{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}. ببالغ الأسى والحزن، وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تلقى الوطن خبر وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - وإن القلب ليحزن، والعين لتدمع، وإنا على فراق سموه لمحزنون، وستبقى سيرة سموه العطرة، وذكره الطيب في قلوب الجميع، ولا نملك في هذا المقام إلا أن نقول ما يرضي ربّنا (إنّا لله وإنّا إليه راجعون). عنْ أبي زيْد أُسامَة بن زيد حَارثَةَ رضي الله عنه قالَ: أَرْسلَتْ بنْتُ النَّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، إنَّ ابْنِي قَدِ احتُضِرَ فاشْهدْنَا، فأَرسَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئ السلام ويقول: (إن للَّه مَا أَخَذَ، ولهُ مَا أعْطَى، وكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بأجَلٍ مُسمَّى، فلتصْبِر ولتحْتسبْ). هذه الدنيا ما أفرحت قليلاً إلا أحزنت كثيراً، وما أضحكت أناساً إلاً وأبكت آخرين.. فلك الحمد والشكر ربنا في السراء والضراء. لا شك أن الموت حق، ومصير كل من على هذه الأرض، ونحن المسلمين ولله الحمد نؤمن بذلك، ولا نعترض على إرادة ربنا وقضائه.. لكن الحزن من طبيعتنا كبشر، ونشعر به أكثر عندما يكون قريباً أو حبيباً، كيف والوطن الحبيب يفقد أحد رجالاته المخلصين من أبناء المؤسس (الملك عبدالعزيز) - طيب الله ثراه - وبحجم ومكانة رجل حكيم وكريم مثل الأمير نواف بن عبدالعزيز شارك مع إخوانه الكرام في قيادة هذا الوطن منذ توحيده على يد المؤسس - رحمه الله - وإلى اليوم وإلى ما لا حد له في المستقبل بإذن الله إلى عالم الأمن والأمان والخير والازدهار والاستقرار. غادر دنيانا نواف الخير والوفاء والطيب والإحسان.. لكن ذكراه الجميلة والعطرة ستظل خالدة في قلوبنا وعقولنا ما حيينا, لأنه باختصار رجل يحمل في داخله حب الجميع وحب الخير وأهله. يتميز الفقيد - رحمه الله- بسيرة عطرة وخصال حميدة، وله إسهامات جليلة في خدمة دينه ووطنه، وله بصمات عديدة في الأعمال الخيرية، وكان راسخاً في ذاكرة كل من عرفوه بابتسامته وبشاشته وتواضعه وكلماته الموزونة والهادفة التي تصل إلى قلوب مستمعيه لأنها صادرة من قلب محب لله ثم للوطن والمواطنين، وله مواقف وطنية راسخة تربى عليها في الإخلاص والوفاء والعطاء، وكان - رحمه الله- صاحب مبدأ ورؤية وفراسة وقدوة للكثيرين بتواصله مع الناس فاستطاع بأسلوبه المميز والمحبب أن يحوز إعجاب الكثيرين من الناس الذين يحزنون اليوم على رحيله. أن لسموه - رحمه الله - أيادي بيضاء على كثير من الفقراء ويقوم بذلك في ظل كتمان شديد وسرية تامة طلباً للثواب من الله الذي أسأله جلّت قدرته أن يجعل كل هذه الأعمال الخيرية التي تمت في السر في ميزان حسنات سموه {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى} (4) سورة الضحى. إنَّ مآثر الأمير نواف بن عبدالعزيز جمَّة، ولا يمكن أن نختزلها في مقال مهما كبرت مساحته، فيا من سكنت القلب وتربعت فوق سلم الأخلاق.. إن الحزن على فراقك عظيم والمصاب في فقدك جلل ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله العلي العظيم. اللهم أبدله داراً خيراً من داره، وأجزه عن الإحسان إحساناً وعن الإساءة عفواً وغفراناً، اللهمّ أدخله الجنّة من غير مناقشة حساب ولا سابقة عذاب، اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين والشّهداء والصّالحين، وحسن أولئك رفيقاً، اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة، اللهمّ افسح له في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة، اللهمّ أعذه من عذاب القبر، وجفاف ِالأرض، اللهمّ املأ قبره بالرّضا والنّور والفسحة والسّرور، اللهمّ يمّن كتابه، ويسّر حسابه، وثقّل بالحسنات ميزانه، وثبّت على الصّراط أقدامه، وأسكنه في أعلى الجنّات بجوار حبيبك ومصطفاك (صلّى الله عليه وسلّم)، اللهم اجعل نفسه آمنة مطمئنّة، ولقّنه حجّته واجعله في بطن القبر مطمئنّاً وعند قيام الإشهاد آمناً، وبجود رضوانك واثقاً، وإلى أعلى درجاتك سابقاً، اللهم اجعل عن يمينه نوراً حتّى تبعثه آمناً مطمئنّاً في نورٍ من نورك، اللهمّ بشّره بقولك: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (24) سورة الحاقة. رحم الله الأمير نواف بن عبدالعزيز وأسكنه فسيح جناته، وخالص العزاء وأجله نرفعه لمقام والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - ولسمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود، ولسمو ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى أبناء الفقيد رحمه الله أصحاب السمو الملكي الأمراء «محمد، عبدالعزيز، فيصل» وإلى ابنته صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة، وإلى الأسرة الحاكمة الكريمة {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.