مضى حوالي اربعين عاما على تأسيس صندوق التنمية العقارية ، ساهم خلالها بدعم تملك السكن للمواطنين خصوصا بالسنوات الاولى لتأسيسه، الا ان حساب حجم المستفيدين حاليا لعدد السكان الحالي والمستقبلي يظهر بأن نسبة المساهمة تبقى محدودة ولا تتعدى 20 بالمئة من حجم المساكن المبنية بالمملكة، خصوصاً ان الصندوق بقي لفترة طويلة هو الجهة التمويلية الوحيدة لتملك السكن قبل ان تدخل البنوك التجارية على خط المنافسة، لكنها بقيت محدودة بدورها لارتفاع تكاليف التمويل وكذلك عدم وجود تشريعات كافية للتوسع بالاقراض قبل صدور نظام الرهن والتمويل العقاري مؤخرا. ورغم ان الصندوق العقاري قد غير كثيرا بأسلوب تقديمه القروض، فمن حصر القرض ببناء الوحدة السكنية الى السماح بالشراء للسكن سواء كان منزلا مستقلا او شقة ، الا ان ذلك لم يشفع كثيرا للاقبال على اخذ القرض من قبل اكثر من 140 ألف مواطن صدرت الموافقة لهم منذ عدة سنوات، كما ان رفع الحد الاعلى لقرض الصندوق من 300 الى 500 الف ريال لم يساعد على زيادة التملك ، وبقيت الاسماء التي صدرت الموافقة لها في حالة ترقب وانتظار لتراجع اسعار العقار لان مبلغ القرض لا يكفي ، مما ادى لان يصدر الصندوق منتجات جديدة تسمح بالحصول على قرض اضافي من البنوك التجارية يكمل او يساهم بنسبة كبيرة من ثمن الوحدة السكنية ، لكن يبقى لمستوى متوسط الدخل العام لاغلب المنتفعين الدور البارز في نجاح هذا المنتج ، والذي عمليا يتطلب دخلا اعلى من 10 آلاف ريال شهريا للمستفيد على اقل تقدير. لكن الحل ليس كما هو قائم على سقف اعلى لقرض الصندوق، خصوصا ان رأس ماله وصل الى 200 مليار ريال ، او باضافة منتجات تتيح لقطاع التمويل الخاص ان يشارك بقيمة الوحدات السكنية لان التكاليف ستبقى مرهقة للمستفيد ، وتعلم ذلك جيدا وزارة الاسكان، بل ان على وزارة الاقتصاد والتخطيط ان تتدخل لتوضيح الاثر السلبي على شريحة واسعة من الاسر التي تحصل على تمويل اضافي ، ويجب وضع حلول مختلفة تقلل من اثر تكلفة السكن على دخل الاسر. ولعل من اهم هذه الحلول، تغيير عبارة الحد الاعلى لقرض الصندوق عند 500 ألف ريال لتصبح الحد الادنى ، لان تكاليف السكن ارتفعت كثيراً، كما ان الحاجة لتقديم قروض اضافية لمن قادر بدخله على تحمل التزاماتها يجب ان يبدأ من الصندوق وليس بقرض اضافي من شركات التمويل الخاصة، فمن الممكن ان يرفع الصندوق قرضه الى مليون ريال، ومن الممكن ان تكون اي زيادة عن 500 ألف ريال بتكاليف على المقترض او تتغير عدد سنوات السداد او ترتفع نسبة السداد للدخل ، ومن الممكن وضع شرائح لمستويات الدخل التي يمكنها الحصول على هذا التمويل والذي سيساهم كثيرا برفع نسب تملك السكن وتقليل الاعتماد على الممولين التجاريين الا بمبالغ محدودة لن تشكل عبئا على المقترض عموما. وبما أن الحديث هو عن منتجات مالية من الصندوق، فمن المهم تحوله الى بنك للاسكان فورا ، وان يسرع بعمليات تمويل متنوعة ومتعددة، وان لا ينتظر حتى صدور استراتيجية الاسكان والتي تتضمن تحويله الى بنك، لان سوق التمويل هو احد اهم حلول السكن ورفع نسب تملكه ، ولابد ان يكون الحراك فيه مختلفا عن التعامل مع بقية الانظمة والتشريعات ، فتحويل الصندوق إلى بنك والشروع مباشرة بتقديم منتجاته بمرونة وتوسع اكبر سيسهم بفترة وجيزة بتقديم حلول ترفع سريعا من نسب تملك السكن. حلول الاسكان بالمملكة متوفرة وسهلة لاسباب عديدة يعلمها الجميع ، منها توفر المال والمساحات الكبيرة من الاراضي بالمدن ، ولابد ان يكون للمرونة بالقطاع التمويلي وعلى راسه صندوق التنمية العقاري دورا كبيرا بدعم حلول تملك السكن ، فكلما كانت المرونة والتنوع بالمنتجات التمويلية سواء للمواطنين او للمطورين حاضرة فان اختزال الزمن المتوقع لرفع نسب تملك السكن لتكون بمستويات تفوق 80 بالمئة من الاسر ممكنا وسهلا وميسرا ، ويبقى النظرة من ادارة الصندوق لواقع ومشاكل تمويل السكن والدور الممكن القيام به حاليا ومستقبلا الامر المفصلي بتطور وتنوع سوق تمويل السكن.