يعد البحث في سيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- مصدراً لاستخلاص الدروس والعبر، فهي بمثابة حقل بحثي تاريخي حافل بسيرة عطرة لقائد ملهم استطاع بحكمته ورؤيته الثاقبة أن يؤسس هذا الوطن الشامخ «المملكة العربية السعودية» ويضع ثوابته ومنطلقاته التي ما فتئت تضيء حاضرنا ونستشرف بها آفاق المستقبل المزدهر بإذن الله. إن الحديث عن تاريخ الملك عبدالعزيز ذو شجون، فشخصيته الفذة التي امتازت بصفات قيادية مكنته بعد توفيق الله من جمع شتات هذه الجزيرة العربية وتوحيدها، وقد استطاع من خلالها أيضاً أن يحقق أروع الأمثلة في دعوته إلى التآخي والتلاحم؛ بهدف تمكين هذه البلاد المباركة من أخذ موقعها الريادي باعتبارها بلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين، فأخذت بذلك تتبوأ مكانة مهمة في الخارطة السياسية دولياً وإقليمياً ومحلياً. وتزينت سيرته العطرة بصفحات مشرقة عن سعيه في تعزيز المكانة الاقتصادية لهذا الوطن الغني بالخيرات، حيث حرص على وضع أسس التنمية الشاملة وذلك بإنشاء المؤسسات الحكومية والخاصة وسنّ الأنظمة والقوانين في ضوء الشريعة الإسلاميَّة السمحة التي أصبحت مصدراً وأساساً لمنهجية الحكم في إدارة شؤون البلاد حتى زمننا هذا، فأضحت المملكة العربية السعودية الآن وُحدة سياسية منسجمة مع نفسها والعالم من حولها، ولم يكن بناء الإنسان بمنأى عن هذه العملية؛ بل كان عنصراً مهماً فيها وما تزال المملكة العربية السعودية كذلك في نهجها واستمرارها بخطى ثابتة في بناء الأجيال والعقل وتطوير هذا المواطن في شتى مناحي الحياة ليكون لبنة بناء وركنا في نهضة هذا الوطن المعطاء. ومن منطلق الدور الريادي الذي تضطلع به جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تعزيز رسالتها الوطنية، وما تشرف به من ثقة ولاة الأمر بما تحويه من كوادر بشرية وقدرات علمية، صدرت الموافقة السامية على تنظيمها المؤتمر الدولي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز برعاية كريمة من سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وذلك بالتنسيق مع دارة الملك عبدالعزيز؛ لبحث ما توافر واستجد من معلومات ودراسات ومصادر ووثائق محلية وعربية وأجنبية عن تاريخ الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والمملكة العربية السعودية؛ لإلقاء الضوء على الدور التاريخي والإنساني للملك عبدالعزيز والمملكة في عهده، وعلاقاته الإقليمية والدولية، وأبرز ملامح النقلة الحضارية والاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى عرض ما تحقق من رؤى وأفكار ومقترحات بناءة ومثمرة في النسخة الأولى لهذا المؤتمر. ونسأل الله تعالى أن يديم على بلادنا نعم الأمن والاستقرار، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز -حفظهم الله ورعاهم-.