يحتفل وطننا الغالي المملكة العربية السعودية بذكرى التأسيس المجيد (الرابع والثمانين) لهذا الكيان الشامخ على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- حين وحّد المكان وجمع شتات الإنسان وأرسى قواعد البناء والنماء في مختلف الاتجاهات وعلى كافة المستويات، وفي هذه المناسبة حريٌ بكل مواطن أن يقف في هذه الذكرى الخالدة ليومنا الوطني المجيد وقفة تأمل يستعيد فيها أبعاد توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس -طيب الله ثراه-. إن اليوم الوطني منارة بليغة نستطيع من خلالها الالتفات إلى الماضي لنفخر بما حققنا ونستقرئ الحاضر ونعمل على تعزيزه، وننظر إلى المستقبل ونخطط لبلوغه بخطى واثقة وأهداف واضحة وعزيمة قوية فذة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومؤازرة سمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد -يحفظهم الله-. لقد غرس توحيد هذه الأرض الطيبة أول بذور النماء التي تشكلت منها كيانات البناء والعطاء في مختلف الاتجاهات والمستويات، وشهدت العملية البنائية لمملكتنا الحبيبة منذ أن تشكل هذا الكيان العريق ملحمة متفردة تمكن عبرها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- من جمع قلوب المواطنين وعقولهم وتوحيد صفوفهم ووجهاتهم على هدف راسخ وغاية متينة، تمثل رمزية هذا الكيان لوحدة وطنية بليغة ربما لم يعرف لها التاريخ مثيلاً وفق معطيات ما تم وما تحقق عبر ظروف التكوين والتأسيس العميقة، ويستمر البناء ويتواصل الإنجاز ويحمل أبناء عبدالعزيز البررة الراية من بعده وتتوالى الإنجازات وصولاً للعهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين مليكنا المحبوب الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أمد الله في عمره-.. إننا في هذا اليوم الغالي ذكرى توحيد المملكة العربية السعودية نفتخر بأن نسجل منجزاتنا التنموية التي عزز قواعدها قادة أخلصوا لوطنهم وشعبهم في سبيل توفير الحياة الكريمة لهم وللأجيال المقبلة. وفي هذا السياق حظيت وزارة الشؤون الاجتماعية وهي المعنية بتلبية احتياجات المواطنين من خلال وكالات الوزارة الثلاث (الرعاية، والتنمية، والضمان) بعناية خاصة ومميزة من لدن قيادتنا الرشيدة - حفظها الله-، حيث يأتي اهتمام وكالة الوزارة للرعاية الاجتماعية والأسرة بكل ما يتعلق بالرعاية الاجتماعية وإسهاماتها والفئات التي تخدمها من الأيتام والأحداث والمسنين والمعوقين وغيرها من الفئات المحتاجة الأخرى، أما وكالة الوزارة للتنمية الاجتماعية فتهتم بكل ما من شأنه إنماء المجتمعات والأفراد، في حين تضطلع وكالة الضمان الاجتماعي بواجب القيام بتقديم المعاشات والمساعدات ودعم تنفيذ المشاريع الإنتاجية لمستفيدي الضمان الاجتماعي، وقد شمل قطاع الضمان الاجتماعي وبرامجه المساندة نطاقاً أوسع في خدمة المستفيدين والمستفيدات وارتفع الحد الأعلى من 8 أفراد إلى 15 فرداً، ووصل عدد مكاتب الضمان الاجتماعي إلى (112) مكتباً ووحدة ضمانية رجالية ونسائية، وبلغت المصروفات المخصصة للمستفيدين للعام المالي 1434ه-1435ه (26,459,284,325) ريالاً، وعلاوة على توسيع الضمان الاجتماعي في خدماته لتشمل إلى جانب المعاشات والمساعدات، برنامج فرش وتأثيث مساكن الأسر المحتاجة من مستفيدي الضمان، وبامج الأسر المنتجة، وبرنامج الحقيبة والزي المدرسي لأبناء مستفيدي الضمان، وتسديد جزء من فاتورة الكهرباء، وغير ذلك من البرامج والمشروعات التي تسعى الوزارة جهدها للتوسع فيها وتحقيقها بما يلبي توجيهات القيادة الرشيدة وتطلعات المستفيدين والمستفيدات واحتياجاتهم. أما قطاع التنمية الاجتماعية فقد تم افتتاح المزيد من مراكز التنمية الاجتماعية وتكوين لجان تنمية اجتماعية أهلية جديدة، ودعم الأنشطة الشبابية وأنشطة رعاية الطفولة والأمومة والأنشطة الثقافية والتعليمية الاجتماعية الأهلية وبرامج التنمية الأسرية والإرشاد الأسري للنساء وربات البيوت بهدف تكوين وعي اجتماعي سليم نحو رسالة الأسرة ومهامها في تنشئة أجيال صالحة قادرة على البناء ووضع البرامج العلمية الكفيلة برعاية الأمومة والطفولة. وفي جانب الجمعيات الخيرية والتعاونية فقد أولتها الوزارة الاهتمام والمساندة لتقدم خدماتها للمحتاجين والمستفيدين على أكمل وجه، وقد وصل عدد الجمعيات والمؤسسات الخيرية (781) جمعية ومؤسسة، وبلغت الإعانات المالية التي قدمتها الوزارة للجمعيات الخيرية لعام 1434ه (623,354,580) ريالاً، فيما بلغ عدد الجمعيات التعاونية (189) جمعية مختلفةً في الخدمات والأنشطة التي تقدمها فمنها (المتعددة الأغراض، والزراعية، والاستهلاكية، وصيادي الأسماك، والمهني، والتسويقية، والخدمية)، وخصصت الوزارة دعم أنشطة الجمعيات التعاونية مالياً بأكثر من (50.000.000) ريال. أما الشأن الرعائي والأسري فقد تطورت الخدمات الاجتماعية تطوراً نوعياً، فالدولة -أيدها الله- تضاعف اهتمامها بالأيتام والمعوقين ومن في حكمهم (بنين وبنات)، من خلال صرف مكافأة للأسر الحاضنة وصرف إعانة لجميع فئات المعوقين المسجلين على قوائم وزارة الشؤون الاجتماعية من أجل مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم وتلبية احتياجاتهم، وقد بلغت المخصصات المالية لإعانة ذوي الإعاقة خلال العام المالي 1434ه -1435ه ثلاثة مليارات وسبعمائة واثنين وتسعين مليون ريال، كما تتحمل الدولة عن المعوقين المحتاجين الرسوم المتعلقة بتأشيرات الاستقدام، إلى جانب منح المعوقين سيارات مجهزة توفر للمعوق التنقل بكل يسر وسهولة تتناسب مع احتياجاتهم، كما سعت الوزارة إلى التوسع في مراكز التأهيل الشامل ومراكز الرعاية النهارية ودعمها بالكوادر المتخصصة، وتم صدور اللائحة التنظيمية وقواعدها التنفيذية لمراكز التأهيل غير الحكومي، واعتماد برنامج الرعاية الصحية التأهيلية المنزلية للأشخاص ذوي الإعاقة وذلك انطلاقاً من استراتيجية المملكة في تفعيل برامج التأهيل المجتمعي، كما تعمل الوزارة على مشروع خصخصة قطاع رعاية المعوقين. وفي جانب رعاية أبنائنا الأيتام عملت الوزارة على تطوير البرامج المقدمة لهذه الفئة الغالية علينا منذ نشأتهم والتوسع في برنامج الأسر الكافلة البديلة وتطوير برنامج الاعانات المخصصة لذلك لتتراوح ما بين (2000 - 3000) شهرياً، إضافة إلى مكافآت نهاية الكفالة والبالغة (20.000) ريال لكل أسرة، بالإضافة إلى تقديم المنح المالية لزواج الأيتام ذوي الظروف الخاصة التي تصل إلى (60.000) لمرة واحدة، وتطوير الخدمات والبرامج المقدمة في المؤسسات الإيوائية الخاصة بالأيتام، ومن ذلك الانتهاء من عدة دفعات للأبناء الأيتام للابتعاث الخارجي لمؤهلات البكالوريوس والماجستير، وترسية النقل المدرسي ولمدة ثلاثة أعوام لتأمين المواصلات للأيتام للمدارس والجامعات، كما تحرص الوزارة على تنفيذ برنامج الحج للأبناء الأيتام سنوياً. وفيما يتعلق بالرعاية والتوجيه فالوزارة تقوم بتنفيذ البرامج الوقائية والعلاجية المتكاملة لمشاكل جنوح الأحداث من خلال دور التوجيه الاجتماعي ودور الملاحظة تقدم فيها جميع البرامج الاجتماعية والنفسية والتدريبية والتعليمية. وتولي الوزارة جانب الحماية الاجتماعية الاهتمام البالغ للحد من هذه المشكلة وكان من آخر جهود الوزارة في هذا الجانب صدور الأمر السامي الكريم بالموافقة على نظام الحماية من الإيذاء، كما تم إنشاء عدد (17) لجنة حماية وأيضاً افتتاح عدد من وحدات الحماية الاجتماعية موزعة على مناطق المملكة، وتعمل الوزارة على الإعداد للاستراتيجية الوطنية للحد من مشكلة العنف الأسري، ومركزاً خاصاً لتلقي بلاغات العنف والإيذاء على الرقم المجاني (1919). وأما فئة كبار السن فقد حرصت الوزارة بتوفير كافة الإمكانات لتأمين كافة أوجه الرعاية لتوفير الحياة الكريمة لهذه الفئة العزيزة، وذلك من خلال (12) داراً لرعاية المسنين والمسنات منتشرة على مناطق المملكة، تقدم فيها كافة الخدمات الرعائية والاجتماعية والطبية والإعاشة والعناية الشخصية وكذا الأنشطة الترويحية لكل من تقطعت بهم السبل ولا يوجد من يتولى شؤونهم ورعايتهم، وقد صدرت مؤخراً اللائحة التنظيمية لدور الرعاية الاجتماعية والقواعد التنفيذية الخاصة بها، وتعديل مخصصات نزلاء ونزلات دور الرعاية الاجتماعية لتصبح (200) ريال شهرياً لكل نزيل، وزيادة مبلغ الكسوة الصيفية لتصبح (700) ريال لكل نزيل، بالإضافة إلى الكسوة المالية للعيدين. والمستقبل المشرق يحمل -بإذن الله جل وعلا- ثم بجهود المخلصين في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بشائر الخير والرفاه للوطن والمواطن بما يعزز هذه المسيرة المباركة ويحقق الآمال والطموحات والتطلعات ويلبي المتطلبات والاحتياجات. أسأل الله العلي القدير أن يحفظ وطننا وقادتنا وولاة أمرنا وأن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار والرخاء في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله-.