لم تكن مصر وحدها فرحة بفوز الرئيس عبدالفتاح السيسي ليصبح رئيساً لجمهورية مصر العربية بعد الإعلان الرسمي للنتيجة النهائية التي كانت معبرة لإرادة المصريين؛ فالفرحة امتدت على طول الوطن العربي تترجم نجاة مصر والعرب مما كان يحاك لهم من مصير مظلم. فرحة العرب جميعاً تجسدت في برقيات التهاني من القادة العرب وحتى من المواطنين وكانت برقية خادم الحرمين الشريفين معبرة تماماً عن الضمير العربي والموقف العام، فقد أكد الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأن المساس بمصر يعد مساساً بالإسلام والعروبة، وهو في الوقت نفسه مساساً بالمملكة العربية السعودية وهو مبدأ لا تقبل المساومة عليه، أو النقاش حوله تحت أي ظرف كان. ما تضمنته برقية خادم الحرمين الشريفين للرئيس السيسي لم تكن تهنئة مجردة بل كانت تحمل مضامين عديدة منها، لماذا كل هذه الفرحة والاهتمام بما تحقق من تغيير إيجابي في مصر؟ فقد أوضح المليك - حفظه الله - بأن الشعب المصري عانى في الفترة الماضية من فوضى وصفها بعض ممن قصر بعده على استشراف المستقبل ب(الفوضى الخلاقة) وما هي إلا فوضى لا تعدو في حقيقة أمرها إلا أن تكون فوضى الضياع والمصير الغامض الذي استهدف ويستهدف مقدرات الشعوب وأمنها واستقرارها. هذا التشخيص النابع من الحرص على مصالح العرب والأوطان العربية يكشف عن متابعة وانشغال بقضايا الأمة العربية جميعاً وإذ أكد خادم الحرمين الشريفين على أن ينأى الأشقاء والأصدقاء بأنفسهم عن شؤون مصر الداخلية بأي شكل من الأشكال، دعا إلى مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر المانحين لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية محذراً من يتخاذل اليوم عن تلبية هذا الواجب وهو قادر مقتدر، فإنه لا مكان له غداً بيننا إذا ما ألمت به المحن وأحاطت به الأزمات. هكذا هو عبدالله بن عبدالعزيز يتحدث بصدق وشفافية (لا مكان لمن يتقاعس بيننا ولا مكان له غداً إذا ما ألمت به المحن وأحاطت به الأزمات). اليوم الوقوف مع مصر رد لجميل سبقت به مصر كل الدول العربية والإسلامية، فأيام كانت مصر في خير وكانت بعض الدول العربية والإفريقية والإسلامية تعاني من حاجة وتخلف في العلم، كانت مصر سباقة في مد يد العون، فكم من بعثة دراسية كانت تقدم العلم في أكثر من دولة، وكم طريقاً شقتها مصر في ربوع تلك الدول. إن تاريخ مصر القريب يؤكد أن هذه الدولة العربية كثيراً ما وقفت مع الدول العربية وغير العربية وقد جاء الوقت لرد الجميل لهذه الدولة التي تعاني من مشاكل اقتصادية. إن دعوة خادم الحرمين الشريفين لا بد وأن تجد القبول والتأييد لأنها صادرة من قلب رجل يحب كل العرب والمسلمين ويعمل من أجلهم، ومن أجل دولة عملت من أجل كل العرب والمسلمين.