ما الذي تغير؟.. فاز الهلال بكأس خادم الحرمين الشريفين وأطلق عنان الفرح في قلوب محبيه ببطولة جديدة مجدداً بعد أيام من تحقيقه لكأس الدوري، في نظري لا شيء تغير فالهلال هو الهلال سيد الفرح وزعيم الألقاب والجدير دائماً وأبداً بأرطال الذهب، خزانته تقول هل من مزيد، وجماهيره لا يرضيها غير الألقاب ولاعبوه لا يملون من ارتقاء المنصات وبحر الكلمات نضب في حضرة الزعيم، فلا تكاد الحروف تكفي لوصف هيمنته وارتقائه وقوّته وطرائق بطشه، إن استفزوه رد بعنف وسحق منافسيه، وإن تهكموا بابتعاده عن البطولات عاد ليجهز عليهم ببطولة أو اثنتين أو ثلاث أو أكثر في كل موسم، ظنوا أن ما يحدث لجميع الأندية ينطبق على الزعيم فتساهلوا الفوز عليه متذرعين بطغيان فرحته الأخيرة ببطولة الدوري، وخاب ظنهم حينما قدم لهم درساً أكد جهلهم بماهية الزعيم وكيفية تكوينه وطريقة تركيبته السحرية، والتي لا يصغر معها أبداً منذ تأسيسه بل بات على وشك أن تتجاوز بطولاته عمره الحقيقي. توهموا بأنهم سيباغتوه ذات نهائي على ملعبهم فراهنوا على لقب من ألقابه حاولوا نسبه لفريقهم، وكان الأزرق الملكي في الموعد وكأنه يقول : «الكلام لكم والفعل لي». تخيلوا أن لجنة توثيق البطولات السعودية أعادت تصنيف البطولات وأنقصت من الهلال بطولتين، بحجة عدم تطابقهما مع شروط التصنيف، فلم يكد يمر أقل من نصف عام حتى أعاد الزعيم الأمور إلى ما كانت عليه فحقق بطولتين غاية في القوة والنقاء على مرأى ومشهد من الجميع، لتصل بطولاته مجدداً للرقم 56 بجهد إدارته وفنييه وإدارييه ولاعبيه؛ إدارته التي يتزعمها «العود الأزرق» نواف بن سعد الذي ضحى كثيراً وتعرض للكثير من الضغوط والصدمات والعقبات، ولكن كل ذلك لم يزده إلا قوة وصلابة وقدرة على قيادة دفة فريقه؛ نواف بن سعد رجل يحترق ليبهج الآخرين، وكلنا نتذكر مرض طفله ثم أزمة تسديد الديون ومتطلبات اللاعبين وضغوط تسجيل اللاعبين الأجانب؛ ثم فشل المدرب غوستافو الذي بدأ الموسم مع الفريق، وفي وقت حساس ومهم اتخذ رئيس الهلال وإدارته أحد أهم القرارات في السنوات الأخيرة، ليقال غوستافوا ويتم التوقيع مع الخبير دياز، والجميل أن انتصارات «العود الأزرق» نواف بن سعد تأتي متتالية داخل الملعب وخارجه بالدفاع عن ناديه والمحافظة على مكتسباته وزيادة غلته من البطولات، وفوق هذا وذاك عدم الانحراف عن الخط الهلالي القديم والثابت بحفظ حقوق الآخرين وتجيير جزء من النجاح لهم ومنحهم ما يستحقون فعلاً وقولاً ولا يحتاج الأمر إلى إثبات، فبمجرد أن تستمع لتصريحات الرجل سيتضح لك المنهج الهلالي الذي لا يمكن أن يحيد عنه رئيس. وفنيّوه الذين قدموا لنا فريقاً لا يقهر، بل وأعادوا الهلال الهجومي الصاخب ذا النتائج الكبيرة، بقيادة الخبير والفذ رامون دياز ورفيق دربه مدرب اللياقة الفارو. وإداريوه الذين تحدثت عنهم في مقال سابق وأضيف إليهم مدير المركز الإعلامي فيصل المطرفي، الذي أبعد فريقه عن أي نزاعات خارج الملعب واتخذ منهج الهدوء والعقلانية، وزميله مسؤول العلاقات العامة ياسر الطلاسي الذي لا يخفى على أي متابع حجم الجهد الذي يبذله من أجل ناديه. أما لاعبوه فأفعالهم رفعتهم للقمة وحافظت على سطوة هلالهم، وتأكد للجميع بأنّ النجوم الذين كانوا صغاراً تتأرجح مستوياتهم ويتأثرون بالظروف المختلفة قد نضجوا الآن وتشربوا روح الانتصار، وأصبحوا يدركون أكثر قيمة شعار النادي الذين ينتسبون إليه، وبأنهم اليوم أصبحوا يكتبون جزءاً من تاريخه. وقبل مواجهة دور ال 16 الآسيوية بثلاثة أيام أمام استقلال خوزستان لا أظن أن نجوم الهلال سيرضون إلاّ بختام يليق بسيد الفرح. * ثانية «عندما أقوم ببناء فريق فإني أبحث دائماً عن أناس يحبون الفوز، وإذا لم أعثر على أي منهم فإنني أبحث عن أناس يكرهون الهزيمة». -روس بروت-