أسدل الستار هذا الأسبوع على أكثر المسلسلات التلفزيونية شهرة، وأكثرها شعبية في العالم وحضورًا عبر ثمانية أجزاء عايشها المتابعون والمعجبون بالدراما الملحمية، حيث تم بث المسلسل في أكثر من 170 دولة، وجذب الموسم الأخير 43 مليون مشاهد في المتوسط لكل حلقة في الولاياتالمتحدةالأمريكية بزيادة قدرها 10 ملايين عن الموسم السابع في عام 2017. أكثر من 10 ملايين مواطن أمريكي حصلوا على إجازة لمشاهدة الحلقة الأخيرة من Game of thrones عبر شبكة HBO، وهو رقم ضخم يوضح حجم التعلق والشعبية للمسلسل الأكثر شهرة. الحب الكبير والشعبية الكاسحة لم تتوقف بعد نهاية الحلقة الأخيرة، فبعد انتهاء الحلقة الأخيرة وقع أكثر من مليون شخص على عريضة لإنشاء نسخة بديلة من الموسم الأخير. سارعت مجموعات الدعم لمعجبي المسلسل الشهير إلى تداول قائمة بأكثر العروض الملائمة والقريبة من مسلسلهم المفضل، كما أطلقت خدمات استشارية نفسية لعلاج حزن انتهاء صراع العروش، بعد أن احتل جزءًا كبيرًا من حياتهم على مدار ثمانية أعوام، لمساندة المعجبين بالعرض التلفزيوني بعد انتهائه، ولتفادي الآثار السلبية المحتملة بعد الانقطاع. تأثير المسلسل بلغ حدًا لا يستهان به في تبني المجتمع الأمريكي لاسمي «آريا» و»كاليسي»، حيث أظهر تقرير لإدارة الضمان الاجتماعي تسمية 2545 طفلة باسم آريا، و590 طفلة باسم كاليسي عام 2019 رغم قلة هذه الأسماء في المجتمع الأمريكي. السؤال الذي يتبادر إلى الذهن بعد معايشة حالات التعلق أو الإدمان للعروض التلفزيونية كيف يعمل هذا العرض المتسلسل في التأثير على أدمغتنا؟ ما يحدث في عقل الإنسان عند متابعة الحلقات المتسلسلة لعرضه المفضل يبين لنا سبب التعلق الكبير، تشرح «رينيه كار» إحدى عالمات النفس السريري آلية الإدمان، حيث يفرز الدماغ مادة كيمائية عند مشاهدة عرضك المفضل، وهذه المادة تمنح الجسد الإحساس بالسعادة والراحة، التي تعزز من مواصلة المشاهدة وزيادة التعلق وإدمان المشاهدة، وبالتالي الانغماس في حياة الأبطال، والارتباط عاطفيًّا وذهنيًّا بهم وبحياتهم على الشاشة، وتغذية الشراهة لاستهلاك المزيد من الحلقات. والسؤال الآخر الملح لظاهرة الإدمان لماذا يتعلق ملايين الأشخاص بعرض تلفزيوني؟ إدمان المتابعة يعد عند البعض هروبًا من الحياة اليومية ومشاكل العمل، وكذلك الروتين القاتل، فالإدمان يأتي كسبيل لإدارة الإجهاد، وربما الإحباط، وتخفيف التوتر والضغوط اليومية. سبب آخر يدعو العديد للمشاهدة هو الشعور بأننا جزء من المجتمع، وتعزيز العلاقات مع الآخرين، عبر التحدث وتحليل الحلقات مع أصدقاء العمل أو العائلة، فالإنسان بطبعه اجتماعي ويسعى للانضمام إلى مجموعة. سبب آخر تمنحنا العروض التلفزيونية خبرات مجانية لطرق التعامل مع أحداث الحياة، كما تمنحنا معلومات نجهلها، في دراسة عام 2013 وجدت أن مشاهدة الأعمال الدرامية عالية الجودة، يمكن أن تزيد من قدرتنا على قراءة مشاعر الآخرين، وتعزيز الذكاء الاجتماعي في التعامل مع الناس.