ربما يُصبح ذلك قانوناً في القريب العاجل حال تصويت بعض البرلمانات الخليجية لصالح تحديد سن العامل الأجنبي فيها ب -خمسين سنة فما دون- بعدما قُدمت مقترحات لإلغاء تصريح أي عامل أجنبي بلغ هذا السن. الهدف المُعلن دائماً من مثل هذه المُقترحات هو تحسين نوعية العمالة الوافدة ورفع كفاءتها، وعدم السماح ببقاء العمالة الأجنبية المُسنَّة لما لها من آثار سلبية، رغم وجود اعتراضات على مثل هذه المُقترحات من جانب بعض التجار والغرف التجارية، وتخوفهم من انعكاس هذا التوجه سلباً على شريحة كبيرة من أرباب العمل، حيث إننا سنفقد الخبرات في بعض المهن التي تتطلب ذلك، ولا يمكن الاستغناء والتفريط بهذه الكوادر المهنية والخبرات بعد هذا العمر، إضافة لتعارض مثل هذه الأفكار مع اتفاقية العمل الدولية لكونه يتضمن تمييزاً بين العامل الأجنبي والخليجي، وتمييزاً بين العمال الأجانب أنفسهم من ناحية العمر, وإن كانت المخاوف الأخيرة يمكن تجاوزها بحجة توطين الوظائف كأولوية تتفق حولها أغلب دول العالم رغم توصيات منظمة العمل الدولية. السوق السعودي هو أكثر الأسواق الخليجية تأثراً بهذا المفهوم منذ وقت مبكر، عندما تتسرب منه الكفاءات والخبرات العمالية الأجنبية إلى الأسواق الخليجية الأخرى في سن مبكرة بعد أن اكتسبت الخبرات اللازمة في بلدنا وقبل أن يستفيد منها السوق السعودي نفسه الذي يستقبل عمالة جديدة يدربها ويمنحها الخبرة لتغادر أعداد منهم نحو الأسواق الأخرى، من خلال مسح صحفي بسيط وجدت أنَّ أعداداً كبيرة جداً من الأيدي العاملة المُحترفة اليوم في معظم دول الخليج، بدأت حياتها المهنية واكتسبت لغتها وخبراتها في السوق السعودي أولاً، ثم بعد ذلك تسربت إلى الأسواق الأخرى بحثاً عن راتب أفضل بحكم الخبرة، وتفضيل أصحاب العمل في تلك الأسواق (لخريجي) السوق السعودي، مع عدم وجود أنظمة موحدة لدى جميع دول الخليج العربي تحمي صاحب العمل السعودي الذي يدفع ثمن تدريب العامل وتأهيله ليُغادر بكل سهولة إلى دولة خليجية أخرى. وهي ذات الفكرة التي ستحدث في الأسواق الخليجية حال إقرار الاستغناء عمن بلغ سن الخمسين من الوافدين، لأنَّها ستفقد هذه الخبرات لصالح أسواق أخرى، وهي نقطة جوهرية في المسألة، فبدلاً من انتظار تكريم العامل أو الموظف الذي يُمضي سنوات طويلة كما يحدث في الأسواق العالمية -لما اكتسبه من خبرة- كنوع من الوفاء والتقدير له، نجده مُهدداً بالتسريح وشبح الإبعاد. وعلى دروب الخير نلتقي.