ستظل قضية الإسكان إحدى القضايا المهمة التي تشغل بال الجميع مسؤول ومواطن.. خاصة مع تطور النمو السكاني – سواء في المدن الكبرى أو الصغرى والذي لم يواكبه توافر الأراضي المطورة طبقاً لتخطيط عمراني وبالاشتراطات البنائية المناسبة في المواقع المناسبة بالحجم الذى يجاب الطلب وبما يسمح بالبناء وتكامل تكوين المجتمعات في إطار القدرات المختلفة. والإسكان كمنتج عمراني كما ذكرنا من قبل -وفى أي موقع- تكون عناصر تكلفته الأرض والبناء, الأرض المطورة والبناء الذي يؤثر في تكلفته خاماته وأسلوب إنشائه, ولن نتحدث هنا عن تصميمه لأن المفترض أن يكون التصميم معمارياً وإنشائياً متوافقاً مع متطلبات السكان ومحققاً كل المتطلبات الفراغية لصاحب المسكن. الأرض هي في يد الدولة ممثلة بوزارة الإسكان تخصصها طبقًا لمخططات عمرانية سواء جديدة أو امتدادات لمدن قائمة يحدد فيها الاستعمالات، ويتم تصميم مرافقها طبقاً للكثافات البنائية وما يترتب عليها من كثافات سكانية وتشكل المرافق عند تنفيذها العنصر الخاص بتكلفة الأرض. والبناء لدينا وخلال السنوات الماضية ومنذ اكتشاف الخرسانة المسلحة لم يخرج عن كونه حوائط حاملة على أساسات متصلة أو هيكل خرساني على أساسات منفصلة أو متصلة وقد تكون الحوائط الحاملة من الطوب أو من الحجر الجيري، وأصبح ذلك هو نمط البناء لدينا، ومعنى ذلك أن أكثر العناصر الحاكمة في تكلفة البناء هي الأسمنت وحديد التسليح. لن يختلف كثيرون معي -هكذا أرجو- في أن عناصر التكلفة الحاكمة في الإسكان هي تكلفة البنية التحتية للأراضي المخططة عمرانياً والأسمنت وحديد التسليح ولحسن الحظ فإن معظم هذه الخامات المطلوبة تنتج محلياً بالكفاءة والكفاية اللازمة ويتبقى مواد التشطيبات وهي في طريقها لهذه الكفاية. ومعنى ذلك أنه ليس من الصعوبة بمكان, ومن خلال قواعد البيانات والمتوافرة عن السكان والإنتاج التعرف على حجم الأموال اللازمة للاستثمار في مجال الإسكان. وفي إطار توجهات المجلس الاقتصادي الأعلى فإن حجماً كبيراً من الاستثمارات اللازمة سيقوم بها القطاع الخاص الذي ستضع له الدولة الأطر التشريعية والاقتصادية والآليات التي تعاونه على القيام بواجباته المتوقعة منه. وفي تصوري -ونحن نتجه إلى تحديث الآليات الحكومية في رؤية المملكة 2030م إنه آن الأوان لإيجاد مبادرات جديدة تندرج تحت الرؤية لتشجيع الاستثمار بمشروعات الإسكان ويخرج من رحمها هيئة عليا تعنى بالاستثمار بالمشروعات الإسكانية التي سوف تستمر باستمرار النمو السكاني. إذا ما أنشئت هذه الهيئة سيكون دورها تخطيط ورعاية البحوث وتصميم وتمويل المشروعات المختلفة بصور مختلفة لأنها ستعرف مع الإدارة المحلية لمدن المملكة لمن تبنى وأين تبنى وكيف تبنى وتضع أساليب التمويل المناسبة في كل حالة.. تمويل القائمين على البناء, وتمويل طالبي الوحدات... دعونا نفكر في هذا المدخل الجديد.