منذ أُنشئ المركز الوطني للقياس والتقويم (قياس) والآراء تتباين حوله بين مؤيد ومعارض؛ فمن يراه خطوة صحيحة وعادلة ومنصفة، ومَن يجد أن فيه ظلماً؛ ويطالب بإلغائه، ويبرز رأي ثالث مطالب بالتغيير والتطوير، وبمقارنة تجربتنا بالتجارب العالمية للوصول للأهداف المنشودة منه. وقد حفلت زيارة معالي وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل لمقر المركز بالكثير من التفاؤل، خاصة حين أشاد معاليه في تعليقه على الزيارة بالرغبة الأكيدة لدى المركز في التطوير. وقد أطلعه المسؤولون على عزمهم بإقامة عدد من الجلسات العلمية وورش العمل لتطوير الآليات، ومناقشة التفاصيل، ودراسة السلبيات، ودعم الإيجابيات بما يحقق الأهداف المنشودة. وعلق سمو رئيس المركز الوطني للقياس والتقويم د. فيصل بن عبدالله المشاري آل سعود بأن المركز على استعداد لخدمة قطاعات الدولة، وبالأخص قطاع التعليم، متبنياً في ذلك جوانب التطوير والتجديد لمواكبة طموحات القيادة التي تركز على دعم التنمية الشاملة للوطن الغالي، منها تنمية الكوادر البشرية، واعداً في السياق ذاته بالتنسيق مع وزارة التعليم لتنظيم عدد من الجلسات العلمية وورش العمل مع المستفيدين من الخدمات، التي من شأنها أن تصب في تطوير خدماته بما يحقق رضا ومصلحة المستفيدين من أفراد وقطاعات. وفي استطلاع للرأي، شمل عدداً من المهتمين وأصحاب الشأن من فئات مختلفة، جاءت هذه الآراء: بداية قال الأديب المعروف عضو مجلس الشورى سابقاً الأستاذ حمد القاضي: إن نظام قياس نظام عالمي، تأخذ به كثير من الدول المتقدمة، وبخاصة في الشأن التعليمي والتربوي، وهو يعتبر لصالح الطالب لمزيد من إعداده للدراسة الجامعية التي تختلف عن التعليم العام، وأسئلة الاختبار يسيرة. وتابع القاضي متذكراً: البعض لا يؤيده. وأذكر في إحدى الجلسات مع وزير التعليم العالي الأسبق الدكتور خالد العنقري، وأثناء حواره مع المعترضين على نظام قياس، ساق مبررات تطبيقه حتى أنهم اقتنعوا بفكرته. وأشار القاضي إلى أهميته للتقدُّم على وظيفة تربوية، خاصة أنها تختلف عن أي مهنة؛ فهو لصالحهم؛ إذ يقدم لهم هذا الاختبار رؤية واضحة عن عملهم، وكذا في المهن الأخرى. وأكدت الدكتورة هدى الهذلي (أستاذ مساعد بقسم العلوم التربوية بجامعة الأمير سطام) أن اختبارات (قياس) خطوة إيجابية (لقياس ما لدى المتقدم للوظيفة من معلومات وقدرات ومهارات تؤهله لدخول الجامعة أو الانخراط في العمل)، مبينة أنها لا يمكن الاستغناء عنها، لكنها في الوقت ذاته رأت أنها تحتاج إلى بذل الجهد لمعالجة السلبيات التي رافقت تطبيقها، فيسبقها إعداد وتدريب، وأن يتضمن محتوى الأسئلة المناهج الدراسية، فكيف أطلب من الطالب أن يعطيني معلومة لم يسبق له دراستها، ولا طُرحت فكرتها ليتعلمها ذاتياً. وتابعت الهذلي: لا بد من تحديث بنك الأسئلة، وتزويده بالجديد تجنباً للتكرار.. فالمتقدم للاختبار إذا استطاع تجميع أسئلة السنوات السابقة (وهو أمر ليس بالصعب) فسيحصل على 85 درجة على أقل تقدير. كما طالبت الهذلي بمراجعة صياغة الأسئلة؛ فقد يجد الطالب نفسه أمام سؤال كل الخيارات المتاحة تصلح لأن تكون جواباً عنه.. مشيرة إلى أن الجانب اللفظي للاختبار يتطلب من الطالب قراءة الكثير من كتب الأدب العربية وأغلب معاني كلمات القرآن الكريم، وهذا الكم هائل إذا ما أخذنا بالاعتبار أن الطالب يعاني من ضغط المواد وضيق الوقت وهموم الحصول على نسبة تؤهله لدخول الجامعة. وطالبت الهذلي بإعادة النظر في المبلغ الذي يُدفع رسوماً للاختبار، فليس الكل قادراً على دفع 100 ريال، خاصة لمن لديه أكثر من ابن أو ابنة في ظل تكرار المحاولات للحصول على نسبة أعلى. ونصحت بعقد دورات تدريبية داخل المدارس، لا تركز على تعليمات أداء الاختبار فقط كما يحدث الآن، إضافة إلى الأخذ بالاعتبار الوزن النسبي للأسئلة بحيث لا تكون غالبية الاختبار من صف محدد دون غيره. وأوضحت الهذلي أن أسئلة الاختبار تقيس مهارات عليا، لكن التدريس في مدارسنا للأسف يركز على مهارات دنيا (غالباً الحفظ والاسترجاع). مطالبة بتطوير طرق التدريس لتغطي مستويات التفكير العليا، ثم نقدم أسئلة تقيس هذه المهارات. وحول الاختبارات المهنية قالت الدكتورة هدى: تصبغها العشوائية أحياناً. فمثلاً، اختبار الإشراف لجميع التخصصات واحد، وأغلب الأسئلة في الفصل والحصة، ولكن مشرفة النشاط لا تحضر حصصً مثلاً.. ولا بد من إعادة النظر في الأسئلة؛ فالهدف قياس ما لدى المتقدم، لا تحدي ذاكرته. ولاحظ أحد المتخصصين تعدد الاختبارات التي يقيمها المركز وتنوّعها، وتمنى ألا يكون هذا التعدد مفضياً إلى الترهُّل أو ضعف الجودة في نوعية الاختبار التي تنشدها مختلف القطاعات. كما رأى ضرورة التعاون بين المركز مع الجهات الأخرى المعنية للاستفادة من المعلومات ونتائج الاختبارات التي يقيمها المركز، ورصد أماكن الخلل في التعليم مثلاً، وإصلاح مواطن الضعف، مقترحاً تعاون القطاعات المعنية مع المركز في إقامة الاختبارات التي تخصُّها بشكل أكثر مهنية، مع محاولة إمداد المركز بالمواصفات الفعلية للاحتياجات النموذجية التي يمكن قياسها. وأكد أن استقلالية المركز مطلوبة، لكن بشكل لا يجعله منعزلاً عن المجتمع. والمطلوب التواصل مع المستفيدين من اختبارات المركز، ومحاولة ردم الهوّة، وتقديم المعلومة الصحيحة عن أهداف المركز وعمله. وعددت وفاء السيف (مديرة مدرسة) إيجابيات اختبارات قياس بالنسبة للطلاب بأنها تقيس قدرة الطلاب في الإقبال على التعلم والدافعية له، إضافة إلى قياس جودة التعليم وتجويد مخرجاته، ومعرفة مستوى الطالب مقارنة بأقرانه، ووضع جميع الطلاب في فرص متكافئة. في حين رأت سلبياتها تتلخص في عدم التهيئة الفعلية والتدريب على نوعيته؛ ما أوجد فجوة بين نتائج التعليم في الثانوية ونتائجه. ورأت لأجل تطويره ليكون أكثر فاعلية - على حد قولها - ضرورة تأهيل كوادر متخصصة في القياس قادرة على تحديد المعايير، وتحليل النتائج، وتكثيف عقد الدورات والمؤتمرات. كما تمنت الاستعانة بالكوادر المؤهلة القادرة على متابعة المستجدات في علم القياس وفي مجال إعداد الاختبارات المهنية. وقالت السيف: هناك إيجابيات منها التهيئة للمهن العليا، وكذلك تقويم الأداء للقطاعات الحكومية، إضافة إلى تقديم الدعم لبرامج التدريب. وعلق عبد العزيز العسكر (طالب جامعي) مبيناً أن اختبار قياس مثمر من ناحية تحديده للقدرات التي يتمتع بها الطالب، سواء من الناحية الكمية أو اللفظية. ولكن يكمن الخلل في كونه مختلفاً في بعض جزئياته عن المناهج التي تدرس. موضحاً أن ضيق الوقت وغزارة الأسئلة يشكلان ضغطاً على الطالب، خاصة المسائل الرياضية التي تحتاج إلى وقت للتفكير. وقالت الطالبة هيام حمود (ثاني ثانوي): اختبارات قياس تقيس القدرات لدى الشخص، لكنها ليست القدرات في الحساب أو في مفردات اللغة أو غيرها فقط، بل تقيس القدرة على التحمل العقلي والجسمي لدى الشخص، وكيفية تعامله مع المشكلات، وكيف يتخطاها وهو محكوم بوقت محدد. ولزيادة فاعلية الاختبارات ولمعالجة سلبياتها أرى أنه من الممكن اختصار وقت الانتظار لظهور النتائج، والعمل على تنظيم بعض المقار بشكل أكثر اهتماماً تفادياً للازدحام الشديد. وقالت الشقيقتان هيا وهلا الخلف (طالبتان جامعيتان): هذه الاختبارات قد يراها البعض سلبية، ولكن لها جوانب إيجابية كثيرة. الإيجاب أنه لا تحتاج لدراسة أو مذاكرة، ولكن تدريب على طريقة الأسئلة ومحاولة استرجاع المعلومات. ولا ننسى أن الفرص خمس فرص تقريباً لطلاب المرحلة الثانوية، وهذا شيء جيد جداً. في حين كانت فرصنا محدودة، وهذا تطور جيد. أما السلبيات فمنها سوء التنظيم في بعض المقار، والتوتر في نفوس الطالبات، إضافة إلى الازدحام وتجمع الطالبات قبل الدخول للاختبار. وامتدحت الطالبة الموهوبة والمبتكرة مياز القبيس اختبار قياس، فقالت إنها من أجمل الاختبارات التي تحدد نسبة الذكاء، وتستثمر القدرات العقلية للطلاب، وتهيئنا للبرامج الإثرائية، إلا أنها حددت 3 مراحل فقط مستهدفة للتطبيق، وحبذا أن تشمل جميع المراحل بداية من رياض الأطفال. من جانب آخر أكد مدير إدارة العلاقات والإعلام والاتصال المكلف بالمركز الوطني للقياس والتقويم عاصم بن محمد الحضيف أن المركز معني بالدرجة الأولى بتقديم المقاييس والاختبارات التي تحتاج إليها مؤسسات التعليم، وهو يساعد المنظومة التعليمية على فهم مستويات مدخلاتها ومخرجاتها، واستطاعت الجامعات التعرف على مستويات المهارات والقدرات المعرفية لدى الطلاب المقبلين على الدراسة الجامعية، ونتج من ذلك فوائد عدة، كلها تصب في تطوير التعليم، من أهمها وضع الطالب في المكان المناسب لقدراته، والاستغلال الأمثل للمقاعد الدراسية؛ وبالتالي تقليل نسب الرسوب والتسرب وزيادة الكفاءة الداخلية والخارجية للجامعات. وقد ساعدت هذه الاختبارات المدارس المهتمة بشأن الطالب على رفع مستوى التأهيل لطلابها، والتنافس في تمكين خريجيها من تحقيق طموحاتهم التعليمية. وعلى ذلك تم إبراز هذه المدارس المتميزة من خلال ترتيب المدارس المبني على أداء خريجيها، ومن خلال جائزة قياس للتميز. وأكد عاصم الحضيف أن المركز يعمل على تهيئة وتدريب الطلاب والطالبات قبل دخول الاختبار من خلال موقع التهيئة والتدريب المجاني الذي يهدف إلى رفع نسبة الاستعداد النفسي والمعرفي لدى المختبرين قبل دخولهم الاختبار الفعلي؛ وذلك نظراً إلى أن هناك مجموعة من العوامل المساعدة في أداء الطالب والطالبة في الاختبار، من بينها الإعداد والتهيئة النفسية؛ إذ إن موقع التهيئة والتدريب http:/ / elearning.qiyas.sa/ يساعد في التهيئة المثلى لدخولهم الاختبار وتجسير الفجوة لديهم ليؤدوا بشكل أفضل في مثل هذه الاختبارات. وحول الاختبارات المهنية أكد مدير العلاقات والإعلام المكلف أنه بناءً على تخصص المركز في المقاييس واشتقاق المعايير، وارتباط الكثير من الوظائف المهنية باستعدادات خريجي الجامعات، فقد قدم المركز خلال السنوات الماضية عدداً من الاختبارات المهنية، من أهمها اختبارات المعلمين الجدد. ومن أهم الخطوات والخدمات التي تتم في هذا الجانب الاتفاق على معايير المهنة المراد إعداد المقاييس لها، وإيجاد هذه المعايير إن لم تكن موجودة، ومن ثم إعداد المقاييس والاختبارات بناءً على المؤشرات المناسبة لمستوى التأهيل المطلوب. وتقدم هذه المقاييس والاختبارات معلومات وتصوراً جيداً عن مستوى المتقدم في هذه المعايير، وهل هو محقق للمستوى المطلوب أم لا، والمساعدة في المحافظة على أصول المهنة ومعايير أدائها بما يجعلها نبراساً وهدفاً دائماً يسعى له جميع العاملين في المجال. وحول بعض الملاحظات التي ترد من المستفيدين والمستفيدات من الطلاب والطالبات عن الخدمات التي يقدمها المركز أو عن المقار وغيرها أكد الحضيف أن المركز يقوم باستقبال الاستفسارات ومعالجة المشكلات على مدى 12 ساعة يومياً من خلال مراكز المكالمات، ويتولى استمرار التواصل مع المستفيدين والمستفيدات في جميع مناطق المملكة، وتقديم الحلول والمساعدة, وذلك من خلال الاتصال على الرقم/ 4909090 -01 للمتقدمين، والمتقدمات 920001170، إضافة إلى حسابات المركز في الشبكات الاجتماعية.