يتولى اليوم رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد تقديم تشكيلة حكومته في نسختها الثانية وبرنامج عملها لمجلس نواب الشعب، لتنال ثقة أعضائه بعد أن كان أعلن عنها ظهر يوم أول أمس الاثنين. وعلى عكس النسخة الأولى التي أعلنها يوم 23 جانفي الماضي، لم تخلف التركيبة الجديدة ردود فعل سلبية عموماً من قبل الأحزاب الفاعلة في الساحة باعتبار أنها جاءت ممثلة لأغلب التيارات الحزبية باستثناء الجبهة الشعبية التي كانت اختارت شق المعارضة قبل انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة. وكان رئيس الحكومة المكلف قد أعلن أمس الثلاثاء عن تشكيلة حكومته في نسختها الثانية التي شهدت التحاق حزبي النهضة وآفاق تونس بها.. وقد ضمّت هذه التركيبة 27 وزيراً و14 كاتب دولة. وينتظر أن تتحصّل على ثقة البرلمان بالنظر إلى التوازنات القائمة رغم وجود اختلاف حولها في المشهد السياسي وحتّى صلب حركتي النهضة ونداء تونس اللتين تحوزان على أكبر كتلتين في المجلس. ويتوقع أن تنال حكومة الحبيب الصيد ثقة شريحة واسعة من نواب المجلس النيابي خصوصاً بعد تصريحات قيادات الصف الأول للأحزاب السياسية المشاركة فيها وبخاصة كتلة حركة النهضة التي تمثّل وزناً نيابياً هاماً ب69 مقعداً بالرغم من رمزية تمثيلها في الحكومة وحصولها على 4 حقائب فقط.. أما حزب آفاق تونس الذي دخل الحكومة لأول مرة في تاريخه القصير، فقد أعلن أمينه العام ياسين إبراهيم عن قبول الحزب بالتشكيلة ونيته التصويت لفائدتها، وكذلك حزب الاتحاد الوطني الحر الذي تراجع حضوره بعد أن كان الحزب الوحيد الحاضر في النسخة الأولى. فإذا كانت حكومة الحبيب الصيد تقوم على ترضية الأطراف المشاركة أو ترضية قواعد الأحزاب، فلن تكون قراراتها إلا في إطار الترضيات. من جهته يعتقد محمد عبو الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي بأن السبب الرئيس لقرار التيار عدم التصويت للحكومة الجديدة يكمن في سوء اختيار أعضائها. أما أحلام كامرجي القيادية بحزب الاتحاد الوطني الحر الذي كان مشاركاً في النسخة الأولى من الحكومة ب3 وزارات كاملة، ثم تراجع حضوره في النسخة الثانية، فتعتبر أن ما قام به الحبيب الصيد رئيس الحكومة من تعديلات على تشكيلته الحكومية هو تغيير محمود بفضل الحزام الحزبي الذي أضحى يحمي الحكومة في مجلس نواب الشعب بما يضمن عمل الوزراء الجدد في كنف الأريحية والاستقرار. من جهته قال فوزي اللومي القيادي بحركة نداء تونس بأن الحكومة الجديدة ستنال ثقة مجلس نواب الشعب بأغلبية مريحة جداً، مضيفاً أن النسخة الأولى غلب عليها طابع الاستقلالية وكانت حكومة كفاءات بامتياز، مشيراً إلى أن النسخة الجديدة لها طابع سياسي واضح.. وبخصوص تشريك النهضة، قال اللومي: أعتقد أن حضور النهضة في حكومة الحبيب الصيد هو حضور رمزي ليس إلا، فالنهضة هي الحزب الثاني على الساحة السياسية ومن حقه التواجد في الحكومة ولديها كتلة نيابية معتبرة، بما يؤكد روح الوفاق التي تميز التشكيلة الجديدة. في المقابل، يعتقد الشق الرافض لتشريك النهضة صلب حركة نداء تونس أن دخولها الحكومة هو إنقاذ لها وتدمير للنداء، حيث صرحت القيادية الندائية سعيدة قراش بأن دخول حركة النهضة بهذه الطريقة للحكومة والمناصب التي تحصلت عليها فيها لن يترك المجال لفتح ملفات المحاسبة ومراجعة التعيينات والكشف عن حقيقة الاغتيالات، مضيفة أن هذه التركيبة هي عبارة عن «تشويه» للعملية الديمقراطية والانتخابية في البلاد. أما الجبهة الشعبية التي تضم 11 حزباً يسارياً والتي كانت أول من اختار شق المعارضة، فيرى القيادي الجيلاني الهمامي بأن التشكيلة الجديدة للحكومة لم تكن مفاجئة بالنسبة للجبهة، استناداً إلى ما صرح به رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد خلال المشاورات التي جمعته بالحبيب الصيد الذي ظل إلى آخر لحظة غامضاً في خياراته. ويضيف الهمامي: نعتقد أن المفاوضات مع الصيد اكتنفها الغموض من جهته مما جعلنا نصف مشاوراتنا معه بالمغالطة للشعب التونسي.. حيث كان الصيد يربط توزيع الحقائب الوزارية بعدد الأصوات التي ستحصل عليها حكومته في جلس نواب الشعب، وهذا هو الواقع فلم يكن هناك حديث عن برامج الحكومة الجديدة إطلاقاً.