قادت منظومة العدل خلال الفترة الماضية المؤسسات الحكومية في المملكة إلى قمة المنافسة في ميدان المؤشرات العالمية التي يصدرها البنك الدولي، مستلهمة رؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- من خلال تطبيق (6) ركائز انعكست على تحسين جذري في الخدمات التي تقدمها المنظومة العدلية، سواء القضاء أو التنفيذ أو التوثيق. وتنطلق استراتيجية وزارة العدل من رؤية واضحة تركز على تحقيق العدالة الناجزة وتقديم خدمات توثيقية وعدلية متميزة، ونشر الثقافة العدلية من خلال بناء مؤسسي كفء، وموارد بشرية مؤهلة، وشراكة فاعلة محليًّا وعالميًّا بأدوات متطورة. وخلال الأعوام التي تلت تدشين برنامج التحول الوطني 2020، سعت وزارة العدل إلى تطوير أسلوب أداء الأعمال، وتقديم الخدمات بما يسهم في الرقي بالعمل وتطويره على أكمل وجه، ولتحقيق ذلك قامت الوزارة بالبدء في تطوير خطتها الاستراتيجية وعملت على مواءمتها مع رؤية المملكة 2030، وبما يضمن تكامل الركائز الاستراتيجية وترابطها، كذلك عملت الوزارة على إعادة هيكلتها التنظيمية وإنشاء منظومة من المكاتب المتخصصة التي تعمل على تنفيذ مبادراتها ومشاريعها، وفق أفضل المنهجيات والممارسات العالمية، وذلك في سبيل تحقيق رؤية الوزارة ورسالتها المنشودة، وهدفها الاستراتيجي ضمن برنامج التحول الوطني المتمثل في «الارتقاء بجودة الخدمات العدلية المقدمة». وتضمنت الخطة الاستراتيجية (6) ركائز يتصدرها رفع الكفاءة التشغيلية للمنظومة العدلية التي تستهدف تقليص المدد الزمنية لإغلاق القضايا بمختلف أنواعها ورفع نسب إنجازها، والسعي لتطوير الإجراءات والآليات لتقليل تدفق الدعاوى للمحاكم، من خلال حلول تقنية ذكية للوصول إلى أعباء إدارية أقل على الكادر العدلي للاستفادة من وقته في تقديم خدمات أفضل للمستفيدين. والركيزة الاستراتيجية الثانية التي تعمل عليها الوزارة تحسين تجربة المستفيد، ومن خلالها يتم العمل على تحقيق رضاه التام عن الإجراءات المقدمة له وسرعتها، إضافة إلى أداء مقدم الخدمة وجاهزية المكان، بالتكامل مع شركاء المنظومة من مختلف القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية، مع الحرص على التطوير الدائم استجابة لتطلعاته العالية نحو الخدمات الحكومية المقدمة. وثالث ركائز الوزارة الاستراتيجية، تأهيل وتطوير الكوادر العدلية ومن خلال هذا المرتكز يتم رفع قدرات الكوادر العدلية في المحاكم وكتابات العدل، من أجل زيادة الإنتاجية وتقليص المدد الزمنية لإنهاء المعاملات، عبر تأهيل الكفاءات التي تجعل التعلم المستمر رافدًا لنجاحها. وتستهدف الركيزة الاستراتيجية الرابعة دعم برامج التحول الرقمي، حيث تركز على زيادة نسبة الخدمات الإلكترونية المقدمة للمستفيدين ومستويات الإتاحة لها ورفع كفاءة الإجراءات الداخلية، حيث يأتي دعم برامج التحول الرقمي في أتمتة الأنظمة والإجراءات الإدارية والخدمات العدلية، سعيًا لرفع جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين في وقت وجيز، وتحقيق التميز المؤسسي في الأداء الحكومي بما يضمن الوصول إلى مرتبة متقدمة في مصاف الدول. وتسعى الركيزة الاستراتيجية الخامسة وهي تعزيز قضاء التنفيذ ومنظومة التوثيق والأمن العقاري إلى تقليل المدد الزمنية لإنفاذ السندات التنفيذية ورفع تصنيف المملكة في مؤشر تسجيل الملكية، حيث يعد تعزيز قضاء التنفيذ ومنظومة التوثيق والأمن العقاري من خلال توسعه في تقديم الخدمات وإشراك القطاع الخاص في المساهمة بتوفيره للمستفيدين عاملاً مساعداً في تسهيل ممارسة الأعمال وتوفير بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين وتعزيز ثقتهم بالمنظومة العدلية. وتسعى الركيزة الاستراتيجية السادسة المخصصة لتطوير المحاكم التجارية وضم هيئات ولجان النزاع المختلفة إلى تقليل متوسط المدد الزمنية لإغلاق القضايا التجارية ورفع تصنيف المملكة في مؤشر إنفاذ العقود. وتأتي هذه الركيزة تحقيقًا لما تضمنته الأنظمة المرعية من سلخ القضاء التجاري والعمالي وضم اللجان شبه القضائية، مما حتم على الوزارة العمل على إنشاء المحاكم العمالية والمحاكم التجارية وتوسيع نطاقها لتشمل جميع مناطق المملكة وتطوير محاكم الاستئناف لتفعيل اختصاصاتها المنصوص عليها في نظام المرافعات الشرعية. وقد استطاعت وزارة العدل من خلال نجاح تنفيذ هذه الركائز الأساسية في مواكبة مستجدات الأحداث واستثمار بنيتها التقنية والرقمية، ومواصلة العمل عن بعد، خلال فترة تعليق الحضور إلى مقرات العمل الحكومية بسبب الإجراءات الاحترازية لمواجهة مرض كورونا عبر (120) خدمة إلكترونية، تشمل جميع القطاعات العدلية، (القضاء، التنفيذ، التوثيق) للتيسير على المستفيدين، وتوفير الوقت والجهد. وخلال العامين الماضيين أكملت المنظومة العدلية تغطية 100 % من دوائرها العدلية بالخدمات الرقمية التقنية في (13) منطقة بالمملكة. وترتبط دوائر الوزارة كافة ومحاكمها وكتابات العدل إلكترونياً بمركز المعلومات الوطني. وتساهم المنظومة التقنية والرقمية في تيسير الحصول على الخدمات للمستفيدين، وتسريع الإجراءات للتقاضي والحصول على الخدمة، وتسهيل الوصول إلى المستندات كافة في المعاملات، والسرعة في تنفيذ الأحكام، والموثوقية في البيانات والمعلومات. واستطاعت بذلك وزارة العدل تبوؤ مركز الريادة في هذا الميدان مما مكنها من الحصول على جائزة حكومة الشارقة للاتصال الحكومي في فئة «أفضل اتصال حكومي» على مستوى العالم العربي، وذلك في ختام الدورة التاسعة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، والتي أقيمت أوائل العام الحالي، وذلك لتميز استراتيجيتها الفاعلة في التواصل مع جمهورها المستهدف. تطوير بيئة العمل أخذت الوزارة على عاتقها تطوير بيئة المنظومة القضائية بما يتواكب مع ما تشهده المملكة من التطور والنمو والازدهار، فقد شرعت الوزارة بالعمل على تطوير بيئة منظومة التقاضي سواء على المستوى التشريعي أو المستوى الإجرائي بما يعمل على تقليص آجال التقاضي ويعزز من جودة الأحكام الصادرة ويسهّل على المستفيدين حصولهم على خدمات الوزارة، كما عكفت على تطوير البنى التحتية لمنظومة القضاء المتخصص، والذي يشتمل على القضاء التجاري والعمالي، ويعتبر من أهم المحفزات في تطوير بيئة الأعمال وجذب الاستثمار، كما عملت على تطوير منظومة قضاء الاستئناف والعمل على تعزيزها ورفدها بالممكنات التي ترفع من مستويات الفاعلية والكفاءة. قضاء الاستئناف نجاح المرحلة الأولى من تفعيل الترافع في محاكم الاستئناف، وإطلاق المرحلة الثانية من تفعيل الاعتراض بطريق الاستئناف «مرافعةً وتدقيقًا» والتي تشمل (31) نوعًا من القضايا والدعاوى، والتي ستنظر (مرافعةً أو تدقيقًا) لدى الدوائر الحقوقية والدوائر العمالية والدوائر الجزائية ودوائر الأحوال الشخصية في محاكم الاستئناف، مما يحقق سرعة الفصل في المنازعات، والعدالة الناجزة، والشفافية لأطراف النزاع، ومبدأ التقاضي على درجتين. وكذلك تطوير النموذج التشغيلي للمحاكم والإدارة المركزية لتدقيق الدعاوى، بما يشمل حصر وتصنيف المستفيدين والخدمات المقدمة لهم وقنوات تقديم الخدمة وإعادة هندسة الإجراءات وهيكلة المحاكم، وتطوير بنود ومكونات صحفية الدعوى الإلكترونية ونمذجتها، وبناء بطاقات التصنيفات القضائية لتوضيح المتطلبات الأساسية لكل أنواع القضايا الواردة، وإعداد دليل مرجعي للمدققين في الإدارة المركزية لتدقيق الدعاوى. كما تم إطلاق عمليات الترجمة باللغات الأكثر انتشارًا، والتي توفرها الوزارة للمستفيدين من غير الناطقين باللغة العربية، وبلغ عدد المحاكم التي استفادت من خدمات الترجمة (64) محكمة. جودة الأداء وإيمانًا بمساهمة الأنظمة التقنية في تسريع أداء المهام وإنجازها مع رفع جودة العمل، تم إطلاق نظام ناجز التجاري الذي تم بناء خدماته ليساعد المستفيدين في المحاكم التجارية بمتابعة المهام والاطلاع على نسب الإنجاز في أداء العمل، وتوفير جميع البيانات والمعلومات المطلوبة لإنهاء أي إجراء في مكان واحد. حقوق المرأة والطفل تمت المشاركة مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في مبادرة «تطوير آليات التعاون مع الجهات المعنية بقضايا العنف الأسري» وتفعيل دور إدارة القضايا الأسرية بالمشاركة في معارض «نشر الثقافة العدلية» والمعنية بتوعية المرأة بحقوقها الشرعية، والمشاركة مع مجلس شؤون الأسرة في استيفاء البيانات المتعلقة بمبادرات الاستراتيجية الوطنية للمرأة السعودية. والمشاركة مع جهتين معنيّتين بقضايا المرأة والطفل «جمعية مودة للاستقرار الأسري، والمركز الوطني لبرنامج الأمان الأسري» وذلك من خلال نشر الثقافة العدلية ودورها في الحدّ من العنف ضد المرأة. التنفيذ يعد قضاء التنفيذ من أهم أدوات تحقيق العدالة الناجزة بوصفه وسيلة فاعلة في سرعة إيصال الحقوق لأصحابها ومساهمًا في جودة الاستثمار ورفع مستوى الائتمان. وقد جرى افتتاح عدد من محاكم التنفيذ في مختلف مدن ومحافظات المملكة. تتكون البنية الأساسية لمحاكم التنفيذ من دوائر متخصصة، وتتكوّن كل دائرة من قاضٍ أو أكثر، وفق ما يحدده المجلس الأعلى للقضاء، وفي المحافظات التي لا تتوافر فيها محكمة تنفيذ تؤلف في المحاكم العامة دوائر للتنفيذ. وتعد خدمات الربط الإلكتروني من أهم الخدمات في نظام التنفيذ، حيث يقدم نظام التنفيذ أكثر من (70) خدمة ربط لجهات داخلية وخارجية، من ضمنها الربط مع وزارات الداخلية والتجارة والإسكان، وهيئة السوق المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي ومبادرات عدة مثل مبادرة فُرجت ومبادرة متعثري الإيجار، وكذلك المحاكم والأنظمة الداخلية في وزارة العدل مثل نظام ناجز المحاكم والوكالات والنظام العقاري. التوثيق يعتبر قطاع التوثيق من القطاعات المهمة من منظور المستفيدين من الخدمات العدلية، وذلك لكونه المسؤول عن توثيق تعاملات المستفيدين، حيث يُعنى بعمليات التوثيق للعقود، والإقرارات، والوكالات، وعقود الزواج، والعمليات العقارية، وقد أولت الوزارة جُلَّ اهتمامها لكي يتم تقديم هذه الخدمات بيُسر وسهولة من خلال رقمنة إجراءاتها وبالشكل الذي يضمن جودة العمليات وضمان الحقوق للمستفيدين، كما سعت الوزارة لتطوير سبل تقديم الخدمات ورفع جودتها من خلال تأهيل وتطوير القطاع الخاص وإشراكه في تقديمها. وبفضل هذه الإجراءات فقد ارتفع تصنيف المملكة حسب المعايير الدولية الصادرة عن البنك الدولي في مؤشر تسجيل الملكية- في تقرير ممارسة الأعمال بواقع (5) مراتب من المرتبة (24) إلى المرتبة (19).