لا غرابة أن تذهب نتيجة ديربي القصيم لمن يستحقها.. فالمنطق فرض نفسه.. والقاعدة الكُروية الثابتة التي تقول: إن صاحب الأفضلية.. والأوفر نجوماً.. والأكثر جاهزية.. ومن يلعب بثقة الكبار.. ويؤمن بقدراته.. ويتفوّق في الميدان يكسب.. وهذا الأمر أثبته التعاون في لقائه الأخير بالرائد.. وبالغ في إثباته.. وأثبت أيضاً أن أي انتصار «عابر» في لقاءات الديربي والمُباريات الكبيرة والتنافسية.. من المُفترض أن لا يُلغي تلك القاعدة الثابتة..! في المُباريات المهمة والجماهيرية.. لدي قناعة تامة لا يُمكن أن أتنازل عنها وهي أن الفريق الأفضل «فنياً» ينتصر.. وإن حدث العكس فهو لا يتعدى «أمرين» إما أنه جاء بسبب سوء طالع.. وحظ مُتعثّر.. أو بأخطاء تحكيمية مؤثِّرة.. والأمر الأخير هو ما كان عليه الحال في لقاء الفريقين بالدور الأول..! والحديث عن لقاء التعاون بالرائد.. كان رائعاً من جانب التعاون داخل الملعب.. فقد كسب احترام الجميع.. بعطائه الرائع.. وأسلوب أدائه المُمتع.. وكُرته السهلة.. والهجومية.. ولذا جاءت نتيجة اللقاء لمصلحته.. نظير تفوقه المُطلق.. وروح وتصميم لاعبيه.. إضافة إلى أن الفريق لعب بطريقة منهجية.. دفاع مُتماسك.. ووسط قادر على إقفال ملعبه.. وهجوم يعرف أين يتحرك.. بينما مُدرب الرائد خانته خبرته وقُدرته على التعامل مع ظروف المُباراة.. وظل طوال اللقاء يلعب بطريقة واحدة فقط تعتمد على «المُرتدات» وهو سلاح «العاجز» في مُواجهة الفرق المُتفوٍّقة بكل المقاييس.. فالرائد تحول إلى حمل وديع بجعل كُل لاعبيه في منطقة الدفاع.. ووقف مبهوراً بجماليات العرض التعاوني.. ومُتفرجاً على أدائه الفني الراقي..! مُدرب التعاون تعامل مع اللقاء بمنهج ومنطقية.. والأجمل منه بأن «تكتيكه» تبدل حسب ظروف اللعب.. والنتيجة.. فالتغيير التكتيكي الذي أجراه «بيدرو» لم يمنح التعاون «الأفضلية» فهو كان مُتسيداً اللقاء من بدايته وحتى نهايته.. لكنه سلب من الرائد النتيجة التي كان مُتقدماً بها.. وكأنه أي مُدرب التعاون كان يبحث مع الفوز عن «دراما» مُثيرة.. وأن المُستديرة لا تُنصف إلا من يستحق.. وإثبات أحقية وجدارة فريق.. وتقديم ضحية.. هذا فضلاً عن نجاحه في توظيف عناصره.. والاستفادة الفعلية من إمكانياتها..! فالنجاح لا يقف عند خطة اللعب التي تُرسم قبل المُباراة.. إنما خلالها.. وهُنا تبرز كفاءة المُدرب.. وذكاؤه.. وذلك ما ذكرناه في زاوية الأسبوع الفائت.. فالتفوق ليس في طريقة اللعب.. لكنه في التعامل المثالي مع الأحداث والظروف.. وذلك ما فعله بيدرو مع بيسينك حين أمهله في دفاعاته المُستميتة.. وتكتله في ملعبه بشكل مُبالغ فيه.. لكن مع اقتراب موعد الحسم.. اختلف الأمر.. وقال له إن اللعبة يجب أن لا تدوم طويلاً.. وبلغة لعبة الشطرنج «كش ملك» فاللعبة قد انتهت.. فالمُتفرجون ملوا الانتظار.. ويُريدون للمتعة والإبهار أن تكتمل.. وتكون نهايتها سكري..! النتيجة في النهاية ذهبت لمن يستحقها.. وبحث عنها.. وقاتل من أجلها.. وكان التعاون برأيي يستحق أكبر منها نسبة لتفوقه.. وفرصة المُهدرة.. ناهيك عن جانب مُهم يجب عدم إغفاله.. وهي أخطاء الحكم النيوزلندي الذي فات عليه أخطاء كثيرة.. أبرزها ركلة جزاء الرائد التي جاءت من تسلّل واضح.. حتى عندما عاد لمشاهدة الحالة عبر «الفار» كان ينظر لعرقلة حارس التعاون.. ولم يُشاهد بداية الهجمة.. وهدف التعاون المُلغى كان هدفاً صحيحاً لكنه تجاهل رغم عودته للفار أيضاً.. تلك كانت أخطاء مؤثّرة.. لا بُد من الإشارة إليها.. وتجعلنا نتساءل لماذا مثل تلك النوعية المُتواضعة من الحكام هُم من يتم إحضارهم في الدوري خاصة في المُباريات التنافسية والمُهمة..؟ التعاون يُبدع والمُعلق يُخفق..! قد لا نلوم مُعلق دوري بلس ماجد سعود كثيراً لقلة خبرته حين ذكر بعد تسجيل الرائد لهدفه بأن هذه «خامس» مُباراة للتعاون لا يستطيع الفوز فيها على الرائد.. وبالتالي إصدار حُكمه على نتيجة المُباراة قبل نهايتها.. ثُم لقلة خبرته أيضاً يرى بأن المُعلق لا بُد أن يُكثر «الحكي» مما جعله يُحرج عندما قال بأن الرائد يوحي لك بأنه قادر على تسجيل الثاني.. والتعاون لا يُوحى لك إطلاقاً أنه سيُسجل..! اللوم كما قُلت لا يقع كثيراً على الزميل ماجد سعود نظير قله خبرته.. لكن اللوم على الزميل العزيز عبدالله الحربي الذي وصف المُباراة بطريقة المُبتدئين وكأنه يتعامل مع «المايك» للمرة الأولى.. كُل ما أتمناه أن يعود الحربي للمباراة ويسمع ما قال و«بخبرته» الطويلة سيُشخص أخطاءه لتلافيها.. فالحربي ما زلنا نثق بأنه واحد من أفضل المُعلقين في الساحة.. ولكي لا يتكرر المشهد.. ويخسر ما بناه خلال سنوات عليه أن يعود للقاء ليكتشف بنفسه ماذا قال.. وكيف صادر تفوق التعاون.. وهضم حقوقه..!