صادف يوم الأربعاء الثالث من شهر ربيع الآخر 1442ه الموافق الثامن عشر من شهر نوفمبر 2020م، مناسبة مرور ستة أعوام على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم ملكًا للمملكة العربية السعودية، وهي مناسبة عزيزة على قلب كل مواطن سعودي وعلى قلب كل شريف عربي ومسلم محب وغيور على قيم العروبة ومبادئ الإسلام، وتبدو هذه المنزلة الرفيعة من خلال ماتتمتع به خليجيا وعربيا وإسلاميا وعالميا، وأكّد ذلك ما تم إنجازه في الستة أعوام الماضية من هذا العهد الميمون. إن هذه المناسبة العظيمة تعد تخليدا للإنجازات النوعية والكمية من حيث ثبات استقرار الاقتصاد الوطني ووحدة أراضيه في ظل ماتوافر له من أنظمة ولوائح تضبط مسيرة الإنجاز في المملكة العربية السعودية وحفظ أمنها، وتحقيق التنمية والازدهار في ربوعها. والحق يقال أن بيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، قبل ستة أعوام جاءت فاتحة خير لعهد جديد شكل نقلة نوعية مستقبلية استشرافية في مسيرة المملكة داخلياً وخارجياً. واستمرارًا لهذا العهد الميمون يعد يوم السبت 21 نوفمبر 2020 يومًا تاريخيًا، يقود فيه الملك سلمان بن عبدالعزيز قمة الرياض لقادة مجموعة العشرين لنُلهم العالم بقمتنا في وقت يعيش العالم الراهن اضطرابات وتحديات مستقبلية. وعلى الرغم من ذلك سارت القيادة الرشيدة في صناعة المستقبل لتكون المملكة في مصاف الدول المتقدمة من خلال مواكبة كافة التحولات العالمية ومؤثرة في القرار العالمي. وتوجت الستة الأعوام الماضية، من عهد خادم الحرمين الشريفين، بقمة العشرين ومافيها من إنجازات تواكب التحديات العالمية في كافة الميادين والمستويات والأصعدة. وفي هذا الصدد ذكر خادم الحرمين الشريفين في خطابه في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى، أن من الإنجازات المرتبطة برؤية المملكة 2030 "تحسين الخدمات الحكومية، ورفع نسبة التملك في قطاع الإسكان وتطوير قطاعات الترفيه والرياضة والسياحة، واستقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى تمكين المرأة، وتفعيل دورها في المجتمع وسوق العمل، وإن العمل جار على تمكين المواطن، وإشراك القطاع الخاص بشكل أكبر، وزيادة فاعلية التنفيذ". إن هذا الخطاب باختصار يدل بوضوح على الجهود النوعية المبذولة والسياسات الاستراتيجية الموضوعة في قالب من الجودة العالية لتنويع مصادر الدخل الوطني، وترسيخ قيم الاعتدال والوسطية والتسامح وقيم العدل ومكافحة الفساد. لقد كان هذا العام عاماً استثنائياً، حيث شكلت جائحة كورونا المستجدة صدمة، غير مسبوقة طالت العالم أجمع خلال فترة وجيزة. ونتيجة لذلك: قال الملك سلمان في كلمته في قمة العشرين في الرياض :»كما أن هذه الجائحة قد سببت للعالم خسائر اقتصادية واجتماعية. وما زالت شعوبنا واقتصاداتنا تعاني من هذه الصدمة إلا أننا سنبذل قصارى جهدنا لنتجاوز هذه الأزمة من خلال التعاون الدولي. الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية واجهت تداعيات جائحة كورونا التي أصابت المملكة والعالم، وفي هذا الصدد وجه خادم الحرمين الشريفين سيدي الملك سلمان على التأكيد الدائم على أهمية المحافظة على الأمن الصحي الوطني، وسياسات الدعم السخية، والبنية التحتية القوية لتخفيف الآثار الاقتصادية لهذه الجائحة، التي شملت إنفاق أكثر من 218 مليار ريال، إضافة لدعم القطاع الصحي بمبلغ (47) مليار ريال. كل ذلك يدل على اهتمام القيادة الرشيدة صحياً بالمواطن والمقيم. وقد أكد أيضا سيدي الملك سلمان خلال كلمته في قمة العشرين على: التقدم المحرز في إيجاد لقاحات وعلاجات وأدوات التشخيص لفيروس كورونا، إلا أن علينا العمل على تهيئة الظروف التي تتيح الوصول إليها بشكلٍ عادلٍ وبتكلفةٍ ميسورة لتوفيرها لكل الشعوب. وعلينا في الوقت ذاته أن نتأهب بشكلٍ أفضل للأوبئة المستقبلية. ومن خلال مكانة خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ودور المملكة عربيا وإسلاميا ودوليا في خضم ترؤسها لانعقاد قمة العشرين على وضع موضوع مواجهة هذه الجائحة في مقدمة الأجندة العالمية لهذه المجموعة، كما وضعت المملكة حالة الدول الفقيرة في أولويتها، وأقنعت الدول الأخرى للمجموعة لحذف وإرجاء ديونها عليها، وفي هذا الصدد: أكد سيدي الملك سلمان على ملتقى قادة دول مجموعة العشرين للمرة الأولى قبل اثني عشر عاماً استجابة للأزمة المالية، وكانت النتائج خير شاهد على أن مجموعة العشرين هي المنتدى الأبرز للتعاون الدولي وللتصدي للأزمات العالمية. واليوم نعمل معاً مجدداً لمواجهة أزمةٍ عالميةٍ أخرى أكثر عمقاً عصفت بالإنسان والاقتصاد. وإنني على ثقة بأن جهودنا المشتركة خلال قمة الرياض سوف تؤدي إلى آثار مهمةٍ وحاسمةٍ وإقرار سياساتٍ اقتصاديةٍ واجتماعية من شأنها إعادة الاطمئنان والأمل لشعوب العالم. وفي الحقيقة أن المملكة كلفت كل الجهات المسؤولة الرسمية وغير الرسمية؛ كلٌ فيما يخصه، بهمة ونشاط، على عقد الفعاليات والمؤتمرات المالية والاقتصادية والصحية والثقافية والعلمية والتقنية خلال هذا العام المرتبطة بهذه الدورة. وهذا يدل على معنى القيادة، وحرصها على تثبيت ريادة المملكة ودورها التاريخي في القضايا الدولية وكل ذلك تحقق ولله الحمد بمباركة خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز من رؤية المملكة 2030 التي يقوم على إنجازها، عرابها ومهندسها ولي العهد الأمين، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي أدرك أهمية ولوج المستقبل بأدواته المناسبة، على أيدي رجال وأبناء هذا المستقبل من خلال تحولات وطنية هيكلية في مجالات التشريع والإدارة والمال والاقتصاد والصناعة والتعليم والإعلام والمجتمع، وهي تحولات تواكب الطموحات والتطلعات، لتبحر المملكة برؤية واضحة حول ما تريده السعودية الحديثة. وفي الحقيقة أن المدة القصيرة التي استطاعت بها المملكة العربية السعودية أن تجتاز هذه المسافات الفلكية على طريق التنمية والتحديث تؤكد بشكل قطعي أنه ليس مجرد إصلاح إداري وانفتاح اجتماعي وثقافي، بل إنها أيضاً شهدت قفزة اقتصادية تمثلت في تعزيز الإيرادات غير البترولية، وزيادة اقتصاد المعرفة وزيادة قيمة الناتج المحلي غير البترولي، مما سيجعلها في المستقبل المنظور من التغلب على تقلبات أسعار البترول. وانسجاما مع ما تقدم ما بن البيعة السادسة وقمة العشرين ورؤية المملكة 2030 عقدت المملكة العزم على عصرنة الشعب السعودي الوفي مع قيادته الراشدة، وتطوير مؤسساته، ودخول مسار السباق مع الدول المتقدمة. كل ذلك يؤكد أن المواطنين السعوديين يرصون صفوفهم ويعززونها خلف قيادتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ففي ذلك مواكبة فلكية لتسهيل وتيرة المهمة التاريخية، لتسريع وتحسين وتطوير جودة الإنجاز. وهذا يدل بشكل جلي على رؤية تاريخية عصرية متميزة، وإدارة ملكية سعودية استشرافية مذهلة التمست مطالب العالم وطرحتها على طاولة قمة العشرين، وبالتالي يسجل التاريخ الحديث والمعاصر حدثين نوعيين متلازمين غير مسبوقيين ما بين بيعة وقمة، قد لا تتكرر في التاريخ. ** ** د. سعد بن سعيد القرني - أستاذ تاريخ المملكة العربية السعودية المشارك