استطاع مؤشر السوق المالي السعودي تجاوز حاجز 10000 نقطة النفسي بسهولة، منذ الموافقة على دخول المستثمر الأجنبي المؤسساتي مباشرة بالسوق المالي، وكسب أكثر من 8 بالمئة باقل من شهر تقريباً. من الواضح أن السوق كان ينتظر خبراً إستراتيجيا حتى يندفع بقوة للأعلى كما هو حاصل حالياً. وتجاوز السوق مستوى 10600 بزخم قوي ووصل إلى مستويات لم يزرها منذ ستة أعوام، لكن السؤال الذي يتداول حالياً بين المتعاملين بالسوق ماذا سيحدث مستقبلا وإلى أين يتجه المؤشر..؟. ولابد أن نأخذ بوجهات النظر بين المتفائلة والمتخوفة حيال حركة المؤشر والأسعار عموماً، لأن العامل النفسي أساسي بتحليل توجهات السوق. فقرارات المتعاملين هي من يحرك الاتجاه، وربط وجهات النظر يجب أن يقترن بقرار السماح للأجانب الاستثمار بالسوق كونه السبب الرئيسي بارتفاعات السوق حالياً حسب ما هو سائد بالأذهان، وللوصول إلى استشراف المرحلة القادمة باتجاه السوق، لابد من الاعتماد على الأساسيات التي يرتكز عليها المستثمر طويل الأمد بقراراته الاستثمارية، وليس ما يعتمد عليه المضارب، لأن الأخير يعتمد نمطاً مغايراً، وهو يستطيع أن يتعامل بالسوق بكل مراحله سواء سوق هابطة أو صاعدة، لأنه متاجر يومي أو أسبوعي، لكنه ينظر لحركة السهم وليس لأساسيات الشركة أو الاقتصاد بالمقام الأول. وقد تخوف البعض من دخول المستثمر الأجنبي، مع العلم أنه لم تثبت سلبيته المطلقة بأي سوق فتح تعاملاته مباشرة للأجانب، بل كانت الإيجابية عموماً هي الطاغية، وإلا لما سمحت الأسواق الكبرى له بالتعامل المباشر منذ وقت طويل، إلا أن ما يهم المتعاملين بالسوق هو المستقبل، فرغم الارتفاعات القوية حالياً بالأسعار إلا أن مكرر ربحية السوق مازال حول 17 مكرراً بناء على الأرباح الماضية. ومن المعروف ان المستثمر يشتري على الحسابات المستقبلية، مما يعني أن التوقعات بنمو الأرباح بمختلف القطاعات خصوصاً القيادية ستخفض من المكررات، والتي أظهرت بعض الدراسات التقديرية لنمو الأرباح بأن المكرر المستقبلي بناء على الأسعار الحالية سيكون عند 13 مكرر خلال العامين القادمين، اي أن السوق بهذه الحالة لايعد بمرحلة فقاعة أو مبالغة بالأسعار، وتحديداً للقطاعات والشركات الجيدة والتي تؤثر بحسابات السوق وحركته. كما أن النمو الاقتصادي متوقع أن يستمر بوتيرة جيدة، مما يعزز من النظرة التفاؤلية لنمو الأرباح، ومن المنتظر صدور الخطة التنموية العاشرة، والتي تعطي تصوراً لملامح الإنفاق الحكومي وتوجهات الاقتصاد، ومن شأن ذلك أن يظهر أي القطاعات الاقتصادية ستكون مستفيدة أكثر من غيرها، هذا بخلاف الإصلاحات الجيدة التي تدخل السوق من أنظمة وتشريعات يضاف لها أدراج شركات قوية من حيث العائد والأصول كالبنك الأهلي، مما يعزز من قوة الجاذبية للاستثمار بالسوق مستقبلاً. أما التخوف من الفقاعة أو المبالغة بالأسعار حالياً والخلط مابين التصحيح المرحلي وجني الأرباح والتصحيح للفقاعة، فهو يتطلب تفنيداً من قبل المؤسسات المالية قبل غيرها كجهات تخدم السوق. فالتصحيح لموجة صعود بناء على المقومات التي يتم احتساب قيمة السوق عندها والتي تعد جيدة حالياً لا يمكن اعتبارها تصحيحاً لفقاعة، لأن مثل هذه التصحيحات تجدد الفرص بالسوق وينطبق الحال نفسه على جني الأرباح إذا حدث، بينما التصحيح الكبير لا يأتي إلا عند ارتفاع المكررات بنسب عالية مع عدم قدرة السوق على تحقيق نمو جيد يخفض المكررات، كما تكون القيمة الدفترية للسوق تجاوزت 4 إلى 6 مرات بالإضافة لعوامل ترتبط بالاقتصاد المحلي كتراجع النمو الذي ينعكس على أرباح الشركات بنهاية المطاف. السوق رغم تجاوزه لحاجز نفسي مهم حالياً فوق عشرة آلاف نقطة، والذي قد يكون فاجأ غالبية المتعاملين، خصوصاً المبتعدين عن السوق منذ فترة طويلة، إلا أن الحسابات المستقبلية يجب أن تبنى على عوامل أساسية من قبل المستثمر حتى يعرف ما يجب أن يتخذه من قرارات مستقبلية، وأن لا يكون معتمداً على القرارات العاطفية أو يتأثر بأي حركة بالمؤشر تكون مؤقتة، لأن الاتجاه تحدده مقومات وأسس بناء الاستثمارات بالأسواق وليس القرارات السريعة المبنية على ردات الفعل أو المتأثرة بالآراء المتباينة دون سند علمي، ومؤشرات واضحة مبنية على حسابات دقيقة.