أنهى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي زيارته إلى فرنسا التي وصلها أول أمس الثلاثاء بعد لقائه رموز السلطة الفرنسية متمثلة في أضلعها الأربعة، أي رئيس الجمهورية ووزيره الأول ورئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب.. وبالإضافة إلى أن هذه الزيارة التي وصفت بأنها «سياسية بامتياز تعكس مدى تقدير السلطات الفرنسية لأول ديمقراطية عربية، إلا أنها أول رحلة خارج الديار تمثّل أول اختبار للباجي قائد السبسي في مجال اختصاصه ألا وهي الدبلوماسية».. اختبار سيبيّن مدى قدرة السياسي المحنّك على الإشعاع دولياً وإقناع الدول العظمى بضرورة دعم تونس.. دعم يُفترض أن يمنح دفعاً جديداً للعلاقات الثنائية بين البلدين ويحقق الانطلاقة المرجوة التي ستساهم في إلحاق تونس ببقية الدول المتقدمة بعد أن دخلت نادي الدول الديمقراطية. وقد استأثرت هذه الزيارة - الحدث باهتمام الرأي العام الذي كان منكباً خلال اليومين الأخيرين على إحياء ذكرى وفاة زعيمه الحبيب بورقيبة، حيث يرى شق كبير من التونسيين أن فرنسا وباعتبارها الشريك الاقتصادي الأول لتونس من واجبها دعم «صديقتها الصغرى» في مسيرتها الانتقالية، وفي سيرها الدؤوب من أجل إنقاذ اقتصادها المتهاوي وإسناد جهود مستعمرتها القديمة في حربها ضد الإرهاب الذي ضرب الشعبين الفرنسي والتونسي معاً. ويعتقد شق آخر يضم التيارات اليسارية بالأساس أنه يجب على فرنسا أن تغير نظرتها إلى تونس التي نجحت في تنظيم انتخابات حرة وشفافة وفي تجاوز محنها السياسية الصعبة، وأن تعتبر أن وقوفها إلى جانب تونس لا يعني فقط التصفيق لهذه النجاحات، بل يستوجب معاملتها الند للند وترجمة الإعجاب بما حققته إلى مشاريع استثمارية كبرى ترفع مؤشرات اقتصاد البلاد، وتساهم في حل المشاكل الحارقة التي لا يزال يتخبط فيها. أما شق المفكرين وخبراء الاقتصاد ورجال المال والأعمال، فإن لغتهم أقل حدة بكثير، حيث يأملون في أن تحمل زيارة رئيس الدولة إلى باريس معها الكثير من المشاريع الاستثمارية لرجال الأعمال الفرنسيين، خصوصاً أن باريس كانت دوماً ولا تزال إحدى أهم العواصم المؤثرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وأمنياً في ماضي وحاضر تونس ومستقبلها. ويتطلع السياسيون ورجل الشارع إلى ما سيعود به السبسي من بلاد موليار باعتبار أنها أول زيارة دولة يقوم بها رئيس الدولة رفقة وفد سامٍ من الوزراء والمسؤولين ورجال أعمال وإعلاميين، خصوصاً أن أغلب الشعب التونسي من ذوي الثقافة الفرنسية، فضلاً عن أكثر من مليون تونسي من المقيمين بها أو من حاملي الجنسية المزدوجة.. يظلون دوماً يحلمون بتقارب البلدين اللذين توحدا أكثر بعد ضربتين موجعتين في ظرف أشهر قليلة وجهها الإرهاب إلى باريسوتونس.