى من صحيفة «صوت الحجاز» سنة 1351ه 1932م مقالة بعنوان: «الأدب الحجازي»، وفيه لمحة عن نشأة هذا الأدب في العهدين التركي والهاشمي. ثم نشر بعد ذلك، سنة 1353ه 1934م بتوقيع «الغربال»، سلسلة من المقالات تحت مسمّى: «الأدب في أدواره التاريخية في الحجاز» تحدث فيها عن هذا الأدب في العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام والعصر الأموي والعصر العباسي وعصر القلاقل والفتن والعصر العثماني والعصر الهاشمي. ومن المرجح أن الدراسة التي نشرها في كتاب (وحي الصحراء) ليست سوى تلخيص لهذه المقالات التي سبق أن نشرها في صحيفة «صوت الحجاز». وقد أهمل في مقدمة (وحي الصحراء) بعض الموضوعات التي تطرق إليها في مقالاته السابقة مثل: «الشبيبة الحجازية»، «الأدب الحجازي والتقليد»، «الأدب الحجازي والنقد» الخ. وكتب عبدالله عمر بلخير ومحمد سعيد عبدالمقصود مقالة مشتركة في صحيفة «صوت الحجاز» (سنة 1354ه 1935م) بعنوان: «كلمة لابد منها حول كتابنا عن أدباء الحجاز» تحدثا فيها عن الهدف من تأليف هذا الكتاب المزمع نشره، وعن خطة الكتاب وطريقة تنفيذها، كما أشارا إلى غضب بعض «مدّعي الأدب» لإهمال المؤلفيْن نشر إنتاجهم. ويبدو أن عدوى الحديث عن الأدب في الحجاز قد أصابت أدباء آخرين في تلك الحقبة، فكتب حمزة أضْلني عن «أطوار الأدب في الحجاز على العموم وفي المدينة على الخصوص»، كما كتب سليمان قاضي:«حياتنا الأدبية والاجتماعية» ويركز فيها على مسقط رأسه، مدينة الطائف. وكذلك كتب عبدالله عريف مقالة بعنوان :«عصران وأمل» وهي عن التاريخ الأدبي والثقافي لمنطقة الحجاز. وهناك مقالة طريفة كتبها أحمد السباعي بعنوان «الأدب النسوي في الحجاز» ذكر فيها أنه اطلع على كراسة أدبية تشبه المذكرات لآنسة حجازية عاشت في هذا القرن، وماتت لبضع سنوات خلت. ويورد السباعي فقرات من كتابة هذه الأديبة المجهولة. ونكتشف فيما بعد أن السباعي إنما كان يضحك من قرائه، وقد اعترف بكذبته تلك. (ح) الأدب العربي الحديث: لقد كان معظم ما نشر في هذا الباب يتركّز على الأدبي العربي الحديث في مصر. فقد نعى أدباؤنا بعض الاعلام من الشعراء، كما فعل محمد حسن فقي وعبدالوهاب آشي في نعيهما لأحمد شوقي، سنة 1351ه 1932م ، وكما فعل أحمد عبدالله الفاسي في رثائه لشاعر فلسطين سليم أبو الاقبال اليعقوبي. ولكن هناك بعض المقالات التي تحدثت عن بعض الأدباء الأحياء، كما فعل أحمد عبدالغفور عطار في مقالته عن «الدكتور طه حسين بك»، وقد زاره في منزله بالقاهرة وألقى عليه بعض الأسئلة. وكما فعل حسين عرب في سلسلة مقالاته عن «عصفور من الشرق» لتوفيق الحكيم، ومحمد عمر توفيق الذي تحدث أيضاً عن توفيق الحكيم في «براكسا أو مشكلة الحكيم». ومما قاله حسين عرب عن توفيق الحكيم إنه أول من أطلع العرب على أن حضارة الغرب مادية محضة وأن حضارة العرب روحية، ولو أن الحكيم، كما يشير عرب، ليس أول من نعى على الغرب حضارته المادية، بل سبقه إلى ذلك بعض الغربيين أنفسهم، وأشهرهم جورج دوهاميل. ولكن الحكيم أول من طرق هذا الموضوع من العرب في عمل إبداعي. ويقول عرب إن اشتراكية الحكيم ليست الاشتراكية المادية المتعسفة التي يضيع فيها الفرد، بل هي الاشتراكية الإسلامية الرحيمة. ويشيد الكاتب بالروح الفكاهية عند توفيق الحكيم، ويقول إنها من أسباب إقبال سواد القراء على كتاباته. وأشاد بعض أدبائنا بالاتجاه الديني الذي تحوّل إليه الأدب المصري في ذلك الوقت. وها هو عبدالقدوس الأنصاري ينشر مقالة في «صوت الحجاز» عام 1354ه 1935م بعنوان :«ظاهرة مجيدة في نهضة الأدب العربي ماذا يجب أن يكون موقفنا تجاهها؟ »، وقد تحدث فيها عن عودة الأدب العربي الحديث إلى الحضارة الإسلامية العربية ونبش كنوزها الثمينة وإخراجها في ثوب جديد، بعد أن كان يرتكز على الحضارة الغربية ويتخذها مثله الأعلى. والكاتب يدعو الأدباء الحجازيين إلى المشاركة في هذه النهضة الجديدة، لأن الحجاز موطن الإسلام والعروبة. ويذكر من رمز إلى نفسه ب «ميم»، في مقالته :«بين الدين والأدب» 1355ه 1936م عودة الصلات بين الدين والأدب في السنوات الأخيرة في مصر، ويستشهد على ذلك بالكتابات الجديدة لكل من طه حسين وهيكل وأحمد أمين وتوفيق الحكيم في (على هامش السيرة) و (حياة محمد) و (فجر الإسلام) و(ضحى الإسلام) و (أهل الكهف) و (محمد). وهناك مقالة مهمة لأحمد قنديل بعنوان :«فروض مصر الأدبية نحو جيرانها»، نشرها في «صوت الحجاز» سنة 1359ه 1940م، كتبها، كما يقول، إثر زيارته لمصر في العام السابق. ويشيد في هذه المقالة بالعلاقات الجيدة بين مصر والمملكة، ولكنه يأخذ على المصريين عدم اهتمامهم بالتعريف بالثقافة العربية والمجتمع العربي لقرائهم المصريين. فدور مصر، كما يقول القنديل، هو دور المعطى فقط وليس دور المتلقي الذي يحاول تنوير أبناء شعبه بالحياة والثقافة في البلدان العربية الأخرى. ويقول إنه على الرغم من معرفة هذه البلاد بكل شيء عن مصر «تجد مصر جاهلة حتى بوجود نزعة أدبية أو ثقافية في كل هذه الأقطار أو بعضها. ونقص واضح أن يعتبر الحجاز، مثلاً، مجالاً موحشاً غامضاً في رؤوس الكثير من المصريين المتعلمين حتى لكأنه من مجاهل أفريقيا السحيقة». ويشيد الكاتب ببعض الجهود الفردية، مثل جهود هيكل في التعريف والكتابة، ولكنها، كما يقول، جهود ضئيلة لا تكفي. (ط) الأدب العالمي: لا يوجد في «صوت الحجاز» عن الأدب الغربي أو العالمي إلا القليل، وان كان هناك بعض الترجمات، كما سنرى فيما بعد. ومن هذا القليل مقالة «أبولو» (محمد حسن عواد؟) : «جولات في العالم نبتون» التي يتحدث فيها عن هذا الكوكب الذي اكتشف مؤخراً وأضيف إلى السيّارات الأخرى، المريخ والمشتري وعطارد الخ.. وفي المقال حديث عن الميثولوجيا عند اليونان، وبخاصة في الالياذة، وكيف أن اليونانيين قد حاكوا الأساطير حول الكواكب وجعلوا منها آلهة. ويقول الكاتب في آخر المقال انه كان يتمنى لو كان في الأدب العربي مثل هذه الميثولوجيا، ولتحل الشياطين والجن محل الآلهة الوثنية عند اليونان، لأن مثل هذه الأساطير تغني الأدب وتبعث فيه الحيوية والتأمل. ونبتون عند اليونانيين ليس كوكباً بل هو إله البحار. وكتب من رمز إلى نفسه ب «هانىء» مقالة سماها :«جي دموباسان في الماضي الحي أو بيتروجان» تحدث فيها عن موباسان الأديب، صاحب الإيقاع وقوة التأثير الذي يُعنى بتصوير النفس وارتياد المجهول. والكاتب إنما يعرض في الحقيقة قصة موباسان التي سبق أن ترجمتها ونشرتها دار الهلال. وفي مقالة «تعليقات» لمن سمى نفسه «إياه» إشارة إلى جائزة نوبل التي نالها ذلك العام، 1936م، المسرحي الأمريكي أوجين أونيل. ويتساءل الكاتب عن الأدب العربي الحديث ومدى استحقاقه لهذه الجائزة، ويقول إن الأدب العربي لا يزال بحاجة إلى ثورة كبيرة تلحقه بمصاف الآداب الغربية المسيطرة على العالم. الخواطر والتأملات ونقصد هنا بالخواطر والتأمّلات تلك المقالات التي يكتبها الأديب استجابة لبعض المواقف أو المشاعر أو التأملات الشخصية، ويهدف منها إلى الإصلاح أو مجرد البوح والتعبير عن النفس القلقة. وفي مثل هذه المقالات يبتعد الكاتب غالباً عن الأسلوب التقريري المباشر ويلجأ إلى التصوير أو التعبير الشعري أو إلى السخرية اللاذعة. وفي معظم الحالات نجد أن هذه المقالات تكتسب قيمة أدبية لا يمكن أن تصلها المقالات الصحفية الأخرى التي تهدف إلى مخاطبةالقارىء على نحو مباشر. ومن أهم من كتب هذه الخواطر والتأملات في صحيفة «صوت الحجاز» كلٌّ من محمد حسن فقي وعزيز ضياء وأحمد السباعي وحمزة شحاتة وحسين سرحان ومحمد علي مغربي وإبراهيم هاشم فلالي. وقد كتب بعضهم هذه التأملات تحت عناوين ثابتة كما فعل الفقي في «يوميات»، و السباعي في «الرسائل المطوية»، وشحاتة في «حنفشعيّات»، والمغربي في «من أحاديث النفس» وسنورد فيما يلي نبذاً عن هذه المقالات الأدبية الطريفة، مسلسلة حسب تواريخ نشرها. محمد حسن فقي في «يوميّات»: كتبت الصحيفة في مفتتح هذه اليوميّات البيان التالي: «كانت الجريدة قد وعدت قراءها من زمن طويل أن تنشر «يوميات» الأديب السعودي محمد حسن فقي بعد أن نشرت مقدمتها، وقد حالت الظروف دون ذلك. والآن وقد تفضل حضرة الأديب بإجابة طلبنا، فنحن نبتدىء نشرها بالتتابع دون مراعاة لتسلسلها التاريخي». والملاحظ أن الكاتب لم يضع عنواناً مستقلاً لكل يومية بل بدأ كلاً منها بتاريخ كتابتها. وقد بلغت ثماني حلقات كتبت جميعها، ما عدا واحدة منها، في شهر رمضان من سنة 1353ه. ولعل الحلقة الأولى من تلك اليوميات تلقي أضواء على طبيعة الشاعر والأديب الذي يتهم غالباً بالكآبة والتجّهم. فهو يروي أقوال صديقه الذي يأخذ عليه تجهمه وتشاؤمه، فيجيبه الفقي بأن للطبيعة أو الوراثة أثراً كبيراً في التركيب النفسي للشخصية، ومن المحال أن نطالب الخليع بالحزن أوالمرح بالكآبة. وكان على الطبيعة أن تخلق من قلوب الممتازين حجارة لا تتأثر ولا تلين.وفي يومية أخرى يعجب الكاتب بالرجل يكتم عواطفه إرضاءً للناس ولكنه أشد إعجاباً بالرجل على سجيته لا يستمد البكاء أو الضحك إلا من نفسه وطويته. ويتساءل في يومية ثالثة عن الحقد أهو فضيلة أم رذيلة؟ وهو يرى أن الحقد فضيلة تدل على صدق الإحساس وعزة النفس. ولكن الحقد الذي يقصده الفقي هو الحقد على الخليع والظالم والمتلون. فالحقد وان كان شرّاً إلا أنه يدل على الإحساس الإنساني، بعكس الموقف السلبي واللامبالاة. وفي يومية أخرى يدعو الفقي إلى الامتزاج بالطبيعة والناس، فالمدنيّة تصقل الفكر ولكنها تحجب الروح بحجاب صفيق بغيض يزيد في مكر الإنسان وخبثه. وعموماً فإن يوميات الفقي تتميز بمسحة شعرية جميلة، وبعمق فلسفي أخاد، وان كانت تطغى على كتاباته مسحة من الحزن والكآبة. عزيز ضياء: لم يكتب عزيز ضياء مقالاته تحت عنوان واحد، بل كتبها متفرقة وفي سنوات متعددة، بدأت بسنة 1351ه 1932م مذيلة بتوقيعه القديم: «عبدالعزيز ضياء الدين». وفي مقالة سماها :«الإنسان والبؤس» تحدث فيها عن البؤس وأنه سر التقدم وسر التفوق الإنساني. ثم كتب في السنوات التالية عدة مقالات، منها مقالته «استيقظ» وهي أشبه بالشعر يخاطب فيها الكاتب إبنه، ويبدأ كل فقرة منها بجملة:«استيقظ يا بني» على الطريقة المهجرية الرومانتيكية، يدعوه فيها إلى الاستيقاظ عند الفجر مع استيقاظ الطبيعة، وأن يمجد أمته ووطنه، ويجعل أمته فوق الأمم جميعها. كما يدعوه إلى الإيمان بأن الحياة هي القوة وأن القوة هي الحياة. وكذلك فإن مقالته «في الليل» تشبه في روحها الرومانسية مقالته «استيقظ»، وهي أقرب إلى الشعر المنثور المعروف عند جبران، ويناجي فيها ضياء حبيبته الهاجرة، مردداً كلمة «يا ملاكي»، يذكّرها بالليل وأسراره وألغازه وما يحسه نحوها من حب عميق، ويذرف على آلامه وآلامها سيولاً من الدموع. أحمد السباعي في «الرسائل المطوية»: رسائل السباعي «المطوية» المتأملة لا تتجاوز خمس حلقات نشرها ما بين سنتي 1353 1358ه (1934 1939م). يقول، أو تقول الصحيفة في أولاها إنها «خلجات نفس يبثها الكاتب إلى صديقه في هذه الرسائل تتناول كثيراً من اجتماعياتنا». وفي هذه الرسالة الأولى، التي نشرت في العدد 127 من سنة 1353ه، يكتب السباعي عدداً من الرسائل المرقّمة، التي رغم قصرها تنبض بالحركة والحيوية والذكاء، وفيها الكثير من السخرية والفن الرفيع. وفي رسالة ثانية بعنوان :«حذار أن تكون ضعيفاً» يوجه السباعي الخطاب كعادته إلى صديقه ويقول له بعد كل فقرة: «فحذار يا صاحبي، حذار أن تكون ضعيفا». والكاتب هنا يحذّر من الضعف في جميع المواقف وفي جميع أدوار الحياة. ورسالته: «أإغراء هو لا أدب مع السقوط» يوجه السباعي رسالتين، الأولى إلى من يبالغ في مدحه حتى ليكاد يصيبه بالغرور، والثانية يرد فيها على صديقه الذي تورّط في أدب مكشوف. وفي رسالتيه اللتين سماهما :«الجمال والسعادة»، وقد وجّهها إلى صديقه سليم، يقول السباعي إن السعادة وهم يتوهمه الإنسان، ويقول: «كن قويّاً إلى أبعد حدود القوة، واصطنع لنفسك كلما استدعى الأمر حدّاً جديدا تستشعر فيه «الجمال والمتعة والأنس». ويقول لصديقه سليم: إن تدلهك بالحب والجمال يغض من قيمة الحياة وخشونة الرجولة وطموحها. ويعترف له بأنه يهفو مثله إلى الحب والجمال، ولكنه لا يميع فيه فيفقد توازنه كرجل ذي طموح وكرامة. ولم تقتصر مقالات السباعي التأملية على هذه الرسائل، فقد كتب مقالات أخرى تتخذ الطابع نفسه من النقد الساخر والتمرد على الضعف والمألوف، والطموح إلى تحقيق الرجولة والقوة. ففي مقالته :«كن جميلاً ترى الوجود جميلاً» يقول السباعي: «إن الجمال نسبي، الجمال وهمي، الجمال نقطة أنت تخلقها ثم تعود فتعتبرها غاية تصبو إليها». وفي مقالة طريفة بعنوان: «في الراديو» يتخيّل السباعي أن فتى جنيّاً من جبل أبي قبيس يلقي محاضرة بعنوان :«في صحف الجن». والمقال قد صيغ في قالب ساخر طريف يتحدث عن الجن ومفكريهم وأدبائهم وصحفهم، وكيف أنهم يختلفون عن الإنس في الصراحة والبعد عن النفاق والأنانية. ويسوق الكاتب نصوصاً متخيلة من أدبهم وأفكارهم.