كشف تقرير حديث لمنظمة السياحة العالمية أن السياحة باتت المصدر الأول للعملات الأجنبية لأكثر من (38 %) من دول العالم، محققة بذلك مركزاً متقدماً بين القطاعات الاقتصادية كمصدر أساسي للدخل ومولد للصادرات وجاذب للاستثمارات. وأشار التقرير إلى أن السياحة تعد أكبر قطاع خدمي على المستوى العالمي، حيث تستحوذ على (40 %) من تجارة الخدمات العالمية، و(11 %) من قيمة الصادرات العالمية من السلع والخدمات، في الوقت الذي تقوم فيه برفع مستويات الدخل والمعيشة من خلال مئات الآلاف من فرص العمل التي تتوافر في الدول التي يحظى بها قطاع السياحة بأولوية في التنمية. ونوَّه التقرير إلى أنه من أهم ما يتصف به قطاع السياحة تأثيره الكبير والمضاعف على جميع جوانب الاقتصاد الوطني وقطاعاته. فتأثير الإنفاق على الخدمات السياحية لا يقتصر على القطاعات السياحية ذات العلاقة المباشرة بالنشاط السياحي مثل وكالات السفر والسياحة، والمنافذ الجوية والبرية والبحرية، والفنادق والوحدات السكنية، والمطاعم، واستراحات الطرق؛ بل يمتد ليشمل عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية التي يحفزها النشاط السياحي مثل خدمات نقل الركاب، ومحلات التموين، والحرف والصناعات التقليدية والأنشطة الزراعية، والصناعات الغذائية والمتاحف والتراث العمراني والمؤتمرات ومراكز التسوق وغيرها من الأنشطة المتشابكة مع القطاعات السياحية. فالسياحة تتطلب وجود منظومة من الأنشطة الاقتصادية المتكاملة لخدمة السائح، تتصف جميعها بالاستخدام المكثّف للموارد البشرية، وبالتالي توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لكل نشاط في هذه المنظومة المتكاملة. وقدر تقرير لمنظمة السياحة العالمية أن يتجاوز عدد الوظائف في قطاعات السياحة في العام بنهاية العام الحالي أكثر من 107 ملايين وظيفة بزيادة 2 % عن العام الماضي. وتوقع التقرير أن يتيح قطاع السفر والسياحة أكثر من 130 مليون وظيفة حول العالم، بحلول عام 2025، محققاً زيادة بمعدل 2.0 % سنوياً على مدى العقد القادم. وتوقّع التقرير أن يصل عدد السياح الدوليين إلى 1.8 مليار سائح بحلول عام 2030 . وأشار التقرير إلى أن السياحة شهدت نمواً وتنوعاً ثابتاً، وأصبحت أحد أكبر القطاعات أكثرها دينامية ومرونة بين قطاعات اقتصاديات العالم، حيث يشكِّل القطاع 10 % من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، ما يعادل 7.6 تريليون دولار. وكشف أنه في عام 2014 ولدت السياحة الدولية حوالي 1.5 ترليون دولار، أي حوالي 6 % من التجارة العالمية في السلع والخدمات. ومن المتوقع أن يقوم 6 مليارات سائح آخرين برحلات داخل بلدانهم سنوياً. ويعادل سهم مصروفات السياحة المحلية حوالي 50 % من دخل السياحة في اقتصاديات المجموعة العشرين، أي حوالي 80 % في كثير من الأحوال. وتعد السياحة - حسب التقرير- من أهم مصادر التوظيف لطبيعة العمل المكثّف بها ومضاعفتها الوظائف في القطاعات ذات العلاقة. ومن المقدر أن الوظيفة الواحدة في قطاع السياحة الأساسي يخلق فرصة وظيفية ونصف في الوظائف الإضافية وغير المباشرة في الاقتصاد ذات العلاقة بالسياحة، كما أنه يمثِّل وظيفة واحدة من كل 11 وظيفة في العالم. وقد انعكس هذا النمو والمرونة على توليد الوظائف، حيث نمت الفرص الوظيفية في المطاعم والفنادق في دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى ضعف الاقتصاد الكلي بين عامي 2009 - 2013 . بدوره قال الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية زوراب بولوليكاشفيلي أن عدد السياح الدوليين حول العالم بلغ أكثر 1.4 مليار سائح في 2018 ما يمثِّل نمواً قدره ستة في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه. وأضاف بولوليكاشفيلي أن ذلك يعد رقماً إيجابياً جداً، موضحاً أنه لم يكن من المتوقّع الوصول إلى ذلك الرقم قبل 2020، وذلك وفق توقعات المنظمة على المدى الطويل الصادرة في 2010 . وبيَّن أن ذلك التسارع يعود بشكل أساس إلى النمو الاقتصادي وتكاليف السفر المعقولة والتطور التكنولوجي وتسهيل إصدار تأشيرات السفر في السنوات الأخيرة. وذكر أن الارتفاع كان مدفوعاً بنمو السياحة في منطقة الشرق الأوسط التي سجلت نمواً بنسبة عشرة في المئة ليبلغ عدد السياح الدوليين الوافدين إليها 64 مليون سائح تلتها إفريقيا بنسبة سبعة في المئة ثم منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوربا بنسبة ستة في المئة ثم الأمريكتان بنسبة ثلاثة في المئة مقارنة بعام 2017 . وشدد بولوليكاشفيلي على أن نمو السياحة في السنوات الأخيرة يؤكد أن هذا القطاع يعد أحد أقوى محركات النمو والتنمية الاقتصادية على مستوى العالم، مؤكداً ضرورة إدارة القطاع بطريقة مستدامة لتحقيق منافع للدول ولا سيما المجتمعات المحلية.