«الكاتب الذي يوحد بين أقداره وأقدار قرائه، هو كاتب يجيد الكتابة بصدق!» هكذا قال محمد حسن علوان في روايته الشهيرة سقف الكفاية، بينما أعتقد أن الكاتب هو الذي يجيد تمزيق الأحاديث المحبوسة في مخابئ النفس، وهو الذي يحشو الدماغ بالأسئلة المثيرة التي لم يجرؤ على طرحها أحد غيره أمام مزاج الزمن المتقلب العابث، وهو الذي يستطيع أن يدمج بين خطوط الطول والعرض ليصنع في ذلك العقل الكامن تعقيداً جديداً يردف كل التعقيدات الحياتية التي استطاع هو وحده – وأعني الكاتب – أن يفك ارتباطها بجرة قلم!. وعلى مدى التاريخ، تباين نعت الكتابة بين القراء، فهناك من ينعت الكاتب بالمجنون، وهناك من يلبسه رداء الشرف، غير أن الكتابة التي لا تجيء على هيئة قدر، وأسبابها مبنية على فعلٍ ماضٍ، فإنها تتشكل بأشكال الخزعبلات وبدايات الخرف، ولا تصنع في النفس المتحاملة على نفسها لحمل هذه المسؤولية إلا مزيداً من التعاسة والقرف!. إن الكتابة التي لا تجيء في شكل نبوءة من نبوءات اليقين، ولا تترك أثراً يشبه النقوش الفرعونية في ذاكرة الأهرام الجوفاء المخيفة، ولا تخدش حياء الحياة بأسئلة لا نهائية، ولا تقيم للأجوبة الاستثنائية وزناً ولا قيمة، فإنها تظل مجرد خربشات لا تليق بالزمن المستقطع لقراءتها، ولا يلحق بها سوى الحزن على الوقت المهدر والظهر المعقوف عند كتابتها! إن الكتابة موعد محفوظ، وامتداد تاريخي لتقلبات الرأي والمزاج، وأهواء النفس البشرية، وهي القدر الذي كُتب لكاتب ما في جبين تاريخه، فمن أجاد التلوي في نوايا قرائه وبطون صمتهم، وأستشرف ما وراء «أقوالهم» فقد استمسك بقدره وجمهوره وإن حاصر نفسه! - عادل الدوسري [email protected]