أكد وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف عزم المملكة على استمرار برنامجها الاستثماري ضمن استراتيجيتها للنمو على الرغم من تراجع أسعار النفط مؤخرا، لافتا إلى اتخاذ المملكة إجراءات لدعم المؤسسات الصَّغيرة والمتوسطة وتمكينها من الحصول على التمويل، إلى جانب مواصلة الاستثمار في التعليم والصحة وتوظيف العمالة وغيرها من البرامج الاجتماعية. كما أكد العساف في كلمة له خلال اللقاء التشاوري الأول لقطاع الأعمال في مجموعة العشرين الذي تنظمه الغرفة التجارية الصناعية بجدة أمس أهمية تحفيز النشاط الاقتصادي وتجنب الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية وبذل المزيد من العمل لتحفيز النشاط الاقتصادي العالمي، لافتاً إلى أن اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين استعرض أوضاع الاقتصاد العالمي وتم فيه الإشارة إلى بطء التعافي الاقتصادي بوجه عام وتفاوت مراحله بين الدول. ونوه وزير المالية في كلمته بتولي تركيا رئاسة مجموعة العشرين لهذا العام، وقال : أجدد تأييدي للأولويات الثلاث التي وضعتها لرئاستها، وهي: «التنفيذ» و«الاستثمار» و«الشمولية في النمو»، إضافة إلى الأسس الثلاثة التي سيبنى عليها عمل «مجموعة الأعمال» (B20)، وهي «الاستمرارية» و«الشمولية» و«الترابط» وستكون المملكة مشاركاً فعالاً في العمل لتحقيق هذه الرؤية المتميزة. وأضاف العساف : تبرز أهمية عمل مجموعة الأعمال في دعم الجهود الرسمية لتعزيز تعافي الاقتصاد العالمي، والذي - كما تعلمون - لم يتحقق بشكل كامل على أثر الأزمة المالية التي حدثت خلال عام 2008م ومنذ ذلك الحين، يحرص وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة العشرين على متابعة التعافي الاقتصادي بشكل دقيق ومنتظم، لافتا إلى أن دول مجموعة العشرين اتخذت إجراءات فردية وجماعية لتحفيز النمو وإعادة الأسواق المالية إلى مسارها الصحيح والمستقر. وأوضح وزير المالية أن هذه الإجراءات أسهمت بالفعل في تحفيز النشاط الاقتصادي وتجنب الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية ومع ذلك لا يزال هناك المزيد من العمل لتحفيز النشاط الاقتصادي العالمي، مشيراً إلى أن المملكة أسهمت من جانبها في تنفيذ جدول أعمال مجموعة العشرين الذي يشتمل على مجموعة كبيرة من السياسات، وقال : لدينا استراتيجية للنمو مصحوبة ببرنامج استثماري ونحن عازمون على استمرار هذا البرنامج رغم تراجع سعر النفط مؤخراً، إضافة إلى ذلك اتخذنا إجراءات لدعم المؤسسات الصَّغيرة والمتوسطة وتمكينها من الحصول على التمويل كما واصلنا الاستثمار في التعليم والصحة وتوظيف العمالة وغيرها من البرامج الاجتماعية. وأردف قائلاً: غير أن النمو الذي يساعد على إيجاد فرص العمل يجب أن يظل على رأس الأولويات العالمية في هذا المنعطف الحاسم، ولا شك أن حكومات مجموعة العشرين عليها مسؤولية تنفيذ الإصلاحات الهيكلية اللازمة لتحفيز النمو. وفي هذا السياق، ينبغي أن تحظى دول المجموعة ببيئة محفزة لازدهار الأعمال محلياً وعلى المستوى الدولي. وتابع : لكن الحكومات لا تستطيع القيام بذلك وحدها، ولذلك تُعَلّق أهمية كبيرة على دور القطاع الخاص، و»مجموعة الأعمال» (B20) بذلت جهوداً تستحق الثناء حتى الآن، حيث حددت 12 أولوية جميعها مهم وله علاقة قوية بعمل مجموعة العشرين، وإن كان بعضها يتطلب مزيداً من الاهتمام، معتقداً أن الاستثمار طويل الأجل - ولا سيما في البنية التحتية - والمشروعات الصَّغيرة والمتوسطة وفرص العمل والتجارة وقواعد التنظيم المالي والأمن الغذائي، يمثل مجالات يمكن أن يحقق فيها القطاع الخاص ومن ثم «مجموعة الأعمال» نتائج إيجابية، داعيا إلى توجيه اهتمام خاص لهذه القضايا في مناقشات اليوم. واستطرد قائلا: بالنسبة للاستثمار طويل الأجل في البنية التحتية، طلبت «مجموعة الأعمال» (B20) إقامة مركز للبنية التحتية العالمية، وقد أصبح هذا المركز حقيقة واقعة، وسيبدأ عمله في وقت قريب، مبينا أن المملكة أعلنت التزامها بالمساهمة في تمويل هذا المركز، وينبغي أن تضطلع «مجموعة الأعمال» بدورها في الربط بين عرض البنية بالفرص المتاحة، والمساعدة في تحديد مجالات الإصلاح التي يمكن للحكومات ترتيبها على أساس الأولوية ثم القيام بتنفيذها. وفيما يتعلق بالمشروعات الصَّغيرة والمتوسطة أكد وزير المالية أنها تعد مصدر فرص العمل الأكبر على الإطلاق، لكن الاستفادة من إمكاناتها أقل بكثير من مستوى الاستغلال الكامل، وبروح «الترابط» و«المشاركة» اللذين يشكلان الأسس للرئاسة التركية لمجموعة العشرين، وينبغي أن تتفاعل «مجموعة الأعمال» تفاعلاً نشطاً مع المنظمات المعنية بالمشروعات الصَّغيرة والمتوسطة، على أن يكون الهدف من ذلك هو تعزيز فهم المجموعة لاحتياجات هذه المشروعات والتطلعات التي تطمح إليها والإمكانات التي تتمتع بها، واقتراح ما يمكن للحكومات القيام به لتحسين مناخ الأعمال الكلي لهذه المشروعات.وأوضح العساف أن التعافي العالمي لا يزال دون المستوى المأمول حتى الآن، وربما يكون عدد الوظائف الجديدة التي أضافتها التقنية الحديثة أقل من عدد الوظائف التي تم إحلال التقنية محلها، وفي بعض الدول، ظلت الأجور الحقيقية ثابتة أو انخفضت، مشيراً إلى أن الكثير من الدول تواجه معدلات بطالة مرتفعة وقضايا تتعلق بسوق العمل، وبالنظر إلى حجم التحدي الراهن، ينبغي الجمع بين مبتكرات القطاع الخاص وإجراءات القطاع العام. ولذلك أتطلع إلى رؤية «مجموعة الأعمال» لتوفير وظائف عالية الجودة، خصوصاً للشباب.ولفت الانتباه إلى تباطؤ نمو التجارة العالمية على نحو يثير القلق، حتى وصل الآن إلى نصف ما كان عليه قبل الأزمة المالية العالمية، مبيناً أن التجارة عامل حيوي لتحقيق النمو وزيادة فرص العمل، إلا أن إمكانات المشروعات الصَّغيرة والمتوسطة غير مستغلة بالكامل، مفيداً أن هناك عدة زوايا يمكن أن تبحثها «مجموعة الأعمال» في مجال التجارة وتعزيزها على المستوى الدولي. وحول جدول أعمال الإصلاحات المالية العالمية أكد وزير المالية في كلمته أنه تم إحراز تقدم في دفع هذه الإصلاحات وأصبح التركيز منصباً على استكمال بقية البنود المدرجة على جدول الأعمال، مبينا أنه يمكن ل «مجموعة الأعمال» (B20) أن تقدم مساهمة مهمة في تحديد ما هي الإصلاحات المطلوبة وآثارها على بنوك الأسواق الصاعدة.وحول الأمن الغذائي دعا العساف «مجموعة الأعمال» إلى النظر في القضايا المتعلقة بالهدر الغذائي والأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة من منظور قطاع الأعمال،، مبيناً أن الهدر والخسائر الغذائية ليست مجرد هدرا اقتصاديا بل إنها إسراف غير مقبول في الوقت الذي نشهد فيه الكثير من الجوع وسوء التغذية في الدول الفقيرة. وأعرب عن اعتقاده بأن تطرح «مجموعة الأعمال» أفكاراً عما يمكن أن تقوم به مؤسسات الأعمال وما يجب عليها القيام به لكي تؤدي دورها في تخفيض الهدر والخسائر الغذائية، وكذلك النظر في كيفية تشجيع الاستثمار المسؤول في الأراضي الزراعية غير المستغلة والخدمات اللوجستية المصاحبة. وقال: إن هذا النوع من الاستثمار لن يساعد على توسيع القاعدة الزراعية للإنتاج الغذائي فحسب، بل سيكون مردوده مجزياً من الناحية المالية، وعلينا التفكير في نماذج للاستثمار يمكن أن تؤدي إلى دخول المجتمعات المحلية وصغار ملاك الأراضي في شراكة مع المستثمرين تعود بالنفع على الطرفين. واختتم وزير المالية كلمته قائلاً: إنه بالنظر إلى أن «مجموعة الأعمال» (B20) تمثل مصالح عدد كبير من الشركات حول العالم، فهي بهذا يمكن أن تُحْدِث فرقاً حقيقياً في تنفيذ جدول الأعمال الطموح الذي وضعته مجموعة العشرين. مبينا أن المجموعة أدركت الدور المهم لمجموعة الأعمال (B20) وجعلتها طرفاً مشاركاً في عملية تنسيق السياسات الاقتصادية العالمية بين اقتصادات العالم الكبرى، ومن هنا تتاح لصناع السياسات في مجموعة العشرين فرصة الاستماع إلى مجتمع الأعمال العالمي بشكل مباشر، مؤكدا اهتمام المملكة بما تقوم به المجموعة من عمل ، متطلعا لاستمرار جهودها المفيدة في دعم أجندة عمل مجموعة العشرين. من جهته أكد نائب رئيس مجلس الوزراء التركي علي باباجان مضي المملكة نحو آفاق أرحب وأوسع لتعزيز اقتصادها واستقرار المنطقة كدولة فاعلة في منظومة العشرين بقيادة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - مقدما شكره لوزير المالية ومجلس الغرف السعودية ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية على دعم تنفيذ جدول الأعمال لدول العشرين. وأكَّد ضرورة فتح الأبواب لمساعدة الدول النامية التي تواجه مشاكل اقتصادية، بجانب دعم الشركات المتوسطة والصَّغيرة، وتحقيق الرفاهية لها، مشيراً إلى أن هذا المنتدى سيبحث في هذا الجانب، تأمين الاستقرار الاقتصادي، وتحقيق التكامل في المنطقة مع الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى إيجاد الوعي تجاه هذا التكامل.وأفاد باباجان أن مجموعة الأعمال «B20» وضعت في أجندتها فتح ساحات جديدة لتنمية الاستثمارات والتركيز على المجال المهني للقوى العاملة والتوظيف ومكافحة الفساد، وإعداد التقارير الخاصة بالمبادرات لمجموعة الدول العشرين، حاثا أصحاب الأعمال السعوديين على الاستفادة من الفرص الواعدة في تركيا، وسط التسهيلات التي وضعتها للاستثمار الأجنبي، لافتاً النظر إلى دور المملكة الريادي في الاستقرار الاقتصادي والسياسي، ومحاربة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله.وأكَّد نائب رئيس مجلس الوزراء التركي خلال مؤتمر صحافي عقد على هامش المنتدى على قوة اقتصاد المملكة في دول العشرين الاقتصادية الذي يعمل وفق منظومة مشتركة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في المنطقة. وقال: إننا نعمل حالياً على بناء شركات اقتصادية بين تركيا ودول الخليج لدعم الفرص الاستثمارية والاقتصادية وتشجيعها عبر خلق فرص عمل ، ونعمل على دعم المنشآت الصَّغيرة في اقتصاديات الدول العشرين مخلال تخصيص بنود في اجتماع دول العشرين كونها تمثل محورا رئيسيا في دعم الاقتصاد ، ودعمها أمر في غاية الأهمية كون هذه المنشآت تمثل الشريحة الوطنية وذوي الدخل المحدود. وأبان باباجان أن العلاقة بين المملكة وتركيا هي علاقة أخوية وسياسية واقتصادية بعيدة المدى وتعمل على دعم استقرار المنطقة اقتصادياً وسياسيا ، وجذور العلاقة قوية جداً ، مشيرا إلى أن لدى تركيا قانونا يسمح للمواطن السعودي بتملك العقار في تركيا. كما لفت إلى أن حجم الاستثمارات العقارية في تركيا تجاوزت 4 مليارات دولار لكل دول العالم ، ويتم العمل حالياً على دراسة المفاوضات الحرة في دول المجلس وحال الموافقة من دول المجلس سيتم العمل على توقيع الاتفاقية التي تهدف إلى تنمية الاستثمارات بين تركيا ودول المجلس.