اطلعت على مقال الأستاذة القديرة كوثر الأربش في عدد يوم الاثنين 19 يناير 2015م، الذي جاء بعنوان «هل لغيرة النسوان طعم الخنجر؟!». الغيرة التي تتحول لدى المرأة إلى حقد حقيقي، قد يتسبب بالأذى للمرأة المسببة للغيرة، غير موجود في محيطي الذي أعيش فيه. هناك بعض النساء من حولي يبدين غيرة تجاه امرأة أو أخرى بسبب جمالها، أو لأنها أكثر مالاً، أو لأنها أنيقة إلى حد كبير، لكن هذه الحالات لا تصل إلى مرحلة الحقد الدفين. ومما يضحكني أنني ألمس غيرة بعض النساء ذوات العقل الصغير من ممثلات جميلات، أو مطربات فيهن ميزات مختلفة «جسدياً» وملابس مثيرة. وهذه الحالات فرضتها علينا الفضائيات التي تبث أغاني هابطة لمغنيات لسن على مستوى رفيع، بل مستواهن فقط في شكلهن وجسدهن وملابسهن المثيرة.. وهذا يسبب لبعض النساء الغيرة، وهي غيرة لا مكان لها بين نساء من المفترض أن يكنَّ على مستوى رفيع من التفكير. وتبقى الغيرة شعوراً فطرياً، يولد مع الإنسان، ولكن الإنسان يحول هذا الشعور الفطري إلى سلاح فتاك أحياناً، يفتك بالطرف الآخر. فماذا لو استخدمت هذا السلاح امرأة ضد امرأة أخرى؟ خاصة أن غيرة المرأة من المرأة عذاب تعيشه نسبة كبيرة من النساء اللواتي لا يخفين شعورهن بالغيرة، عندما يرين أخريات يمتلكن أشياء هن محرومات منها. ولهذا، فثمة ضغينة تنبت في الأعماق تجاه بعضهن بعضاً. وقد قالوا: إن المرأة أشقى بغيرتها من الرجل، وإن الغيرة هي الطاغية في مملكة الحب.. وجاؤوا ورددوها عالية: الغيرة هي اللغة الوحيدة التي تجيدها المرأة، وعلى قدر حبها تكون غيرتها. وفي مثل هندي «الغيرة تقتل المرأة، والحزن يقتل الرجل». وغيرة المرأة هي الإنذار المبكر بأن هناك أمراً يحدث، ليس بالضرورة من الرجل.. إنما هناك أمر يحدث وحسب! وأحد أهم أسباب الغيرة بين النساء هو القدرة على العمل، فإذا كنتِ امرأة غير عاملة فستحسدين صديقتك العاملة، وإذا كنتِ امرأة عاملة لكنكِ لا تحبين عملك، ولا تحرزين أي نجاح يذكر، فبالتأكيد ستغارين منها، ولكنكِ لا تعلمين أمراً مهماً. ولا شك أن التنشئة الاجتماعية تلعب دوراً في غيرة المرأة من المرأة؛ فالموروث الاجتماعي لديها يجعلها تخاف دائماً من المرأة الناجحة، وذات الشخصية القوية، باعتبارها الأقوى والأكثر عطاءً وذكاءً. ومع دخول المرأة مجال العمل وبقوة أصبحت تسبب القلق من نجاحها؛ لتعمل الكثيرات على اختلاق المشاكل والمعوقات لتحطيم نجاحها؛ حتى لا يشعرن بالدونية تجاهها. والمرأة في مجتمعنا تقوم بنقل هذه القيم الذكورية وطريقة التنشئة إلى ابنتها؛ لتعاني هي أيضاً مما عانت منه هي سابقاً، وتبقى أسيرة تلك الحلقة المفرغة.. ولا يمكن أن نخرج منها إلا إذا أعدنا النظر نحن النساء الأمهات بطريقة التربية الذكورية التي نتربى عليها ثم ننقلها لبناتنا. إن المرأة التي تعاني من هذه الحالة من الغيرة الزائدة مطلوب منها أمران؛ لكي تخرج من هذه الدائرة المغلقة: الأمر الأول: أن تتحلى بقدر من الموضوعية؛ فتعترف بإمكانات الأخريات اللاتي قد يتفوقن عليها، وتعترف بأن هذه الإمكانات هي عطاء من الله، وأن الله فضل الناس على بعضهم في الرزق والعلم والعقل.. إلخ.