هذا هو عنوان كتاب صدر عن نادي أبها الأدبي، ومؤلفه الدكتور محمود شاكر سعيد. ويتكون الكتاب من ثلاثة أبواب، وقد تناول فيها الحكمة في قصائد أبي تمام. واشتمل الباب الأول على مقدمة، أبرز من خلالها مفهوم الحكمة وتاريخها في الفترة السابقة لعصر الشاعر، وملامح العصر الذي عاش فيه أبو تمام. وفي الباب الثاني استعراض لملامح شخصية أبي تمام من حيث النشأة والتحصيل ومصادر الحكمة في شعره، وتناول موضوعات الحكمة التي تناولها أبو تمام في أشعاره وقصائده. ولقد تناول في الباب الثالث حكم أبي تمام مع تحليل لها، وما تفيض به من ملامح فكرية وفنية، وما فيها من إبداع وجمال. وفي نهاية الكتاب وخاتمته ألحق المؤلف مجموعة من الحكم للشاعر، وهي مقتطفات شعرية انتقاها المؤلف من ديوان الشاعر، وأبرزها بوصفها أحد آثاره التي عرف بها واشتهر، فهو صاحب معان مبتكرة، وألفاظ متخيرة، ضمنها من الأمثال والحكم ما زاد في ثروة الأدب العربي، ومهد لمن خلفه الطريق فيسلكها.. ولغلبة الحكمة عليه فقد قيل: «أبو تمام والمتنبي حكيمان والشاعر البحتري». وقد كثر اختلاف الناس فيه. قال محمد بن عبدالملك الزيات، وقد مدحه بقصيدة شاعرة: «يا أبا تمام، إنك لتحلي شعرك من جواهر لفظك وبديع معانيك ما يزيد حسناً على بهي الجواهر في أجياد الكواعب، وما يدخر لك شيء من جزيل المكافأة إلا ويقصر عن شعرك في الموازنة». وهذا الكتاب يسلط المؤلف فيه الضوء على ناحية مهمة وجانب مهم من جوانب شعره وحكمه. ولأبي تمام إلى جانب ديوانه كتابا الحماسة وفحول الشعراء، جمع فيهما عيون الشعر وغرره في الجاهلية والإسلام. وقد أحسن في الاختيار حتى قيل إنه في اختياره أبلغ منه في شعره. وقبل أن ننهي استعراض هذا الكتاب نورد نموذجاً من قصائده كقوله: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل وقوله في الحث على الأسفار والاغتراب: وطول مقام المرء في الحي مخلق لديباجتيه فاغترب تتجدد فإني رأيت الشمس زيدت محبة إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد وهكذا أجاد فن الحكمة، واستمد معانيه من وحي الخيال وجمال الطبيعة، وأعاد للشعر بهجته وروعته وحكمته. وعلى أي حال، فالكتاب إضافة جيدة للمكتبة العربية، ويحتوي على مادة أدبية وشعرية جيدة؛ إذ جمع لنا أشتاتاً من الحكم، استخرجها المؤلف من ديوانه، وجرى نظمها في عقد جميل، يجذب القارئ لها ويشده نحوها.