جرت العادة عند الملك سعود -رحمه الله- مساعدة من يرغب بأداء فريضة الحج على حسابه الخاص. وتبدأ هذه العملية بمراسلة أمراء وقضاة البلدان طالباً منهم إعداد بيان بأسماء المحتاجين، وذلك من أجل تعجيل إجراءاتهم وترتيبها قبل وقت الحج، ويتم التحري والبحث سرًا عن كل شخص لم يؤد فريضة الحج لعجزه عن ذلك بسبب الفقر، مع البحث عن حالة الشخص وما يحتاج إليه؛ فإذا كان رجلًا كفيفًا فلا بد من توفير قائد له، أو امرأة تحتاج إلى محرم. كما تجهز السيارات التي تقلهم للذهاب والإياب والتصعيد، مع تأمين المسكن والمصروف والمؤونة وكل ما يحتاجون إليه طوال فترة رحلتهم. لم يخص الملك سعود بالحج الأشخاص الذين ترفع له أسماؤهم من قبل قضاة وأمراء البلدان فقط؛ بل كان -أيضًا- يستقبل الخطابات التي يقدمها المواطنون له، ويوضحون له فيها حالتهم ورغبتهم أن يشملهم للحج على حسابه الخاص. وكان من بين هؤلاء الحجاج من كان مرافقًا لوالديه الكبيرين في السن، وقد أوضح أحدهم في برقيته المرسلة للملك سعود أن السفر برًا يشق على والديه، فما كان من الملك سعود إلا أن أمر لهم بالسفر عن طريق الطيران؛ لسلامتهم وتوفير الراحة لهم على حسابه الخاص. ومنهم من كان طلبه زيارة بيت الله الحرام لأداء العمرة مع أسرته كافة، فتم لهم ذلك على حساب الملك الخاص. وقد تلقى الملك سعود برقية شكر من الحجاج على إحدى البواخر الإيطالية القادمة من مصوّع إلى جدة في عام 1380ه/1961م، وكان عددهم يزيد عن المائة حاج، تعطلت بهم الباخرة في البحر؛ نتيجة اصطدامها بالشعاب المرجانية فتأخر وصولهم، فما إن علم الملك سعود عنهم حتى أمر بإرسال الحافلات على حسابه الخاص لتنقلهم من جدة إلى عرفة؛ لكي يدركوا الحج. وهنالك حادثة مماثلة فحينما علم الملك سعود بأن خمسة وأربعين شخصًا من أفراد شعبه في مطار الرياض، ووجهتهم إلى جدة لأداء فريضة الحج، وأن المبالغ التي معهم لا تكفي لدفع الأجور؛ لكي يتمكنوا من ركوب الطائرة، فأمر بإركابهم جميعًا بالطائرة على حسابه الخاص، وحين وصولهم إلى مدينة جدة أرسل إليهم سيارات لنقلهم إلى عرفات ليدركوا الحج. يتضح لما ذكر أحد أعمال الملك سعود الخيرية وعظيم أجره في مساعدة المحتاجين لأتمام الركن الخامس من أركان الإسلام حج بيت الله الحرام، رحم الله الملك سعود وجزاه الله عن أعماله الخيرة خير الجزاء. ** **