الأكاديمية الأمريكية لطب الأسرة توصي بقصر استخدام الأطفال في عمر (السنتين) للتقنية على التواصل المرئي والتحدث مع الأقارب والأقران فقط، بشكل محدود وتحت الرقابة أيضاً، إلاَّ أنَّ لكل عائلة وأسرة نمطها وطريقتها وقيمها الأبوية الخاصة التي تسمح أو تمنع الصغار من التعامل المُباشر والمُستقل مع التقنية على حساب النشاط البدني، الذي يرى فيه خبراء التربية الملاذ الآمن لطفولة حقيقية، من الواضح أنَّ المُعدلات العالمية لتعاطي أطفال (الجيل الرقمي) مع التقنية تبدأ بسن مُبكرة في عمر (العامين)، حتى لو باستخدام الهواتف الذكية على طريقة التوصية الأمريكية والتعرف على الحدود والأبعاد الرقمية من حولهم. من قوانين (كورونا) التي فرضتها على البشر في 2020م، الاعتراف الضمني والصريح بحق الأطفال في التعاطي مع التقنية لأغراض (التعليم عن بعد) في أعمار مبكرة، في الوقت الذي كان يستحيل فيه أن تسمح بعض الأسر لأطفالها بالتحديق في (شاشة) الهاتف الذكي أو الأجهزة اللوحية، والتعاطي باستقلالية كاملة معها، ولكنَّها اليوم -على النقيض من ذلك- باتت هي من تُشجع الطفل على ذلك لضمان استمرار الحياة والتعلم عن بعد وربما صناعة نموذج القدوة التربوية، ما يعد تحولاً كبيراً وجديراً بالاهتمام والانتباه، له تأثيراته الإيجابية، ومخاوفه السلبية المُبرَّرة، لا سيما أنَّ تحدي مواكبة التطور التقني بات من المهام الأبوية المتفق على ضرورتها للتربية، خصوصاً إذا ما عرفنا أنَّ 85 % من الآباء الأمريكيين سمحوا لأطفالهم دون سن الخامسة بالتعاطي مع التقنية عبر الهواتف الذكية، لتتوسع مداركهم، ويصبحوا أكثر استعداداً لدخول المدرسة، وإن كان هناك خلافاً عالمياً حول (السن الآمن) لحصول الطفل على هاتف مُستقل، لاحظ أنَّه في مجتمعنا السعودي لم يعد مُستغرباً أن ترى طفلاً دون العاشرة يملك (رقماً خاصاً)، ويحملُ (هاتفاً ذكياً). في مجتمعات كثيرة حول العالم تجاوز التحدي مُجرَّد (امتلاك الهاتف)، ليتحوَّل النقاش والجدال حول صواب وضرورة إنشاء (حساب ومُعرف) خاص وشخصي للطفل على شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي، ليصبح من السهل الوصل إليه والتواصل معه مباشرة، ضغوط الأصدقاء والأقران ومُتطلبات العصر، تُفقد عناصر التحكم الأبوية قوتها وتجعلنا أمام ساحة مفتوحة، تدخل فيها وسائل التواصل الاجتماعي للتأثير والتربية من أوسع أبوابها، ما يرجح إطلاق وصف (لجهل الرقمي) قريباً، على الأطفال الذين لا يستطيعون التعامل مع التقنية بشكل كامل ومستقل، مع قصور البيئة التعليمية في منح الطلاب أساسيات التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي والتقنية، وترك البيوت والآباء يواجهون الأمر لوحدهم. وعلى دروب الخير نلتقي.