إذا كانت مقولة باولو كويلو: «إذا أردت شيئاً، يتآمر الكون كله لمساعدتك على تحقيقه» تنطبق على أحد أعرفه، فهي تنطبق على أحمد المُلا، الشاعر أولاً، ومدير جمعية الثقافة والفنون في الدمام، فهو لا يكف عن مصارعة طواحين الهواء، حتى يحقق حلمه، ويفعل ما يريد، أو ما يحقق رؤيته العميقة تجاه الفعل الثقافي المؤثر في مجتمعه. حينما صدر قرار الأستاذ سلطان البازعي رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة الفنون بتكليف أحمد المُلا مديراً لفرع الجمعية بالدمام، وتذكرت تصريح البازعي بأن الجمعية تهتم بإعادة الموسيقى وصناعة السينما، أدركت أنه راهن فعلا على الرجل الذي يعرف ما يريد، خاصة أن المُلا ليس شاعراً فحسب، وإنما هو متذوق وناقد للتشكيل والفوتوغراف والسينما، وهو يرى منذ عقود بأن الأديب الذي يمتلك حساسية الفنان، تشكيلياً أو فوتوغرافياً أو سينمائياً، هو حتماً أديب لافت، سواء كان شاعراً أو قاصاً أو روائياً. لكن السؤال المحرج هو كيف تستلم إدارة أحد فروع جمعية الثقافة والفنون، في وقت أعلنت وزارة الثقافة والإعلام سياسة التقشف المالي، لمخصصات الجمعية، الأمر الذي يجعل مثل هذه الفروع تعمل في وضع لا تحسد عليه، ومن الطبيعي أن تحدث استقالات هنا وهناك، لكن المُلا الذي تقدم لمجلس إدارة الجمعية بخطة عمل تتطلب مليوناً وستمائة ألف، كان حالماً كبيراً، كما هي عادته، وكما كنا نراه، أو نسخر منه داخل أنفسنا، لكنه يباغتنا كل مرة بتحقيق المستحيل، فمن الطبيعي أن لا تتوفر لدى الجمعية مثل هذا المبلغ البسيط، الذي لا يشكل شيئاً أمام خطة أحمد، فما فعل؟ تحرك في كل الأنحاء، طرق باب القطاع الخاص، كي ينظم مهرجان أفلام السعودية، في دورته الثانية، حتى تحقق له ما أراد، وكما أراد بالضبط، فأنجز مهرجانا لافتا، شارك فيه 66 فيلماً سعودياً، و34 سيناريو، تنافست على 12 جائزة في أربع مسابقات هي: الأفلام الروائية القصيرة، الأفلام الوثائقية القصيرة، أفلام الطلبة، والسيناريو، وكانت الجوائز 180 ألفاً عبارة عن منح مالية لتنفيذ مشاريعهم المقبلة. كما يفعل أحمد المُلا دائماً، لا يترك شيئاً ينافس به العالم، بدءاً من السجادة الحمراء التي تحضر في مهرجانات السينما العالمية، وانتهاء بلجان تحكيم متميزة لمخرجين كبار، ولكل فرع من فروع الجائزة على حدة، لذلك من الطبيعي أن يحضر عروض المهرجان نحو 1500 مشاهد يومياً، ومن الطبيعي أن يتطوع للعمل مع المُلا نحو 400 متطوع ومتطوعة، لما يملكه هذا الرجل من كاريزما جميلة، تحمل الجدية والدقة في العمل، بجانب الود والسخرية اللذيذة. أجمل ما في كلمة الوداع عند انتهاء المهرجان، أن قال المُلا لجمهور السينما وعشاقها: « نحبكم، ونعدكم بدورة ثالثة».