أن تحدد في مادة قانونية مقدار التعويض للطرف المتضرر من فسخ عقد «لسبب غير مشروع»، فأنت تمنح أصحاب المنشآت في القطاع الخاص حق إنهاء العقد حتى لسبب غير مشروع، وهذا أمر خطير، فحين تفرض -بحسن نية- تعويضاً، عبارة عن مكافأة خمسة عشر يوماً عن كل سنة، وبما لا يقل عن مرتب شهرين، يعني أنك منحت القطاع الخاص حق فصل السعوديين بلا سبب مشروع، صحيح أن المشرع كان يريد حفظ حق التعويض عند إلغاء العقد، لكن صياغة المادة بررت لمن يرغب امتطاء الأنظمة، ومنحته حق التلاعب والفصل بلا سبب، وعلى طبق من ذهب! لا يمكن أن نلوم أصحاب المنشآت لأنهم ركبوا فوق ظهر المادة 77 وعبثوا كما يشاؤون، فهم في النهاية تجار، يفكرون بالربح أولا وأخيرا، ولا يعنيهم «ابن البلد» إطلاقا، فكثير منهم يردد بأنه أنشأ شركة تبحث عن الكسب وتعظيم الربح، ولم ينشئ وكالة ضمان اجتماعي، مع أن هذا الوطن بنموه الاقتصادي وازدياد الطلب على السلع والخدمات هو من صنع ثروات هؤلاء! إن ترك هذه المادة مفتوحة للتأويل والتفسير حسب الأهواء، ليس في صالح العلاقة الطبيعية بين الموظف ورب العمل، وستسهم في المزيد من الفصل التعسفي للمواطنين، لأسباب غير مشروعة، مما يجعل هيئة توليد الوظائف تتورط في دورها المنتظر، فلا تعرف لمن تولد الوظائف، هل للخريجين الجدد والعائدين من بعثاتهم الدراسية في الخارج؟ أم للمفصولين السعوديين من أعمالهم؟ كما يجعل الدولة تواجه مزيدا من طلبات التوظيف في القطاع الحكومي وهو ما يعارض رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى الخصخصة ومنح القطاع الخاص دورا أكبر في التنمية. في الوقت الذي أهنئ الدكتور علي الغفيص بمنصبه الجديد كوزير للعمل، أرى أن عليه المسارعة بإلغاء هذه المادة، أو تعديلها بإبراز هدفها في حق التعويض فقط، مع الحفاظ على الأمان الوظيفي لموظفي القطاع الخاص، خاصة أن الدولة تراهن على دور القطاع الخاص في رؤيتها 2030، لذا يجب وضع قوانين وأنظمة دقيقة جدًا لحماية المواطن في هذه البيئات، والحفاظ على حقوقه، مع مراعاة مصالح منشآت القطاع الخاص، وحقها في توظيف الكفاءات الوطنية المنضبطة والمنتجة، وفصل المتسيبين وغير المنضبطين والمنتجين في أعمالهم. إن وجود هذه المادة المقلقة أضاعت ما تبقى من الأمان الوظيفي، وأضعفت الثقة بالقطاع الخاص، ومنحته الحق للفصل التعسفي، وزاد القضايا والنزاعات العمالية، ورفعت معدل الفساد فمن يرفض تنفيذ المخالفات يُفصل، كما زادت من الطلب على الوظيفة الحكومية رغم ضعف دخلها مقابل إغراءات القطاع الخاص، وأوجدت بطالة جديدة رفعت معدل البطالة في مرحلة العمل على خفضه، وهو أهم الأدوار المطلوبة من وزير العمل الجديد.