الأحداث الاستثنائية لحظات مضيئة لا تمحى بسهولة رغم تنائي السنين وكر الأيام؛ فهناك دائمًا متسع من الجهد والوقت لتشيد الأمم النابهة بهذه الأحداث. والاستثنائيون هم الذين يصنعون المجد والرقي، والوفاء لهؤلاء الاستثنائيين وببذلهم وتضحياتهم ملمح إنساني وحضاري؛ ليشعر أصحاب الفضل بأن وراءهم من يحفظ لهم ذكرهم فيحفزهم على المزيد من العطاء. تداعت إلى خاطري هذه الكلمات، وأنا أستحضر أحداث عام مضى، احتدم بالصراعات الإقليمية والعالمية، بينما الوطن بفضل الله تعالى ينعم بالرخاء والأمن، في ظل قيادة حكيمة رُبانها ملك قائد، وحكومة راشدة تدير سياسة الوطن في الداخل والخارج بكل حنكة واقتدار، وفي حنايا الوطن، وحدوده الأبيّة بواسل فتية، وحراس أشداء ساهرون على أمنه، يضربون أروع الأمثال في التضحية والفداء. كما استحضر الخطاب التاريخي الذي ألقاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، - حفظه الله-، بعد توليه مقاليد الحكم؛ بمناسبة مرور عام على البيعة التي تمت في 3 ربيع الآخر 1436ه، وما تحقّق على أرض الواقع منذ ذلك التاريخ، من إنجازات وتطورات كبيرة جدًا يدركها الجميع في المملكة، ويقف أمامها بالتقدير والإجلال المراقبون والسياسيون حول العالم. قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-: «أسأل الله أن يوفقني لخدمة شعبنا العزيز وتحقيق آماله، وأن يحفظ لبلادنا وأُمتنا الأمن والاستقرار، وأن يحميها من كل سوء ومكروه». كما أكَّد في خطابه: سنظل بحول الله وقوته متمسكين بالنهج القويم الذي سارت عليه هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسِّس عبدالعزيز -رحمه الله-، وعلى أيدي أبنائه من بعده -رحمهم الله- ولن نحيد عنه أبدًا، فدستورنا هو كتاب الله تعالى، وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم.. ولن ندخر وسعًا في خدمة أمتينا العربية والإسلامية، سعيًا لوحدة الصف وجمع الكلمة، للدفاع عن قضايا أمتينا». وهي كلمات مخلصة تعني الكثير وتحمل أبعادًا ودلالات مهمة في سبيل بناء المستقبل المزدهر والمستقر للبلاد. لقد تم إعلان انتقال السلطة بسلاسة وبكل ثقة واقتدار، رغم الظروف العصيبة التي تمر بدول الجوار؛ ليعلن الملك والقائد الحكيم صدور أوامره بتثبيت الحكم واستقرار البلاد بأوامره التاريخية الأربعة والثلاثين، وتعيينه ولي العهد ووليا لولي عهده في رسالة قوية بعث بها أولاً لأبنائه المواطنين، وثانيًا للأمتين العربية والإسلامية، ثم للعالم أجمع بأن أمن المملكة العربية السعودية مستقر، وأن المملكة في أيادٍ أمينة، ليكتب التاريخ لهذا القائد أنه أصدر أهم القرارات خلال الساعات الأولى من تسلمه مقاليد الحكم. توالت الأوامر الملكية لإسعاد الشعب بمنحه -حفظه الله- رواتب للعاملين في الدولة، وسداد المديونيات، والعفو عن المسجونين في الحق العام، ودعم الجمعيات الخيرية ومستحقي الضمان الاجتماعي، وذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك دعم الأندية الأدبية والرياضية والجمعيات المهنية ليؤكد -حفظه الله- أن رعايته للوطن ومؤسساته وأبنائه وبناته الموظفين، والمحتاجين، وكذلك أندية الأدب والرياضة لا تغيب عن سلم اهتماماته، وقمة أولوياته. ولا شك أن الملك سلمان كرّس وقته وجهوده لخدمة المواطنين ولدفع عجلة التنمية في هذا البلد المبارك منذ أن كان أميرًا لمنطقة الرياض، التي تولى إمارتها وعدد سكانها لا يتجاوز مائتي ألف نسمة، وغادرها وهي من أضخم عواصم العالم ليقارب عدد سكانها الآن أكثر من خمسة ملايين نسمة، ومنذ تسلمه لإمارة المنطقة وحتى ولاية العهد لم يترك استقبال المواطنين الأسبوعي في منزله، يستمع إليهم ويحل مشكلاتهم ويلبي طلباتهم واحتياجاتهم، فهو الرجل القيادي القريب من أفراد شعبه الرحيم بهم. ومن يتابع ما تمر به المنطقة والأحداث التي تعصف بكثير من الدول، والحرب الضروس ضد الحوثيين الدائرة على الحدود الجنوبية وانخفاض أسعار البترول، ومع ذلك لا يشعر المواطن السعودي والمقيم على ثرى المملكة بأي شيء يعكر صفو الأمن، أو يضيق المعيشة الكريمة التي يحظى بها إنسان هذه البلاد، واستمرار الدولة في تنفيذ المشروعات الكبيرة ودعم صناديق الاستثمار، والتركيز على المواطن في ميزانيتها التي جاءت خلاف التوقعات والتحليلات مؤكدة مكانة الاقتصاد السعودي ومتانته، لا يملك إلا أن يشيد بسياسة هذا الملك الحكيم العادل سلمان بن عبدالعزيز. لقد استشرف خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز عهده الزاهر برؤية إصلاحية كلية في شتى المجالات تمثلت أبرز وجوهها في الآتي: قيادات شابة وطموحة انطلقت رحلة الإصلاح والتطوير مع بدء عهد الملك سلمان باختياركوكبة من القيادات الشابة المحنكة في طليعتها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، قيادات شابة قلبها على الوطن، تبذل الغالي والنفيس ليبقى الوطن شامخًا آمنًا مطمئنًا بالتوحيد والحزم. لقد عززت القرارات الملكية دور الشباب في مؤسسة الحكم، وحفلت بكل معاني الصدق والوفاء تجاه هذا الوطن وشعبه، وجسدت حكمته وخبرته الإدارية الممتدة لأكثر من نصف قرن، حيث رأى أن يضع مستقبل الوطن في أيدٍ شابة أمينة، أثبتت الأيام كفاءتها وقدرتها على السير بمكتسبات البلاد قدمًا نحو مملكة قوية فتية تحافظ على دينها القويم ومقدساتها التي تهوي إليها الأفئدة من كافة أصقاع العالم. فمن توفيق الله تعالى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن أصدر -حفظه الله- قرارات فجر الأربعاء الموافق 10 رجب 1436ه، 29 أبريل 2015م؛ باختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء وزيرًا للداخلية ورئيسًا لمجلس الشؤون السياسية والأمنية، واختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وليًا لولي العهد ونائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء وزيرًا للدفاع ورئيسًا لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بعد الاطلاع على تأييد الأغلبية العظمى من أعضاء هيئة البيعة بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة وتقديم المصالح العليا للدولة على أي اعتبار آخر، وتحقيقًا للمقاصد الشرعية وسلاسة انتقال للسلطة وتداولها على الوجه الشرعي بمن تتوافر فيه الصفات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم. جاءت هذه القرارات لترسي قواعد الطريق نحو مستقبل زاهر بالاستقرار والتقدم في المملكة، وتثلج صدور المواطنين السعوديين جميعًا، ولا شك أنها طمأنت الجميع بأن الأيام المقبلة ستحمل مع هذه القيادة الشابة، بإذن الله تعالى، الخير الكثير كما تحمل الاستقرار والأمن والعزم على مواصلة السير في عملية التنمية والنهضة الشاملة التي تشهدها البلاد، كما تبعث برسالة قوية إلى الخارج بأن الشعب السعودي على قلب رجل واحد يقف خلف قيادته في اليسر والعسر والمنشط والمكره، ولاسيما في ظل ظروف صعبة وبالغة التعقيد، وفي وقت حساس وخطير نرى فيه بعض دول الجوار وقد تفككت وتمزقت أوصالها وطحنتها حروب أهلية وطائفية أهلكت الحرث والنسل، ودفعت مواطنيها للهرب خوفًا على حياتهم وحياة أولادهم. ولقد سار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- على النهج الذي أرساه مع أخيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- في اختيار ولي لولي العهد؛ عملاً بتعاليم الشريعة الإسلامية فيما تقضي به من وجوب الاعتصام بحبل الله والتعاون على هداه، والحرص على الأخذ بالأسباب الشرعية والنظامية، لتحقيق الوحدة واللحمة الوطنية والتآزر على الخير، وانطلاقًا من المبادئ الشرعية التي استقر عليها نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، ورعاية لكيان الدولة ومستقبلها، وضمانًا، بعون الله تعالى، لاستمرارها على الأسس التي قامت عليها لخدمة الدين ثم البلاد والعباد، وما فيه الخير لشعبها الوفي. قرار عاصفة الحزم من أهم القرارات السيادية التي اتخذها الملك سلمان، قرار عاصفة الحزم الذي أعاد للأمة العربية مكانتها بعد أن عاث الحوثيون في اليمن، هذا البلد الجار العربي المسلم، فسادًا بإملاء من الصفويين الذين راهنوا على تغيير خريطة البلاد العربية، وتفتيتها ونشر الفوضى فيها بإشعال الحروب الطائفية التي تقودها التنظيمات الإرهابية، ومحاولتها المستميتة لإلصاق تهمة الإرهاب بالدول السنية والتغرير بالأقليات الشيعية فيها، والقيام بحملة تشييع كبيرة لتحويل هذه الدول إلى المذهب الرافضي، وبعد أن كادت هذه الفوضى تعصف بالدول العربية، وظنت إيران ومن معها أن أهدافها قاب قوسين أو أدني من أفول نجم الدول العربية، قيّض الله، عزّ وجلّ، لهذه البلاد، بل للعرب والمسلمين، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، فكان من أهم إنجازاته التي خلدها التاريخ في هذا العام عاصفة الحزم لقطع رأس الأفعى في اليمن، وإعادة الثعالب إلى جحورها بعد أن استأسدت وطغت بحشد المال والسلاح وشراء الذمم؛ إِذ لبّى نداء الشرعية في اليمن؛ لتبقى لليمنيين الشرفاء بلدًا عربيًا جارًا مسلمًا، وجاء هذا التحالف العربي الذي بنته المملكة في صمت ووفق رؤية مدروسة أذهلت العالم كله الذي أفاق على عمليات عسكرية غاية في الدقة. عاصفة الحزم لم تنتصر لليمنيين فقط، وإنما عزمها انتصر للشعب السوري الجريح الذي ما إن بدأت عاصفة الحزم حتى بدأ يحقق انتصارات ساحقة على الأرض ضد نظام القهر والاستبداد ما جعل وزير دفاع النظام السوري يهرول إلى أسياده بطهران طالبًا العون والمدد وأنه على حافة السقوط. وقد دعت موقف الملك سلمان النبيل تجاه القضية اليمنية والشعب السوري بأسره إلى أن يُشاهد الحزم والأمل مجتمعين في قلب واحد، سالكًا بذلك نهج والده الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في دعم القضايا الإسلامية والعربية اقتصاديًا وسياسيًا ومعنويًا. وفي هذا الإطار قدّم خادم الحرمين الشريفين مبادرته الإنسانية باحتضان عديد من الطلبة غير السعوديين في المدارس والجامعات السعودية ضاربًا أروع الأمثلة في تطوير الإنسان وفتح مجالات التعليم والتعلم لبناء أجيال معرفية في دولٍ عديدة؛ ليكونوا منارات علم في بلدانهم. التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب أكَّدت سياسة خادم الحرمين الشريفين الواضحة للعالم بأسره أن الإرهاب لا دين له، وأن الإسلام دين الرحمة والسماحة، وأن هذا الوطن سيبقى بحماية الله تعالى ثم بقيادته وأبنائه المخلصين عصيًا على كل يد تمتد لتعبث به من الداخل أو الخارج، وأن ميزان القضاء والعدالة المستمدة من شريعة الله تعالى لن يستثني أحدًا، ولن تأخذه في الله لومة لائم. وفي مبادرة جريئة للحفاظ على سمعة الإسلام وديار المسلمين، وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي عن التحالف الإسلامي في مواجهة الإرهاب؛ ليثبت للعالم أن المملكة أنها الدولة الوحيدة التي تحارب الإرهاب بضربات استباقية جنبت البلاد والعباد خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات كان من الممكن أن تقع على أيدي الذين باعوا دينهم وأوطانهم بأوهام تخالف صحيح الدين الإسلامي، وليس لها علاقة به سواء من قريب أو من بعيد. ولأهمية هذا التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي أعلنته المملكة، الذي هو ثمرة من ثمار غرس سلمان بن عبد العزيز خلال عام الحزم والعزم والإنجاز، سارعت بالانضمام إليه عدد كبير من الدول الإسلامية التي نجحت المملكة في حشدها لمواجهة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله أيًا كان موقعه سواء بالمواجهة الفكرية أو العسكرية إذا اقتضى الأمر. فبعد سنين عجاف ذاق فيها العالم الإسلامي مرارات الإرهاب وجرائمه، وبعد أن كبس بعض المتشددين على صدر معظم دوله عاملين فيها أنيابهم القاطعة ومخالبهم الحادة، وراح ضحية ما اقترفوه من عدوان آلاف الضحايا الأبرياء.. كان لا بد من وقفة حازمة، ومواجهة صارمة تنزل بشدة على من يتاجرون بالدين ويستحلون دماء الشعوب، وتكشف أوراقهم وأوراق من يقفون خلفهم بالدعم أو الإيعاز. ولقد أثلج صدركل مسلم إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، في المؤتمر الصحفي الذي عقده بقاعدة الملك سلمان الجوية بالرياض، مساء الاثنين 3 ربيع الأول الموافق 14 ديسمبر 2015م، عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري من 34 دولة إسلامية، ومقره الرياض، لمحاربة الإرهاب والتطرف الفكري والعسكري وكافة تنظيماته، والتصدي للمخططات الشريرة التي تحاك لتفكيك وحدة المسلمين بتشويه صورة الدين الإسلامي وسماحته، وإثارة الفتن في دول العالم العربي بشكل خاص والعالم الإسلامي بشكل عام؛ انطلاقًا من التوجيه الرباني الكريم: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. فالإرهاب وجرائمه الوحشية من إفساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل محرم شرعًا ويشكل انتهاكًا خطيرًا لكرامة الإنسان وحقوقه، ولاسيما الحق في الحياة والحق في الأمن، ويعرض مصالح الدول والمجتمعات للخطر ويهدد استقرارها، ولا يمكن تبرير أعمال الإفساد والإرهاب بحال من الأحوال، ومن ثم فينبغي محاربتها بالوسائل كافة، والتعاضد في القضاء عليها لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى، وتأكيد على مبادئ وأهداف ميثاق منظمة التعاون الإسلامي التي تدعو الدول الأعضاء إلى التعاون لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وترفض كل مبرر أو عذر للإرهاب، وتحقيقًا للتكامل ورصّ الصفوف وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب الذي يهتك حرمة النفس المعصومة ويهدد الأمن والسلام الإقليميين والدوليين، ويشكل خطرًا على المصالح الحيوية للأمة. إن المملكة بما تتمتع به من حكمة وبعد نظركانت السباقة لنبذ التطرف والعنف وتجفيف منابع الإرهاب ومحاربته، ولها الصدارة في تشكيل مثل هذه التحالفات وإطلاق المبادرات والاقتراحات.. تواصل مسيرتها على هذا النهج السليم في ظل القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليأتي في ذات السياق إعلان المملكة تنفيذ أحكام الله في 47 من المجرمين والإرهابيين الذين طالتهم يد العدالة وانتصرت لمن ظلم وقتل على أيديهم في خطوة أبهجت كل باحث عن العدل وإحقاق الحق ونصرة المظلوم. إعلان ميزانية الدولة أثبتت الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد (1437- 1438ه)، التي أقرها مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين يوم الاثنين 17 ربيع الأول 1437ه، الموافق 28 ديسمبر 2015م، أن المواطن هو محور اهتمامه، لتستمر المشروعات وعجلة التنمية في وقت تعجز فيه كثير من دول العالم عندما تصادفها أية مشكلة عن تنمية بلادها وشعوبها. فهذه الميزانية الجديدة التي قدر حجم المصروفات فيها ب(840) مليار ريال والإيرادات ب(513.8) مليار ريال، جاءت ملبية للطموحات والتطلعات، ومجسدة لمقولة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-: «المواطن هو محور اهتمامنا»، كما جاءت لتعزز من قدرة المملكة على التحول بكل ثقة واطمئنان نحو بناء اقتصادي قوي متنوّع مصادر الدخل وفق خطط بعيدة المدى في مواجهة التحديات والظروف الاقتصادية التي تشهد الكثير من تقلبات الاقتصاد العالمي وتأرجح أسواق النفط، والظروف الاقتصادية العالمية الصعبة السائدة التي طالت وعانت منها الكثير من البلدان. فبالرغم من هذه الصعوبات فإن الميزانية راعت الأولويات، وأكَّدت متانة اقتصاد المملكة واستمراره في تنفيذ المشروعات التنموية الشاملة والرفع من كفاءة أجهزة الدولة، من خلال برامج إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة قائمة على أسس إستراتيجية ثابتة. لقد جعلت الميزانية الأولوية للمواطن السعودي ورفع مستوى الخدمات المقدمة له، وضرورة العمل على تطويره وبنائه بما يتناسب مع المرحلة المقبلة؛ ودليل ذلك تخصيص جل ميزانية الخير والبركة للتعليم (191) مليار، لتنمية قدرات واستثارة طاقات هذا المواطن ليتمكن من إعمار الأرض وخدمة الدين. كما استوعبت رغبة الدولة في تعزيز مسيرة التنمية وإنجاز مشروعات البنية التحتية وإعطاء الأولوية للخدمات من تعليم وصحة وتنمية اجتماعية، فضلاً عن الاهتمام برفع مستوى المعيشة وتحسين سبل الحياة وتحقيق تطلعات المواطنين في الصحة والتعليم والمياه والطرق والتنمية الاجتماعية وغيرها بهدف الحفاظ على مستوى عالٍ من الرفاهية، ومواكبة حركة التطور العلمي والتقني بما يضمن للأجيال المقبلة حياة أفضل. الاهتمام بالحرمين الشريفين واصل الملك سلمان اهتمامه بالحرمين الشريفين، وهو ما ظهر في خطابه الذي ألقاه أمام أعضاء مجلس الشورى رجالاً ونساءً في أعمال السنة (الرابعة) من الدورة السادسة للمجلس، وكانت كلمته جامعة وشاملة، وكان العمود الفقري في هذه الكلمة ولبها هو قوله -حفظه الله-: «عهدنا الله عزّ وجلّ على بذل الغالي والنفيس لخدمة الحرمين الشريفين»؛ لأن هذا فيه عزة وإجلال لتقديس هذين الحرمين الشريفين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وقوله: «إن عملية التطور والنماء استمرت في وتيرة متصاعدة رغم التقلبات الاقتصادية». مضامين خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- أمام مجلس الشورى كان شاملاً لجميع القضايا الوطنية والنهج التنموي الذي تتطلع إليه الدولة وتسعى إلى تحقيقه في كل المجالات في مسيرة تنموية شاملة ومتوازنة تلبي احتياجات المواطنين وتحقّق تطلعاتهم، في مختلف الجوانب الاقتصادية والخدمية والتعليمية والصحية والأمنية وتوفير كل ما يلامس حياة المواطن ويضمن توفير الراحة والطمأنينة له عبر وضع الخطط والبرامج التنموية. كما تضمن الخطاب القضايا السياسية والإقليمية والدولية الراهنة وموقف المملكة من تلك القضايا. لقد بعث خادم الحرمين الشريفين طمأنينة للمواطنين؛ إِذ مزج بين ماضٍ وحاضر متنوع المصادر لضمان غد أكثر استقرارًا، كما راهن - حفظه الله- على المواطن بجعله الحجر الأساس في مختلف مناحي التنمية بالاعتماد على شباب الوطن في تنمية مشروعاته المستدامة بمشاركة المرأة، وأكد، -أيده الله-، على أن تقلبات الأسواق النفطية لن تعيق عزم الدولة في الإنفاق على البنية التحتية. ختامًا، فهذا العام الجديد يبشّر بأعوام مقبلة مليئة بالخير ومليئة بالتطورات التنموية والاقتصادية والاجتماعية في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن نايف وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حفظهم الله.. ندعو الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وعضديه ويسدد خطاهم، ويمتعهم بالصحة والعافية، وأن يجعلهم ذخرًا للإسلام والمسلمين.