تقبيل خشوم الآخرين -أي أنوفهم- واحتضانهم، ومُصافحتهم يداً بيد، ومنحهم (صك) سلامة وصحة دون اتخاذ التدابير والاحترازات الصحية اللازمة لمنع انتشار (فيروس كرونا)، ليست دليل حب وتقدير ومكانة وثقة، بل هي عنوان استهتار بين الطرفين وقلة وعي ونقص فهم وإدراك، ولا أعرف كيف يفكر أصحاب هذه الموضة الجديدة التي عنوانها (ثقتي فيك أكبر من كرونا)، أخذ الاحتياطات المطلوبة مع الالتزام بالتباعد الاجتماعي لا يعني عدم حب الآخرين أو مُقاطعتهم أو التقليل من شأنِّهم، بل على العكس هذا دليل مدى الاهتمام بصحة وسلامة الجميع، فنحن نمرُّ بمرحلة صعبة ومنعطف حساس يجب أن نكون جميعاً فيه على قدر كبير من الوعي والحذر. بيانات وأرقام وزارة الصحة تُظهر أنَّ زيادة تسجيل إصابات جديدة (لفيروس كرونا)، هي بسبب استهتار شريحة من أفراد المجتمع في التواصل الجسدي مع الآخرين (زيارات الأهل المناسبات الاجتماعية العزاء ونحوه)، والأكثر حزناً وخطراً علينا جميعاً هو التباهي بالموضة الجديدة في ضرب تحذيرات كرونا (عرض الحائط)، بالتعبير الخاطئ عن الحب الجم، والتقدير الكبير بين النساء والرجال معاً بالمُصافحة والمُلامسة، وهذا أسلوب يجب أن يتوقف فوراً، بل يجب عدم إقراره في حال مُشاهدة أشخاص لا يلتزمون بالاحترازات للحماية الشخصية لأنَّ الأثر سندفع ثمنه جميعاً، فهو لا يخص (إكس) من الناس، بل قد ينقل الفيروس إلى أفراد الأسرة الآخرين، من الأطفال وكبار السن، وكأنَّ أصحاب هذا التصرّف غير المسؤول في مأمن من انتقال الفيروس أو هي شهادة ثقة بمدى (نظافة وتعقيم) كل من نقابلهم. في هذا الظرف الاستثنائي نحن بين (طرفي نقيض)، أشخاص أخذ منهم الخوف والرعب والرهاب الاجتماعي من هذا الفيروس مأخذه، بعدم الثقة بالخطوات المُتخذة ولا بكفاية الالتزام بالتحذيرات والاحترازات التي تطلقها وتدعو لتطبيقها وزارة الصحة حتى وصلوا حدَّ الوسوسة الشخصية، في عدم الثقة في نظافتهم ولا نظافة المكان الذي يجلسون فيه، وكأنَّهم يغطون (خشومهم) من هبائب ونسمات الهواء خوفاً من انتقال العدوى، ممَّا أثَّر سلباً على حياتهم ونفسياتهم ونفسيات أفراد أسرهم، بالمُقابل هناك الصورة السابقة للمُستهترين، الذين جعلوا (خشومهم وأيديهم) في (مهب الريح) وكأنَّهم ينتظرون هذا اليوم الذي يعبِّرون فيه عن مدى شجاعتهم وكرمهم وإقدامهم وصدق مشاعرهم في (زمن كرونا) الذي يخشاه الجميع، لنتذكر فقط أنَّ (المُستهترين) لن يدفعوا الثمن وحدهم فقط، (مالك إلا خشمك لو أنَّه أعوج)! وعلى دروب الخير نلتقي.