لم تعد «العُلا» كما كانت عليه من قبل، والأكيد أن وجهها الحالي ستغير بالكلية بعد إطلاق «رؤية العُلا» في حفل يبعث على التفاؤل بمستقبل المحافظة، ومستقبل السياحة في المملكة. ثبات المقومات التراثية والبيئية قابله طموح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحالم بتحقيق أهدافه المستقبلية وفق رؤية2030 التي انبثقت عنها «رؤية العلا»، الهادفة لتحويل المحافظة إلى وجهة سياحية عالمية من خلال الاستثمار في البنى التحتية، واستغلال مقوماتها التراثية والبيئية والثقافية. كتبت العام 2009 عن العلا؛ بعد زيارتي الأولى لها؛ بأنها محافظة تحفها العراقة، ويُحيطها التاريخ بسياج من الحضارات، وكنوز من الآثار العالمية غير المكتشفة. على أراضيها ترسخت حضارة «المعينين»، «الديدانيين»، «اللحيانيين»، و»الأنباط» وسيطروا من خلالها على تجارة العالم القديم. «العُلا»، قصيدة لم تُغنَ بعد، وهي بحاجة إلى فنان مبدع يُصيغ لحنها شوقًا ووجدًا لتُصبح قبلة السائحين، ومقصد المستكشفين، و»عروس الجبال» المُتجلية بإبداع الخالق العظيم. أجدها أكثر إثارة من مناطق أثرية تُشَدُّ لها رحال السائحين، ويتسابق عليها المستكشفون والباحثون عن الكنوز الأثرية. عادت «العلا» للواجهة بقوة بعد أن وجدت من يصيغ جواهرها عقدًا يسر الناظرين؛ وبعد أن أصبحت أحد أهم المواقع المستهدفة برؤية 2030 والمحققة لأهدافها التنموية والتراثية السياحية، وأحسب أن إنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا، كانت بداية الانطلاقة العملية لتحقيق الأهداف التنموية والإستراتيجية في المحافظة، وفق رؤية متكاملة تتعامل مع المحافظة كموقع جغرافي مستهدف بالتنمية والتطوير. من المهم الإشارة إلى مستهدفات رؤية «العلا» التي بنيت على قاعدتين أساسيتين، حيث ركزت الأولى على استثمار المقومات التراثية وفق منظور عالمي، واهتمت الثانية بالمحافظة على طبيعة «العُلا» وبيئتها الجميلة، واستثمارها بشكل إيجابي يعزز الأهداف الإستراتيجية ويحمي المكونات الطبيعية؛ إضافة إلى تركيز الرؤية على تنمية المكان والسكان في آن، من خلال برنامج «المجتمع المحلي» الذي يركز على تنمية السكان وتعليمهم وتوفير الوظائف لهم. وأحسب أن ابتعاث ما يقرب من 330 شابًا وفتاة من أهالي المحافظة، وخلق 2500 وظيفة للحماية البيئية، وتوفير ما يقرب من 1000 منحة تعليمية هو ترسيخ لمبدأ العدالة التنموية التي يجب أن يكون انعكاسها الأول على سكان المحافظة. تطوير «العلا» لتكون وجهة سياحية عالمية يعني تعزيز اقتصاد المحافظة، والمنطقة بشكل عام، خصوصاً أن توقعات الدراسات الأولية تشير إلى إمكانية أن تحظى المحافظة بما يقرب من مليوني زائر سنوياً، وبما يسهم في خلق 35 ألف وظيفة عمل حتى العام 2035. شكلت رؤية «العلا» خارطة طريق لتطوير المحافظة، وبالرغم من منهجيتها وأهميتها لتحديد مسارات التنمية والاستثمار في المحافظة، إلا أن المراهنة تبقى على التنفيذ الذي أعتقد أنه سيكون أكثر انسيابية وكفاءة مع وجود الهيئة الملكية لمحافظة «العلا» التي يرأس مجلس إدارتها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.