تنقسم موجات الدماغ البشري وحسب ما قرأته في كتاب - الكنز الداخلي - لريم رنو إلى أربعة مستويات تكوينيَّة نحتاجها جميعها للعيش بسلام عُمقي وحياة أعمق حيث تكون فيها حالة العقل بين دائرتي الوعي واللا وعي! ويتقاسمُ الدماغ في مستويات موجاته الانفعاليَّة بين أوضاع اليقظة (بيتا) والراحة (ألفا) والخمول (ثيتا) والاستسلام (دلتا). وإنَّنِي لأظُنُّ أننا في أيِّ عملٍ إبداعي أدبياً كان أم فنِّيَّاً أو أيِّ فعلٍ وُجُودِيِّ يتَّسمُ بالتَّفرُّدِ الأمثل نكونُ فيه أقرب إلى موجة الألفا حيث دائرة الاسترخاء وراحة العقل بموجات التأمُّل والنَّفس العميق والتركيز على نقطة وجود في عالمنا الخارجي الذي نكاد فيه أن ننفصل عنه في حالتنا الألفاوية! مع مستوى موجة البيتا حيث يقظة العقل والاتصال بالعالم الواقعي! فما بين انفصال القلب عن مصدر شعوره واتصال العقل بمرتكز وجوده وما بين اليقظة والراحة يتكون الكائن الوجودي من العدم إلى النَّشأة قصيدةً كانت أو مقطوعةً موسيقيَّةً أو عملاً حرفيَّاً أو أيَّ نتاجٍ صنعتُه اليقظة والحُلُم! وما أظُنُّنا نستطيعُ أن نعيشَ دون أن ندخل في دائرة موجات العقل الثالثة والرابعة حيث الثيتا وبدايات العمق والدلتا عمق البداية حيث يحتاجها العقل الآدميُّ أوقات راحته وخلوده للفعلِ الأعمق!. كما لو كان في حالات نُعاسه وسُبات نومه العميق. ولطالما عشنا ونعيش نبحثُ عن السَّعادة وسلامنا الحياواتيِّ الأجمل والسَّعادةُ عندنا وفينا وبين زوايا العمق وفي عمق الزوايا ونظرة استكشاف واحدة تجعلنا نعيشُ سلاماً داخليَّاً في ساعاتِ خلوةٍ مع النَّفس وموجات الدماغ في مستوى الألفا حيث التأمُّل والانصهار مع الطَّبيعة كتاب الوجود الصَّامت النَّاطِق وصُحبة الشَّمس والقمر والاستمتاع بموسيقا الكون من صمت الفضاء الذي تخرقه تغريدة عصفور أو صوت مطر أو هفيف رياح! رحلة البحث عن السعادة هي رحلة استكشافيَّة قد يجدها الشَّاعرُ في قصيدة شوق أو المُغنِّي في لَحنِ حنين أو رسَّامٌ في تمازُج ألوانٍ وربَّما يستكشفها العابد المُريد في سجدة خضوع أو دمعة اعتراف وتسبيحة تنزيهٍ آناء ليله وأطراف نهار! التَّناغُمُ مع الكونِ وإتقان مهارات التعامل مع الحياة سِرُّ سعادة القلَّة القليلة من الباحثين عن كنوز الراحة القابعة في أعماقنا دون أن نستشعرها أو نتحسسها؛ والوصول إلى منطقة اليقظة الذهنية حال صناعة العمل الإبداعي بموجة دماغ تتطلب وعياً حسِّيَّاً وقليلاً من اللاوعيِ الإدراكيِّ لتتكامل نشوة العمل وتتلاءم إشارات الطاقة الكونية حيث قانون الجذب وفيزياء الكم الذي يقتضي تبادل الذبذبات بيننا والكون من أفكار وعواطف ومواقف يطلقُ عليها «طاقة». ما يضيرنا لو جربنا الدخول في دائرة موجة الألفا الدماغية حيث نطلق عنان العقل للراحة والتأمُّل وأحلام اليقظة ومشاهدة الأفلام أو دقائق انصهار والذات الإلهيَّة حالة صلاة أو نجوى مع سجدة ودمعة تنتشلنا من مستنقع الوعي الإدراكي الخائب إلى سماوات اللاوعي الهائم في سُبُحَاتِ قداسة الوجود وفضاء الجمال المطلق حيث إبداع الحدث وتكامليَّة فصوله من ذات النشأة وخلق اللحظة من عدمية الوجود لإمكانية التَّكوين. ** **