الشهادة جعلها الله جل وعلا جزاء للعابدين الشاكرين في الدنيا لمن جاهد في الله حق جهاده، متبعا أوامره ومجتنبا نواهيه، فحولها المتأسلمون المسيسون إلى (مصيدة) للبسطاء والسذج، كي يقدموا على الانتحار، ويمهدوا السبل لمن جندوهم للوصول إلى السلطة السياسية، ولو بمخالفة أوامره جل شأنه التي تحرم الانتحار تحريما قطعيا. وأهم الفقهاء الذين شرعوا بدعة الانتحار، وافتأتوا على الله، وعدّوا الانتحار - كذبا وزورا وبهتانا - (استشهادا) كما يزعمون، هو الإخواني الأفاك «يوسف القرضاوي».. وها نحن نرى نتيجة جريمة فتاواهم المفبركة، وساقطة التأصيل، أجسادا تنتثر أشلاء ممزقة في صراعات مذهبية خلافية، وهدف هؤلاء الشباب - أغلبهم معتل نفسياً - أن يفوزوا بالحور العين ويشبعوا شبقهم الجنسي المريض، كما أفتوهم من أباحوا لهم بدعة الاستشهاد المزعوم. وما يُسمى (الاستشهاد) لم يكن له في تاريخ شريعة الإسلام سابقة مُعتبرة، إلى أن جاء القرضاوي ومن لفَّ لفيفه، ففبركه ليكون وسيلة سياسية، وخدمة للاهواء، وآلية للقتل والتفجير وهتك الحرمات. كما أن عبارة (عملية استشهادية)، مثلما يصف الإرهابيون اغتيالاتهم هي في ذات الاتجاه، أي (الفبركة) والتجني على قيم الإسلام. فالجهاد له ضوابطه وله آدابه ومسوغاته وشروطه، وليس كما يصوره هؤلاء ومن يدور في فلكهم. فما يمارسونه على أنه ضرب من ضروب الجهاد هو في الواقع ضرب من ضروب (الفتك) والاغتيال المُحرم شرعاً، لقوله صلى الله عليه وسلم : (الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن)؛ والفتك هو قتل الغيلة والترصد للخصوم، أو الاغتيال على حين غرة، كما يفعل الإرهابيون في عملياتهم الآن التي ينعتونها بالجهادية، وهي لا تمت للجهاد ولا لشروطه وقيمه وأخلاقياته بصلة. ولو عدنا نتلمس من أول من وصف مثل هذه الاغتيالات بالجهادية، في العصر الحديث، لوجدناهم (جماعة الاخوان)، وتحديدا (التنظيم السري للاخوان)، الذي اعترف به «مهدي عاكف» مرشد الاخوان السابق، وقال في تصريح نادر : (إننا نتقرب إلى الله بما يفعله التنظيم السري)؛ ما يجعل نسبة (الاغتيال السياسي) إلى الإخوان حقيقة تثبتها الوقائع التاريخية، وهم من يتحملون وزرها وإثمها وتبعاتها وما أدت إليه من إرهاب، منذ اغتيال رئيس الوزراء في العهد الملكي المصري «النقراشي» فتكا وعلى حين غرة، وحتى تفجير المساجد التي يقترفها منتحرو الدواعش وهم إفرازٌ من إفرازات القطبية الإخوانية وإن خلطوها ببعض الممارسات (المغولية)، فقد سبقهم القرضاوي بأن سرق فتواه (الانتحارية) من ممارسات (الكامكازي) اليابانيين قبيل هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية. قيل لي إن «عايض القرني» في برنامج زميله «المديفر» على (روتانا خليجية) (يُبرئ) جماعة الإخوان وسيد قطب من مسؤوليات الإرهاب المعاصر وثقافته، واتهمني حينما نسبت الإرهاب إليهم (بالهشاشة).. وله ولمن حاوره واتفق معه على محاور الحوار، وسيناريو اللقاء، كما هي عادتهم، أقول: القرني عايض - إذا احسنا فيه الظن - فيبدو أنه لا يقرأ، ولو انه قرأ كتاب (فرسان تحت راية النبي) للقطبي والإخواني السابق «أيمن الظواهري»، وقرأ إقراره بأنه ولغ في أدبيات سيد قطب و(المجموعة الملتفة حوله) - كما قال - حتى (تسممت) بالعنف المسلح والإرهاب كل ذرات جسده ورؤاه وتفكيره لأدرك صحة ما أقول وما أنسبه إليهم؛ والظواهري هو أستاذ ومعلم ابن لادن، رأس الإرهاب الأول؛ أي أن منظر العنف «سيد قطب» و ساعده الأيمن وأخاه «محمد قطب»، هما وابن لادن كما هو شهاب الدين وأخوه لا فرق؛ لذلك فمرافعات القرني دفاعا عن الإخوان هي (الهشة) وهي المهلهلة والتي لا قيمة لها؛ والشواهد التاريخية تقف ضد هذا القَصّاص لا معه؛ وعلى أية حال، فأنا والقرني هنا، كما يقول الشاعر: وليس ثمة دليل على الجهل، وتزوير الذات، والشعور بالنقص، أقوى من سرقة الكتب ونسبتها إليه كما حكمت بذلك اللجنة الإعلامية وليس أنا؛ وتذكر مثلَ الغربيين - قبحهم الله - الذي يقول: من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة. لذلك، وبما لا يدع مجالاً للشك، فإن أول من سَنَّ سنة إلحاق (الانتحار) بالإسلام هم الإخوان، عن طريق القرضاوي، وأول من ألحق (الفتك) وقتل الغيلة بالجهاد هم - أيضا - الإخوان، عن طريق التنظيم السري لجماعة الإخوان في مصر منذ أواسط الخمسينيات من القرن المنصرم؛ وهذا ما أثبته - بالمناسبة - كاتب أمريكي بحث في أصول الإرهاب، و وصل إلى هذه النتيجة، وهو «لورانس رايت» في كتابه (البروج المشيدة.. القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر). فهذه الجماعة هي مصدر كل الشرور المتأسلمة في العصر الحديث. إلى اللقاء.