نثمّن ونقدّر لسمو الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبد الله بن مساعد، حرصه واهتمامه بالأندية السعودية التي تمر بأزمات مالية ستؤثر عليها في الفيفا ومحكمة (الكاس)، وندرك أن موقفه في موضوع الديون والسماح لها بالاقتراض، كما حدث مؤخراً مع ناديي الهلال والنصر ومن قبل الاتحاد، هو لإنقاذها من قرارات دولية تهدد مستقبلها وتضر بمصالحها، لكن في الوقت نفسه نتساءل: هل القرض البنكي سيحل مشاكل الأندية المالية أو على الأقل يحد منها أم سيزيدها تأزماً وتعقيداً؟ ولماذا تشغل الرئاسة نفسها في شأن ليس من اختصاصها طالما أن العقوبة الدولية لو وقعت ستلحق بفريق كرة القدم المرتبط إدارياً وتنظيمياً باتحاد الكرة ولن يتضرر منها النادي التابع بمكوناته وألعابه وهيكلته للرئاسة؟ في مقال سابق وتحديداً في يوليو 2015م، كتبت بعد الموافقة على قرض نادي الاتحاد تحت عنوان (الرئاسة سبب فوضى الأندية)، عن إشكالية تدخل الرئاسة في قضايا الأندية المالية، وبخاصة تلك المرتبطة بعقود ومستحقات المدربين واللاعبين المحترفين السعوديين وغير السعوديين، كونها من مسؤولية اتحاد الكرة، وذكرت حينها أن هذا الإجراء سيجبر الرئاسة في المرحلة القادمة على اتخاذ نفس الخطوة مع بقية الأندية، وهو ما حدث بالفعل قبل أيام مع ناديي الهلال والنصر وبالتأكيد سيتكرر مع أندية أخرى لاحقاً، وبالتالي ستترك رعاية الشباب مهامها ومسؤولياتها الرياضية والشبابية الأساسية وتتفرغ لقضايا تتعلق بفرق كرة القدم وليست الأندية، فضلاً عن أنها ملفات لن تنتهي بمجرد استلام قيمة القرض، وإنما سيترتب عليها مستقبلاً مشاكل أخرى مالية وإدارية وتنظيمية ستعاني منها الأندية كثيراً، وبالذات مع الإدارات القادمة بسبب الديون المجدولة التي ستتحملها بل وتورطها نتيجة لأخطاء ارتكبتها إدارات سابقة..! من الخطأ مكافأة إدارات الأندية الفوضوية في قراراتها وإنفاقها وسوء تنظيمها، بمنحها تسهيلات مسكنة وضمانات وقتية من الرئاسة العامة واتحاد الكرة، ثم لماذا لا تترك هي من تتحمل أخطاءها ومحاسبة المخالفين فيها ومناقشة موازناتها وقوائمها المالية وإيراداتها ومصروفاتها وخططها وبرامجها عبر جمعياتها العمومية، كما تنص عليه لوائح الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وحتى لا تتسبب مثل هذه القروض في خلط مسؤولية سوء الإنفاق وتراكم الديون بين إدارة وأخرى، كما رأينا في نادي الاتحاد وسنراه في الهلال والنصر..؟! كنا سنقتنع ونؤيد منح هذا القرض لو كان لتطوير النادي وزيادة استثماراته وتوسيع دائرة اهتماماته، لكن أن يستخدم لإنقاذ ورطة وسمعة شخص أو أشخاص أسرفوا في تبذير أموال طائلة على صفقات هي للبهرجة والعبث والتهور أقرب من أي شيء آخر، فهنا سيكون النادي وحده الضحية، والإدارات المتعاقبة هي من تعاني من تبعات وانعكاسات القرض، وقد يمنع الكثيرين من الانضمام والعمل في مجلس إدارة النادي.. معظم ديون الاتحاد والهلال والنصر هي نتاج تخبطات في تجديد عقود أو إبرام صفقات جديدة مع لاعبين فشلوا في إثبات أنفسهم، ولم يكن لهم أي مردود فني على فرقهم، الأسوأ من هذا أن الإسراف في قيمة العقود أثر سلبا على مستوى اللاعبين وانضباطيتهم وتطوير أنفسهم، بسبب المبالغة المهولة في عقودهم، لدرجة أن بعضهم يتقاضى شهرياً ما يقارب نصف مليون ريال، وهو على دكة الاحتياط، والبعض الآخر حصل على مقدم عقد ضخم أغراه على التهاون وقلة العطاء وعدم الاهتمام بنفسه ومستقبله.. رجاء: دعوا إدارات الأندية تتحمل مسؤولياتها وسوء إدارتها وتعالج أمراضها بنفسها، لا تخدّروها بهذه القروض، وتأكدوا أن العقوبات ستكون حلاً شافياً يقنن إنفاقها ويضبط أدارتها، ويمنعها من التمادي في أخطائها..