وكيل وزارة الإعلام المساعد لشؤون التلفزيون.. في ردك على ما أشرت إليه من تواضع مستوى مايقدمه تلفزيوننا العزيز في قناته الأولى.. أسهبت في ذم «الفضائيات» واستهجان ماتقدمه من برامج.. والتي وصفتها «بالمداولات والحوارات والمشادات الكلامية المفتعلة» والتي تستغفل المشاهد.. ولست أدري.. لماذا نفترض «بالمشاهد» الانشداد إلى ماذكرته.. لنمارس عليه.. وبفوقية لا مبرر لها.. ذوقنا الخاص.. ونلغي استقلاليته ورأيه وفكره.. وإذا كان ثمة مايعنيني «موضوعياً» فيما أشرت إليه.. فإنني أعتقد ان المشاهد.. قد وصل إلى درجة من الوعي والفكر والرأي والذوق.. درجة نتمنى ان يواكبها التلفزيون العزيز.. وان يسد حاجته الماسة.. إلى مايحترم ذوقه وفكره.. ويكرس وعيه ووطنيته.. وإذا كان «الصراخ والابتزاز المالي واستجداء الأصوات.. صفات مقبولة لحد ما.. في القنوات الفضائية التجارية لكسب ا لقوت والمحافظة على أدنى من المنافسة والبقاء..» كما ذكرت. فكم نتمنى.. أن يكون الطرح الجاد.. والتنوع الهادف.. واحتواء كافة الأذواق.. واحترام فكر المشاهد.. اعتبارات قيمية لكل مايقدمه جهازنا الإعلامي العزيز «التلفزيون» الذي تتولى «أنت» مسؤولياته الاشرافية. وحتى تحمينا «بتميز» مايطرحه التلفزيون.. من اللجوء إلى قنوات الرقص.. والصراخ.. والابتزاز إلى آخر ما ذكرت ووصفت.. وشخصت كم نتمنى يا «دكتور» لو لم تكن.. هذه الكمية المتراكمة من البرامج الحوارية التي ظهرت فجأة.. في تلفزيوننا العزيز.. المتواضعة إعداداً وتنسيقاً وإخراجاً..! كم نتمنى يا «دكتور» لو لم تضطر.. إلى إعادة عرض برنامج مسابقات باهت تنتجه إحدى الفضائيات العربية.. لتكرروا تقديمه إلينا.. بكل هناته.. وأخطائه..! كم نتمنى يا «دكتور».. لو تم مراجعة برامج المنوعات لدينا.. قبل تقديمها وفرضها على المشاهد.. و«مايطلبه المشاهدون» صورة كربونية بلا ملامح ل «شريط المنوعات» وإعادة مونتاج مملة ل «مجلة التلفزيون» التي لم يطرأ عليها تغيير منذ أيام الأبيض والأسود. ناهيك.. عن «أفراح وتهاني» الذي يتنقل بين قصور وصالات الأفراح والمناسبات.. ليسأل العريس عن شعوره في هذه الليلة..؟.. ويسأل والد العروس عن أحاسيسه بهذه المناسبة..؟ ألا تعتقد يا «دكتور» ان ثمة قضايا أهم من تلك..؟ ألا تعتقد ان ثمة منافذ للبهجة والترويح غير «ماهو شعورك»؟ فالشعور بائس وممل.. ياسعادة «الوكيل».. كم نتمنى يا «دكتور» لو استقرأت آراء المشاهدين في هذه البرامج في استبيان علمي.. موضوعي لتدرك الحقيقة.. أو بعضها..؟ وأعود إلى البرامج الحوارية المتشابهة.. والمستنسخة التي تمر بطفرة لم يشهد لها تاريخ التلفزيون مثيلاً..! والتي مازالت برغم «جدية ووجاهة» بعض حلقاتها مثل «حدث وحوار» تعاني تكراراً في مواضيعها وتواضعاً في الإعداد والإخراج.. حتى أصبح اجتهاد بعض «مقدميها» الملاذ الوحيد من رتابة هذه البرامج.. ثم أليس من المضحك والغريب.. يا «دكتور» أنكم لم تكتشفوا إمكانات الدكتور عبدالله محمد الفوزان في التقديم إلا بعد ظهوره في إذاعة mbc لتقحموه في برنامج حواري مباشر يقدم ثلاث مرات في الاسبوع.. كم نتمنى يا «دكتور» لو تتم إعادة صياغة البرامج وفق مناهج اختصاصية مستقلة.. تلتزم بقضايا معينة.. وبأساليب معالجة منهجية.. وبتوقيت وتنسيق دقيق.. يستفيد منه المشاهد.. كم نتمنى يا «دكتور» لو تفضلتم بعرض المسرحيات «المحلية» التي لاقت استحسان المشاهد العربي وفازت بجوائز تقديرية لتميزها.. وكم نتمنى لو تم عرض الندوات الثقافية التي نفذها المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دوراته السابقة. وكم نتمنى لو تم تقديم الأعمال الغنائية للفنانين السعوديين التي تم إعدادها بمناسبة مرور عشرين عاماً على تولي خادم الحرمين الشريفين عبر مسرح التلفزيون الذي توقف منذ سنوات. ولاسيما أنت تعلم مدى خصوصية هذه المناسبة الوطنية الغالية للمشاهد المحلي.. وكم نتمنى.. وأنت المفعِّل والمشجع للبرامج الحوارية «الهادئة» لو أُستضيف فيها المثقفون.. والمفكرون.. والأكاديميون وكتّاب الرأي.. في بلادنا.. لعرض وتحليل لقاءات سمو سيدي ولي العهد الأمير عبدالله.. بالنخب الدينية، والعلمية، والإعلامية، والاقتصادية وشرح أبعادها.. ومعطياتها الوطنية.. بدل الاكتفاء بحلقة واحدة كان ضيوفها الدكتور عثمان الرواف والاستاذ عبدالرحمن الراشد . وكم كنت أتمنى.. ان يبتعد تعليقك في ردك على مضامين الطرح الإعلامي للفضائيات عن استعراض مجانيتها.. وترخصها.. واسفافها إلى «رد» فعلي وممارسة إعلامية ينتهجها تلفزيوننا العزيز.. في وقت تعلم فيه «أنت» قبل الجميع أنه لاتنقصنا الإمكانات ولا الإرادة الفاعلة في تكوين فعل إعلامي تلفزيوني متميز ولاعزيمة المخلصين الصادقين في وزارة الإعلام التي يتولاها رجل مثقف لامع ويساعده مسؤول جاد ونابه ومتمرس في العمل الإعلامي، وكلاهما مؤازر بتشجيع المسؤولين والقياديين في بلادنا.. لكل عمل صادق مخلص.. وفاعل مثمر..! ويبقى عليك ياسعادة «الوكيل» ان تدير العملية التنفيذية في جهاز التلفزيون.. وان تناقشنا بالأجدى والأنفع.. وأن نصل سويا إلى «كلمة سواء» في أريحية قبول الرأي المخالف.. واحترام وجهات النظر الأخرى. أما ما ذكرته من عدم «مشاهدتي للتلفزيون منذ أربع سنوات» فيسرني ان تعلم أنه يحزنني أن لا أجد «دائماً» مايغريني بالمشاهدة حتى برنامج «الملف الثقافي» الذي يعرض الثانية صباحاً..؟! وأما برنامج «دعوة للحوار» من عدم «تفرغ مقدمه الدكتور سعود المصيبيح للاعداد والتقديم». فقد تجشمت عناء المبادرة بعدم الاهتمام والحماس لهذا البرنامج مما حدا بمقدم البرنامج إلى التوقف..؟ وبودي أن أتساءل عن «الأوقات المتاحة» التي ذكرت ان برنامج الدكتور محمد العوين الثقافي يعرض خلالها.. حتى أتمكن من متابعته..! ... وبعد الأماني والتساؤلات.. يا «دكتور». فلا أعتقد ان ثمة مبرراً موضوعياً لإقحامك «ضيف الفضائية المقيمة في قطر» في ردك عليَّ.. وأنت الإعلامي المخضرم.. وأنت .. والمشاهد.. والقارئ.. وأنا.. نعلم أن «عدم ظهور الفنانات والراقصات على شاشة التلفزيون» أمر لايضير ذلك «الضيف» ولم يطالب به.. لا منطوقاً.. ولامفهوماً في فحوى حديثه..ألم يكن ثمة مسلك للنقاش معه غير الإسقاط بذلك الشكل...؟ وكلنا يعلم.. وضوح الرؤية.. وحضارية التعامل والحوار التي يتسم بها ذلك «الضيف» وليس ذلك مقام استعراض دوره الإعلامي والثقافي الطليعي في بلادنا.. كما اننا جميعاً نعلم مثلما تعلم «أنت» ونتيقن تماماً ان «الركائز الدينية والوطنية والاجتماعية التي بُنيت عليها التلفزيونات الحكومية» ونحرص.. مثلما تحرص.. ان يكون إعلامنا الرسمي ملتزماً بثوابته وقيمه الأساسية.. والتي أتمنى ان نعيها ونتمثلها يقيناً وممارسة إعلامية.. وألا نجعلها مجالاً للاستعداءات.. والمزايدات.. وأن يرتفع مستوى وقيم الحوار بيننا إلى صيغة حضارية تقبل مختلف الآراء.. وتسودها قيم التعددية.. وروح التسامح.. فكلنا للوطن.. ولأجل الوطن.. لقد تمنيت يا دكتور.. ان يكون للبرامج المقدمة في حج هذا العام 1422ه أثر نوعي في تطوير الأداء التلفزيوني تقديماً ومونتاجاً واخراجاً..بدل ان يكون منظر الحجيج في «منى» خلفية حية لتلك البرامج.. وان يتم اطلاع المشاهد.. على حجم الجهد الصادق والعظيم الذي بذلته القيادة الحكيمة والذي كان محوراً للنجاح الذي شاهده متابعو القنوات التلفزيونية وصورته قناة «الجزيرة» بفنية ومهنية عالية.. بدلا من الاطناب والاستنساخ الممل الذي عودتنا عليه قناتنا الأولى فبرغم الإمكانات الفنية والبشرية التي توفرت لها إلا أننا لم نلحظ جديداً يذكر على ما كان في الأعوام السابقة.. فتفاصيل الخدمات المقدمة للحجيج والتجهيزات العظيمة التي وفرتها الدولة لم يتم التعامل معها أو عرضها من خلال البرامج المقدمة، وبما فيها «ليالي منى» والذي كان صورة نمطية لبرامج حوارية لم تتوفر لها من قبلكم عوامل النجاح والوصول..ولم يتم نقلها للمشاهد بحيويتها.. ومواكبتها الجادة لهذه المناسبة.. إن ما يهمنا.. ويعنينا كمواطنين.. ومشاهدين.. ان يتطور مستوى أداء الجهاز الإعلامي الحيوي «التلفزيون» الذي حملتَ يا «دكتور» أمانة مسؤوليته التنفيذية المباشرة.. إلى الدرجة الفاعلة التي تعي حركة المتغير.. وتعي تعدد.. وتنوع.. وسائل النقل.. والفضائيات لتواكب الأحداث.. بمايسهم في مواكبة الواقع.. والمتغير..ولله الأمر من قبل ومن بعد.. محمد الدبيسي