يعتبر وادي تثليث في محافظة تثليث بمنطقة عسير من أكبر أودية المملكة العربية السعودية وأطولها وأشهرها في كتب الأدب والتأريخ والمعاجم الجغرافية، لما يحويه من نقوش أثرية ومواقع تاريخية وتراثية. وتكمن أهميته في وقوعه على طريق التجارة قديما ولقربه من قرية الفاو ونجران، وبالقرب منه تقع جبال مريغان التي تشتهر بالنقوش العربية القديمة مثل نقش أبرهة، وكذلك كثرة الآبار فيه والهجر المنتشرة على ضفافه. وقد سجل فريق علمي تابع لقطاع الآثار في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني107 موقع أثري ضمن برنامج المسح والتنقيب الأثري الذي تنفذه في الوادي وشمل مسح مواقع الفنون الصخرية والكتابات العربية القديمة. حيث أظهرت الاكتشافات تكرار النمط السائد في نوعية النقوش والرسوم الصخرية للدلالة على بيئة رعوية لأنواع مختلفة من الحيوانات نعام وجمال وأبقار ووعول وغزلان وخيول وبعض المفترسات، وطيور برية أخرى إضافة للتصوير الآدمي بأشكال وطرق رسم مختلفة. وتتميز الرسوم والنقوش المنشرة في الوادي بدقتها ودلالتها الوظيفية، وتحديد التفاصيل الدقيقة للمناظر البشرية وأحجامها الضخمة، ويندر ذلك وجوده في المواقع الأثرية الأخرى. ففي مناظر الفنون الصخرية الآدمية والحيوانية تتضح التفاصيل الخارجية لأجزاء الحيوان أياَ كان بطريقة فنية جميلة، وفي أحيان أخرى يكون تفصيليا في بعض أجزاء البدن مثل قوائم النعام أو في الذيل وكذلك القرون الطويلة، أو من خلال الرسم العادي والتصويري للحيوان، ويظهر كثيراً في رسوم الجمال، أما الرسومات الآدمية فتظهر إما برسم بسيط لشخص بقوائم وأطراف إما واقفاً أو ممتطياً أحد الحيوانات، وقد يكون بلباس حربي لرحلة صيد، مع تميز بعض الرسومات الصخرية المكتشفة كتلك التي ظهر فيها رسمه لأنثى بأرداف عريضة، ونقش غائر في الصخر أو على شكل مجموعات في حالات الرق، وبالإجمال فإن كثيرا من المواقع المكتشفة في الوادي يكون فيها خلط بين الرسوم الصخرية والنقوش الثمودية. ومن المواقع المهمة في الوادي جبال عروي 90كم جنوب شرق محافظة تثليث، وجبال يهرة 120كم في اتجاه منطقة نجران، حيث تقع هذي المواقع على جنبات أحد طرق القوافل القديمة التي كانت تنطلق من جنوب الجزيرة العربية للشمال لأسواق الممالك العربية القديمة بداخل الجزيرة وخارجها، حيث يتفرع منها طرق لوسط وشرق الجزيرة العربية، وكانت تلك القوافل محملة بأنواع البضائع وخصوصاً اللبان والبخور.