تغلب الهلال على شقيقه الأهلي على أرض الجوهرة، في إحدى المحطات المهمة في الطريق الطويل لمعانقة ذهب الدوري الذي غاب عن خزائنه لخمسة مواسم على التوالي. والتي تعتبر في عُرف الزعيم صاحب الرقم القياسي في تحقيق البطولة خمسة عقودٍ أو أكثر. كان الانتصار الهلالي في تلك الليلة بالغ الأهمية. حيث أوقف سلسلة عدم الفوز على الأهلي في جدة والتي وصلت لستة لقاءات دورية متتالية (أربعة تعادلات وخسارتان). أضف لذلك أن تلك الثلاث نقاط وضعته على صدارة الترتيب بفارق نقطتين عن الاتحاد. والأهم من ذلك كله، عودة الانتصار الهلالي في مباريات المحك وأمام منافسٍ مباشر. ففي مثل هذه المباريات يظهر معدن الفريق الحقيقي، وتصريحه الواضح برغبته الجامحة بتحقيق اللقب فعلاً لا قولاً. الكثير من الجماهير مقتنع تماماً بأن الدوري يتحقق عبر نقاط الفرق الصغيرة أو المتوسطة، وهذه المقولة عندما لا يتم إكمالها بعبارة (وعدم الخسارة من منافسيك المباشرين) تعتبر عبارة مضللة وغير واقعية. لنأخذ مسيرة الهلال الحالية في الدوري حتى الآن مثالاً ونفندها عبر احتمالات مختلفة: فالهلال لعب 10 مباريات، فاز في 8، وخسر في 2. الاحتمال الأول: لو افترضنا أننا استبدلنا خسارة الهلال من الاتحاد بفوز، وفوزه على القادسية متذيل جدول الترتيب حالياً بخسارة. فسنجد أن الهلال بنفس النقاط الأربع وعشرين، ولكنه متصدر بفارق 3 نقاط عن النصر صاحب المركز الثاني، والذي لم يقابله حتى الآن. الاحتمال الثاني: لو افترضنا أنّ الخسارتين اللتين تلقاهما كانتا من الاتحاد والأهلي، فسيجد نفسه متصدراً بفارق نقطتين عنهما سويةً. وذلك يعني أن أي تعادل قادم مع فوز الاتحاد والأهلي، سيلقي بالهلال فوراً إلى المركز الثالث بحكم المواجهات المباشرة. مهمٌ جداً للاعبي الهلال أن يتشربوا تلك القناعة قبل جماهيرهم، وأن الدوري لا يأتي للمنتظرين لسقوطه من بين أيدي منافسيهم لأحضانهم فجأةً، بل إنه يجب أن يُنتزع انتزاعاً من أمام أعين أكثر الراغبين والساعين إليه. تلك الأهمية التي ذكرتها يجب أن لا تنتهي مع نهاية لقاء الأهلي الماضي، بل يجب أن تزداد حجماً وضخامةً في لقاء الشباب القادم ولقاء الوحدة ثم لقاء النصر بنهاية الدور الأول. فالتسع نقاط القادمة هي التصريح الأقوى والرسالة الأبلغ بأن الهلال ينوي قطع سنوات الجفاء بينه وبين لقب الدوري. الانتصار في لقاءات المنافسين هو توسيع للفارق عندما تتصدر، أو ردم للهوة عندما تتأخر. وهو رسالة مرعبة لفرق الوسط والمؤخرة، بأنّ المنتصر قادم للثلاث نقاط التي بحوزتكم مهما حاولتم منعه. بقايا ... « بمجرد تحقيق انتصار كبير ومهم، بدأت محاولات تعطيل الزعيم. وأولها دياز وكاميرات مساعديه التكتيكيين. « أخطر ما يمكن أن يواجهه الهلال في لقاء الشباب القادم الهام، الاعتقاد بأن الشباب سيكون فريسة سهلة لغياب بن يطو وبلعمري، واستناداً على مستوى الهلال والشباب في لقاءيهما الدوريين أمام الأهلي والرائد. فلمجرد التذكير: الشباب تغلّب على الأهلي والاتحاد! « من سمع عن نتيجة كلاسيكو الهلال والأهلي ولم يشاهده، سيعتقد بأن اللقاء كان متكافئاً، وخطف الهلال نقاطه فجأةً. الهلال سجل هدفين وأضاع أربعةً محققة. ومشكلة عدم التسجيل من الفرص السانحة يجب أن تحل فوراً قبل أن تطير الطيور بأرزاقها. خاتمة ... من تنقصهم الشجاعة، يجدون دوماً فلسفةً يفسرون بها ذلك. (إلبير كامو)