كلمة الملك عبدالله - يحفظه الله - التي ألقاها الجمعة الماضية هي رسالة مفتوحة ومكاشفة للداخل والخارج. رسالة إلى: أولاً: المجتمع السعودي في الداخل. ثانياً: الأمة العربية. ثالثاً: الأمة الإسلامية. رابعاً: الدول الغربية. خامساً: دول الجوار العربي. الداخل السعودي وجد نفسه في تقاطعات الأحداث بسبب نشطاء اعتقدوا أنهم طرف في كل نزاع ينشب في العالم, سواء كان النزاع عربياً أو إسلامياً أو دولياً. نجح النشطاء في جر مجتمعنا إلى بقع الصراعات الساخنة، وبدلاً من بناء مجتمعنا وتحصينه من الويلات والحروب التي تدور رحاها على طول حدودنا بلا استثناء، يتم إغراق مجتمعنا ببقع طينية زلقة ومملحة رخوة تحت مظلة العروبة والإسلام وعودة لفكرة الخلافة الإسلامية، تم إغراقنا في أيديولوجيا لا انفكاك منها، وتحتاج إلى جيل يتربى بعيداً عن مؤثرات جيل الثمانينيات الميلادية وما تلاه من أحداث بدأت باحتلال الحرم عام الثمانين، وكيف أن مجتمعنا السعودي كان يعتقد أنه في سبات المد العربي وخطابات جمال عبد الناصر والتحرر العربي، ليجد نفسه في مد جديد زادت من وهجه الحرب العراقية الإيرانية التي تارة تأخذ البعد العروبي, وتارة أخرى البعد الإسلامي المذهبي، ولم تهدأ حرب الخليج الأولى حتى جاءت الحرب الثانية واحتلال العراق للكويت عام 1990م؛ لتعيش بلادنا أكبر الأزمات والتحديات. ومع مجيء القوات الأجنبية إلى أراضينا لتحرير الكويت دخلنا نفقاً مظلماً، تحرك فيه النشطاء لخلط الأوراق, فأصبح مجتمعاً مختطفاً في القيمة الأيديولوجية، حتى أنك تسمع النقاش عالياً في المدارس والجامعات والمجالس الخاصة والممرات الجانبية، وحتى داخل الأسرة. الأمة العربية التي انكفأت على نفسها بعد (النكسة) 1967م عاشت على اللوم والعتب وحكم العسكر حتى جاء الربيع العربي عام 2010م ليشهد الربيع العربي ثورة هزت الشمال الإفريقي والعراق والشام واليمن، وأصبحت حدودنا تموج بالثورات والمقاتلين والحروب غير الأخلاقية, ورحب بها الغرب ووقف كما يقول مع الديمقراطية ومع الحقوق والمعارضة أين كانت، المهم الوصول إلى الفوضى الخلاقة، الفوضى للعرب، ولهم الخلاقة التي تخدم مصالحهم. الملك عبدالله أرادها رسالة لنا لنضع وطننا بين أيدينا، ونحافظ عليه ونحميه, ونجنبه الويلات والحروب. وأرادها رسالة: للغرب وأمريكا وإسرائيل وإيران وتركيا أن من يسعى إلى إحراق الوطن العربي تحت مظلة الربيع العربي والديمقراطية التي يدعونها فستحرق النار أطرافهم وتنهش في أراضيهم وأطالسهم ومصالحهم حتى وإن كانت هناك فواصل من البحار والمياه.