إن ثورة المعرفة التي يشهدها عالمنا اليوم جعلت من تقنية المعلومات مقياسا لرقي الأمم وحضارتها، ومصدرا لثروتها وقوتها؛ مما جعل من التعليم الإلكتروني ضرورة ملحة لا بد أن تأخذ به مؤسسات التعليم العالي؛ إلا أن تشخيص الواقع أثبت أن بسط نفوذ التعليم الإلكتروني داخل الجامعات بجميع بيئاته (المباشر، والمتمازج، والمساند) وبجميع صوره وأشكاله (الشبكات والشبكات التفاعلية والوسائط المتعددة والقاعات الذكية والمقررات الإلكترونية والتفاعلية وأدوات القياس التقنية وغيرها) يواجه عدداً من التحديات بعضها عام كتأخر دخول الجامعات لمجتمع المعرفة وعدم وجود خطة فاعلة لذلك، إلى جانب ضعف تفعيل ما ورد في جميع الخطط الإستراتيجية للجامعات بربط التعليم بالتقنية، وزد عليه ضعف تأهيل أعضاء هيئة التدريس إلكترونياً كما لا يخفى عظم تكاليف التقنية مادياً وضخامة مشاريعها مما يجعل من تأسيس بنية تحتية تقنية أمر غير هين؛ فأدى ذلك إلى ضعف خطة تقنية المعلومات داخل الجامعات وعدم مواكبتها للتطور المتسارع في مجالها، لذا أصبح ربط خطط الجودة الشاملة بالتقنية أمر بعيد بسبب نقص التجهيزات وحداثة التجربة وغرابتها وما ترتب على ذلك من عدم وجود خطة لأمن المعلومات وغياب الأنظمة واللوائح المنظمة لها. أما التحديات الخاصة بالتحول إلى التعليم الإلكتروني في مجالات للغة العربية فلعل أخطرها هو التوجه العالمي إلى هندسة اللغة وتعاظم دور اللغة في إنتاج المعرفة واستثمارها فهي المنهل الذي تستقي منه التقنية أسس ذكائها الصناعي، وهي القالب الذي تصب فيه كل العلوم مما جعل اللغة العربية في عزلة من ذلك، وهناك عقبة كؤود أخرى تواجه تقانة اللغة العربية وهي تلك الفجوة بل القطيعة العلمية بين اللغويين والحاسوبيين وعدم وجود جسور علمية سليمة المنهج، واضحة الرؤى بينهما، ولا يخفى على الفاحص للأعمال اللغوية الحاسوبية تبدد كثيرا من الجهود؛ فرغم كثرة الأعمال اللغوية الحاسوبية فيها إلا أنها تعاني من القطيعة فيما بينها كما تعاني من التكرار؛ فهناك على سبيل المثال لا الحصر سبعة معالجات صرفية تم تطويرها في عدد من الدول العربية ولم يعتمد واحد منها بعد بسبب عدم توحيد الجهود.