لم أتفاجأ؛ وأجزم أن مثلي كثر؛ بالإعلان عن تورط 126 موظفاً في مختلف الأمانات والبلديات بقضايا فساد مالي وإداري ومخالفات قانونية ومنها استغلال النفوذ وإساءة استخدام السلطة، وربما كانت المفاجأة في كف يدهم وتوجيه الاتهام الرسمي لهم!؛ لما كان يتمتع به موظفو الأمانات والبلديات من حصانة مستترة، وقوة مضادة لقوانين وأنظمة مكافحة الفساد. الأكيد أن زمن الحزم الذي نعيشه بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، أعاد هيكلة الجهات الرقابية وأعطاها صلاحيات لم تكن متاحة من قبل، وفق منهاج «لن ينجو أحد من الفساد» وهذا ما يفسر التحول الجذري في التعامل مع قضايا الفساد بشكل عام، وقضايا الأمانات والبلديات بشكل خاص. أحسب أن إسناد حقيبة وزارة الشؤون البلدية والقروية لمعالي الدكتور ماجد القصبي؛ بالإضاف إلى مهامه في وزارة التجارة والاستثمار جاء متوافقا مع توجهات القيادة لتعزيز كفاءة العمل في الوزارة، وتعزيز النزاهة فيها، وإعادة هيكلتها، ومساعدتها على تحقيق الأهداف الإستراتيجية التي لم تكن تسير بوتيرة متناغمة مع رتم الحكومة السريع. يفترض أن يكون كف يد 126 موظفاً وتوجيه الاتهام لهم بداية التحول في منظومة البلديات نحو تعزيز النزاهة وتحقيق كفاءة المخرجات والمحافظة على المال العام والأراضي الحكومية، وهو ما يتطلب مزيداً من التحقيق والمتابعة والرقابة الصارمة وفتح الملفات المغلقة وبخاصة ملفات التعديات على الأراضي الحكومية، والشوارع، والشواطئ البحرية التي حُرم منها المواطنون وتحولت إلى أملاك خاصة. ومن الملفات الواجب فتحها ملف الاستثمار في الأمانات والبلديات؛ لما يحتويه من قضايا متعددة تستوجب التدقيق الصارم لمعرفة كل ما يحيط بها من معلومات مالية. بدءا من المزايدات الصورية وآلية الترسية وسحب الأراضي المستثمرة وإعادة تخصيصها لمستثمرين آخرين، وإغلاق الباب أمام المؤسسات السعودية الصغيرة لمصلحة شركات من خلال وأد الفرص الصغيرة المحركة لاقتصاديات المنشآت الصغيرة والمحافظات والمدن؛ وتجميعها لتشكيل فرصة استثمارية كبرى لا يمكن للمنشآت الصغيرة المزايدة عليها، ما يجعلها لقمة سائغة للشركات الكبرى التي فصلت لها، ومنها بعض شركات التستر. ولعلي أذكر بقضية غسل الأموال التي نظرتها محكمة جدة والمتورط فيها رجل أعمال لبناني اتهم بتأسيس شركة إعلانات عملاقة دون ترخيص، واحتكار شركته للإعلانات ووجد في حسابه مليار ريال. احتكار الإعلانات من القضايا الظاهرة التي تستوجب المراجعة والتمحيص؛ خاصة إذا ما ارتبطت بمستثمرين لبنانيين؛ خشية أن يكونوا غطاء لأنشطة منظمات يمنع القانون التعامل معها. ومن الملفات ملف المتاجرة بأراضي النفع العام، ومخططات الصناعات الخفيفة، التي تحول بعضها لعقود تنفيع ومضاربة، ما حرم المبادرون الشباب منها، وتسبب في إعطائها المتاجرين بها لا أصحاب الأنشطة الصناعية في مخالفة صريحة للائحة الاستثمار. أدعو لمعالي الدكتور ماجد القصبي بالتوفيق وأناشده الاستمرار في إستراتيجية تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد؛ فالنجاح فيها يعني قيام الأمانات والبلديات بعملهم بكفاءة، وبالتالي تحقيق أهداف كثيرة من رؤية 2030 التي تمسك البلديات بزمامها؛ ومنها الاستثمار، والتنمية، وتحقيق كفاءة الإنفاق، وتنمية الصناعات الخفيفة ودعم المشروعات الصغيرة وتحقيق جودة الحياة.