على ضوء تطوير مرفق القضاء وما صاحبه من استحداثات كبيرة شملت كل المرافق في الجهاز من حيث عدد القضاة وتأهيلهم وتعدد المحاكم وإنشاء المرافق العدلية الملائمة لبيئة العدالة واستحداث الأجهزة الفنية والكوادر البشرية المؤهلة، فلا بد أن نضع النقاط على الحروف والإشارة إلى الأمور الهامة التي لا بد من استحداثها ضمن المشروع وهي (العطلة القضائية). مما لا شك فيه أنّ إقرار العطلة القضائية في مختلف الدول يعتبر اعترافاً بأهمية توفير الظروف المناسبة لسير عمل المرفق القضائي وضمان حسن سير أدائه، وتُعد العطلة القضائية التي تأتي صيفاً إجازة سنوية للقضاة والمحامين على حد سواء، بعد عناء وجهد عام كامل في أروقة المحاكم سعياً منهم لإرساء العدالة، وبالنسبة لواقع العمل القضائي في المملكة، فإنّ العطلة القضائية مازالت غير واضحة المعالم والأبعاد، وخاصة لجهة إقرارها وجعلها من الأمور المستقرة في العمل القضائي على غرار اعتمادها في معظم الدول الإسلامية والدول العربية، وخاصة أنها أصبحت حاجة ملحة في ظل تزايد حجم العمل الذي يكلف به القضاة في المحاكم على اختلاف درجاتها والذي ينعكس بصورة أو بأخرى على أداء الجهاز القضائي وسير عمل المحاكم، مما يحتم معه تنظيم المواعيد القضائية بصورة تتيح للقاضي أن يوزع مواعيد جلسات القضايا التي يباشرها بكل سهولة ويسر ويخطط بصورة مسبقة لإنجاز ومباشرة شؤون حياته الخاصة خلال فترة العطلة القضائية، وإنجاز ما لم يستطع إنجازه خلال عام مليء بالجهد المضني، والذي يجعل وقت القاضي ملكاً لعمله سواء أثناء الدوام الرسمي أو خارجه، فضلاً أنّ العطلة القضائية تأتي في فصل الصيف الذي يتميز بحره الشديد وسخونة الطقس، مما يجعل القاضي يأخذ استراحة محارب للعودة مجدداً لامتشاق سيف الحق والعدل، وهو مفعم بالنشاط ومقبل على العمل بكل حيوية ونشاط. وثمة طرح مقابل لما سبق يعتبر أن إقرار العطلة القضائية سيؤدي حتماً إلى تعطيل مصالح الناس وتأخير البت في الدعاوى، إلا أن الرد الواقعي على ذلك يتمثل في أن التنظيم المصاحب للعطلة القضائية، سيراعي حتماً وجود مناوبات قضائية في مختلف المحاكم لمباشرة الدعاوى والقضايا المستعجلة، بما يحقق استمرار مرفق القضاء في تأدية دوره الريادي كمفصل رئيسي في خدمة العدالة, ولنا في الدول التي سبقتنا في تطبيق هذا المقترح المثل في نجاح هذا المقترح إن شاء الله, لذلك فإنّ إقرارها لا يؤثر على العمل من الناحية السلبية بل يؤثر إيجاباً، بحسبان أنها عطلة مشتركة للقضاة والمحامين وساحة للفئتين تتيح الراحة من عناء سنة قضائية وانتهازها لشحن الذات بالقدرات الإضافية استعداداً للعام الجديد. ومن جهة أخرى فإنّ إيجابيات إقرار العطلة القضائية ستمتد وتشمل المحامين، ومما لا شك فيه أنّ المحامين الذين سيعملون إلى استثمار هذه العطلة لإعادة ترتيب أوراقهم وترتيب قضايا موكليهم، بما يحقق متابعة ودراسة لهذه القضايا بعيداً عن زحام مواعيد المحاكم، ومما لا ريب فيه أن المتقاضين أنفسهم سيجدون متسعاً لإعادة النظر في قضاياهم بعيداً عن التزامات الحضور أو متابعة الدعاوى أمام المحاكم. إنّ مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير وإصلاح القضاء، يعتبر المحرك الأساسي وراء أية أفكار أو خطوات تصب في مصلحة القضاء بصفته أحد أهم أركان مسيرة التطوير والتحديث التي يقودها خادم الحرمين الشريفين، ويسعى دائماً للتأكيد على عنوان تلك المسيرة، والذي أعلنه في اليوم الأول من تلقي البيعة وهو إحقاق الحق وإرساء العدل، وبالتالي فإنّ الجميع مطالب على الدوام للمساهمة في تكريس ذلك العنوان والسعي للارتقاء بمرفق القضاء وتعزيز الجهود لضمان تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع، بحيث يكون القضاء نبراساً لضمان سير العدالة وحفظ الحقوق ومكافحة الفساد، في ظل قيادتنا الحكيمة، التي تسجل كل يوم في صفحات التاريخ المشرقة أروع المثل في حب الوطن والسعي الدؤوب لرفعته وحفظ الحقوق. وأخيراً نطمح أن يلاقي هذا المقترح استحسان كبار رجال القضاء والمعنيين بهذا الشأن، وعلى رأسهم معالي الوزير الذي يقوم على تنفيذ وتطوير مرفق القضاء.