منذ نشأة الإنسان الأولى والغذاء يعتبر من أهم ما يشغل باله وفكره وربما فطن الإنسان منذ عصوره الأولى إلى ضرورة صيد بعض الحيوانات واستئناسها ثم ذبحها ومن ثم استهلاك لحومها ثم تتقدم مسيرة الحياة وتتقدم معها كل علوم الحياة، ويبدأ علم صحة الحيوان في النهوض حيث تتحدد معالمه في الفحص والاشراف الصحي على مختلف أنواع اللحوم التي يتناولها الإنسان وذلك من منبعها حتى وصولها إلى المستهلك ويتضح من ذلك واجب المتخصصين في ذلك المجال، حيث يتحتم عليهم توفير نوعية جيدة من اللحوم وأن تكون مقبولة لدى جمهور المستهلكين، علاوة على كونها خالية من مسببات الأمراض سواء كانت جرثومية أو طفيلية أو سمية. وفي ذلك المجال نجد العديد من الامراض البكتيرية والفيروسية والفطرية والتي يمكنها جميعاً أن تصيب اللحوم وتؤثر عليها، بل تمرضها وتفسدها ومن ثم تصبح غير صالحة للاستهلاك الإنساني علاوة على أن العديد من الامراض التي يمكن أن تنتقل من اللحوم إلى الإنسان وتسبب ضرراً جسيماً للإنسان بل وقد تودي بحياته وحيث اننا نعيش في بداية قرن جديد وبداية الفية جديدة تشهدان تزايداً مستمراً في الوعي والادراك الذي تؤثربه البيئة في صحة الإنسان والعلاقة التي تربط كل منهما بالآخر وقد عم هذا الوعي جميع الدول حيث أصبحت تواجه مشاكل بيئية حادة ناتجه عن النمو الاقتصادي والسكاني وزيادة متطلبات الإنسان تبعاً لارتفاع مستوى معيشته والتي أدت إلى تغير بين الإنسان وبيئته التي يعيش فيها فطرأت مشاكل جديدة تطلبت بذل الجهد لإعادة التوازن البيئي ومن هذا المنطلق فقد أولت وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة في الامانات والبلديات اهتماماً كبيراً بهذه العلاقة وضرورة جعلها تميل لصالح الإنسان في هذه الارض الطيبة وذلك بالمحافظة على صحة البيئة والصحة العامة عن طريق إنشاء مسالخ آلية مصممة ومنفذة وفقاً لأحدث الأساليب العلمية ويوجد بكل مسلخ عدد من الأطباء البيطريين المدربين والذين يحملون خبرات واسعة في الكشف على اللحوم قبل وبعد الذبح لتقرير صلاحيتها للاستهلاك الادمي وكذلك إجراء الفحوص المعملية في المختبر وليس هناك أدنى شك في أن صحة وسلامة المستهلك تعتبر الهدف الاساسي والأهم التي يتكاتف الجميع من أجلها وتعتبر اللحوم أحد أهم العوامل التي تلعب دوراً أساسياً في صحة وسلامة الانسان واللحوم الحمراء من الأغذية ذات الطعم المستساغ اضافة لقيمتها الغذائية العالية لكونها تحتوي على المكونات الغذائية الأساسية من بروتينات ودهون وكربوهيدرات وفيتامينات وأملاح معدنية كما أنها من المواد الغذائية سريعة الفساد إذا ما قورنت بالعديد من المواد الغذائية الأخرى حيث ان مكوناتها المشار إليها تفي بمعظم متطلبات النمو للكثير من الميكروبات المرضية إضافة إلى أن درجة PR للحوم ونسبة الرطوبة بها تعتبر مناسبة لنموها وأن سلامة اللحوم وصلاحيتها للاستهلاك البشري يؤثر فيهما عوامل كثيرة منها طريقة الذبح والسلخ والإعداد والمحافظة على نظافتها لذا يجب على المستهلك أن يذبح ذبائحه في المسالخ البلدية والتي أنشئت من أجله والتي تتوفر فيها الشروط الصحية. والعاملون في المسالخ البلدية والقائمون بعملية الذبح والسلخ والإعداد والتداول لديهم شهادات صحية سارية المفعول وتحت رقابة صحية من أشخاص مؤهلين علمياً ولديهم خبرة وكفاءة كبيرة ويعتبر الذبح في المسالخ غير النظامية واقعاً ملموساً وظاهرة قائمة رغم ما ينطوي على عملية الذبح في المسالخ غير النظامية من الجوانب السلبية التي تساهم بشكل كبير في انتشار بعض الامراض وفي احيان اخرى عدم امكانية السيطرة على العديد منها على الرغم من اتخاذ كافة التدابير والاجراءات الوقائية لذا فان ظاهرة الذبح في هذه الاماكن المشار اليها لها آثار سلبية عديدة على الاصحاح البيئي. ولايخفى على الكثيرين أن هناك العديد من الامراض الوبائية المعدية المشتركة التي تنتقل من الحيوان الى الانسان وتسبب للانسان تأثيراً صحياً سلبياً مؤقتاً أو مستديماً هذا بجانب الخسائر المادية والاقتصادية الفادحة التي قد تنجم عن عدم الالتزام بالضوابط الصحية أو المعايير الفنية البسيطة في سبيل تحقيق الاصحاح البيئي ويعتبر من المهام الرئيسية للعاملين في مجال صحة اللحوم العمل على حفظ اللحوم بكل وسائل الحفظ المتاحة كافة، وأن تكون صالحة للاستهلاك أطول فترة ممكنة ويؤدي العاملون في مجال صحة اللحوم ومنتجاتها دوراً فاعلاً في الاشراف على المسالخ، وذلك لتحقيق كثير من الاهداف المنوطة بهم في ذلك المجال الحيوي حيث انه حين تبلوت ونفذت فكرة إنشاء المسالخ البلدية تمكنت تلك المسالخ من حماية الانسان من أخطار بعض الامراض الفتاكة في ذلك الوقت، ثم تدرجت عملية إنشاء المسالخ حتى وصلت إلى المسالخ الآلية الحديثة والتي تدار بأحدث النظم وأدق التقنيات لتذبح بها مختلف الحيوانات وبما أن المسالخ البلدية لها دور كبير في المحافظة على الصحة العامة وصحة البيئة وصحة المستهلك فإنني أوجزها بعجالة بالنقاط التالية: 1 ذبح الحيوانات بصورة جيدة حسب أحكام الشريعة الإسلامية والتخلص من الحيوانات المريضة. 2 يتم بالمسالخ البلدية تجميع الناتج الضخم من عمليات الذبح كما يتم إحكام السيطرة على التعامل مع مخلفات هذه العملية حيث يتم التصرف فيها خلال القنوات الاقتصادية والصحية مما يترتب عليه تسهيل حل بعض المشاكل مثل مشكلة تلوث البيئة. 3 تقوم المسالخ البلدية بدور هام وحيوي في تجارة اقتصاديات اللحوم بما تقدمه من إحصائيات وبيانات هامة تساعد على رسم الخريطة الاقتصادية لهذه السلعة الهامة يؤدي بالتالي إلى نموها وانتعاشها اقتصادياً. 4 يتم بالمسالخ البلدية الكشف عن الامراض التي تنتقل من اللحوم إلى الانسان ومنها مرض السل والبروسيلا«المالطية» والديدان الشريطية وكذلك الكشف على الامراض المعدية والوبائية التي تصيب الحيوان والتخلص من معدومات الأعضاء والذبائح بالطرق الصحية. 5 وقاية الانسان من لحوم فقدت صلاحيتها كأن تكون هزيلة أو مذبوحة بعد النفوق من خلال فحص الحيوان قبل وبعد الذبح. 6 تعتبر المسالخ البلدية حقلا هاما تجرى فيها كثير من البحوث العلمية المتعلقة بصحة الانسان والحيوان. 7 يتم بالمسالخ البلدية معالجة الاسقاط والمخلفات وتجهيزها ومنها الجلود والشعر حتى تتم الاستفادة منها. 8 المحافظة على القيمة الغذائية للحوم لمد المستهلكين بأعلى قدر من البروتين الحيواني العالي الجودة. 9 المعاملة السليمة للحوم للمحافظة على مذاقها واستساغتها لإمداد المستهلك بلحوم سليمة خالية من الامراض. 10 في المسالخ البلدية يمكن للقائمين على عملية فحص اللحوم القيام بدورهم على خير وجه لأن التقنية الحديثة مكنت فاحصي اللحوم من سرعة الفحص ودقته وسهلت لهم أيضاً تبريد الذبائح لإجراء مزيد من الفحوص بعد التبريد. 11 فحص وتقييم الذبائح من قبل الطبيب البيطري المسئول عن صحة اللحوم بالمسلخ وذلك بختم الذبائح لتميز الفصائل الحيوانية المختلفة كما يساعد على تميز أعمارها علاوة على دلالتها الواضحة بأن اللحوم خالية من مختلف الامراض والعيوب وصالحة للاستهلاك وهي من الأمور الهامة التي تريح المستهلك، حيث تدخل عليه الطمأنينة والارتياح. والاختام المستخدمة هي أختام خاصة وتحتوي على علامات توضح اسم المسلخ ونوع الحيوان وتاريخ الذبح إضافة إلى علامات سرية والصبغة المستعملة في الاختام مأمونة الاستخدام. ومن هنا يتضح أهمية ذبح الاضاحي في المسالخ البلدية لمنع ذبح الحيوانات المريضة واجراءات الاعدام بطريقة صحية تمنعها من التلوث حفاظاً على صحة وسلامة اللحوم ومن ثم حفاظاً على الصحة العامة. تلك نبذة مختصرة عن دور المسالخ البلدية في المحافظة على الصحة العامة وأنصح المستهلكين بذبح ضحايهم في المسالخ البلدية والتي أنشئت من أجلهم سواء لمنازلهم أو لولائمهم حفاظاً على صحتهم وصحة أسرهم وحرصاً على حصولهم على لحوم خالية من الأمراض حيث ان المسالخ البلدية يتوفر فيها جميع مستلزمات المحافظة على صحة البيئة وسلامة المستهلك. وأخيراً أناشد المستهلكين بالاستفادة من هذه الخدمات والتي يقصد بها خدمة المواطنين والمقيمين وضمان سلامتهم وصحتهم ولانجد عذراً لمن يتعامل مع المسالخ غير النظامية التي لا تتوفر فيها الاشتراطات الصحية والتي من خلالها يعرِّض نفسه وأسرته للخطر، وأوجه الدعوة لهم بالذبح في المسالخ البلدية الخاضعة لاشراف البلديات وقد أكملت جميع المسالخ البلدية استعداداتها لهذه الشعيرة. وكلمة حق يجب أن نقولها وهي أن الإنجازات في قطاع خدمات المسالخ البلدية وصلت لأعلى مستوى من الخدمات نتيجة لاهتمام المسئولين بوزارة الشؤون البلدية والقروية وعلى رأسهم معالي الوزير الذي لا يألو جهداً ولا يدخر وسعاً من أجل اسعاد وورفاهية كل مواطن وما برح يعمل على فعالية المسالخ البلدية عن طريق تحديثها وتطويرها بما يتوافق مع المرحلة الحالية كما عرف بتواصله المستمر مع رؤساء البلديات بهذا الخصوص ومن حقنا أن نفتخر بهذه الخدمة المقدمة في المسالخ البلدية في بلادنا والتي تضاهي ما يقدم في الدول المتقدمة وأطمئن المستهلك الكريم بأنه تم تزويد المسالخ البلدية بمختبرات للكشف على الأمراض الوبائية في الماشية لإعدامها قبل وصولها للمستهلك. آمل أن أكون قد وفقت في توضيح دور وفعالية المسالخ البلدية في المحافظة على صحة البيئة وبودي في ختام هذه المقالة أن أعرب عن بالغ تقديري للقائمين على هذه الصحيفة لاهتمامها بقضايا المستهلك وفي هذا الشأن ذات الصفة المتخصصة وهو الغذاء الصحي وهو ما يؤكد اضطلاعها بمسؤولياتها تجاه المواطن وقضاياه وأقدم شكري لهذه الصحيفة على تبني مثل هذه المواضيع والتي نحاول من خلالها رفع قدر ثقافة مجتمعاتنا الصحية وتحياتي ودعواتي لها بالازدهار والاستمرار. كل عام وأنتم بخير. طبيب بيطري/ حمد عبدالرحمن العبودي بلدية الخبراء والسحابين