في الصيف وجوِّه الساخن يهرب الناس كل الناس خصوصاً الذين يعانون من ارتفاع درجة الحرارة في مناطقهم ومحافظاتهم ومدنهم من ارتفاع الجو الساخن جنباً إلى جنب مع ارتفاع استهلاكهم للكهرباء، الأمر الذي يرفع من درجة معاناتهم في الكيفية التي يوفرون بها قيمة هذه الفواتير التي وكما هو معروف ومعاش للجميع أنها تتضاعف كثيراً بفضل الحر اللاهب. وما أكثر الذين تضطرهم ظروفهم الحياتية والمعيشة لتحمل حرارة جو الصيف، فلا مفر من تحمل ذلك وأكثر من ذلك؟! فكيف حال من دفعته ظروف العمل للعمل بجوار الأفران، أو تحت أشعة الشمس، والذي تتيح له الفرصة لمشاهدة هؤلاء يحمد الله كثيراً أن لقمة عيشه لا تأتي من هذه الأعمال التي تزيد من حرارة العامل. فلو دققت النظر في وجه «الخباز» لخرجت بانطباع بأن لون وجهه بات قريباً من لون خبزه.. وهذا ما يحدث لوجوه من يعملون في الحدادة والتعامل من الفحم طوال ساعات العمل، فتجد وجوههم تغطت بهباب الفحم. ومن أجل أن نأكل خبزاً بلدياً لابد من المخابز الشعبية والتقليدية التي تقدم لنا أشهى أنواع الخبز، وكذلك حاجتنا إلى بعض الصناعات والمنتوجات الصناعية لبعض الأدوات الزراعية والمنزلية لا يمكن توفرها إلا من خلال دكاكين أو ورش الحدادين الذين يعملون في صمت وأمامهم مواقد النار التي تكاد تشوي وجوههم خصوصاً في شهور الصيف.. ورغم الصيف وأجوائه الحارة تجد من يعمل بحب تحت أشعة الشمس اللاهبة وهو ينتظر زبوناً عابراً جاء من أقصى المدينة أو قرية بعيدة من أجل شراء ما يحتاجه من باعة البسطات سواء أكانت بسطات خضار وفاكهة أم منتجات تقليدية أبدعت أنامل أبناء وبنات الوطن في إنتاجها.. تحت أشعة الشمس في الحقول الزراعية، وحتى في الطرقات والشوارع نجد مئات الباعة يعرضون بضاعتهم في سعادة وتحدٍ للصيف وحرارته وحتى شمسه. كل منا شاهدهم وهم يبتسمون والعرق ينضح من جباههم، يا الله كم هي مشاهد عظيمة تعبِّر عن القدرة والتحمل والفعل. وما أروع العمل في الوطن، والحرارة والشمس لسعت الأيادي وبللت ثياب الباعة بعرق العافية.. وهنا تحتار ماذا تكتب عن هؤلاء الذين يعملون في كل مكان بعيداً عن أجواء المكيفات الباردة. هذا، ويقول بائع البطيخ الحساوي (محمد إبراهيم): «إن البيع والعمل في الصيف لا شك أنه متعب خصوصاً وهو يمتد لساعات عدة منذ الصباح الباكر، فالرزق يحب البكور، ولكن ومنذ منتصف النهار تبدأ الحرارة في الارتفاع ولابد من أن نتمَّلها، فهذه هي حياتنا ورزقنا، ولله الحمد والشكر).. هذا البائع المواطن وأمثاله الكثر في بلادنا الواسعة الشاسعة ورغم أجواء الصيف تجد ابتساماتهم تتحول في وجوههم إلى ورود ذات عبير خاص.. فتحية لهم.