على مدى ثلاث سنوات، كان عالمنا العربي الملتهب هو قبلة العالم أجمع، لمتابعة الثورات، وتحليل نتائجها، ولا أخفيكم أنه أمر جيد أن تشتعل ثورة في قلب أوروبا، وتحديدا في واحدة من أجمل بلدان العالم : أوكرانيا، وذلك حتى لا نبدو للعالم أننا المنطقة الوحيدة، التي تشغل العالم بقضاياها، أو إن شئت الدقة بمشاكلها، ولا يزال الغموض يحيط بمسببات الثورة الأوكرانية، والتي تعامل معها الغرب بسرعة فائقة، وحدد موقفه بوضوح تام، وذلك على عكس سوريا، والتي تأخرت، وتناقضت المواقف حيالها، حتى لم يعد أحد يصدق ما يجري في تلك الدولة العربية، من هول بشاعته، وسوء التعامل معه. إدارة أوباما، ووراءها العالم الحر، يعلمون أنهم لا يتعاملون مع الوضع في أوكرانيا على أنه قضية دولة من دول العالم الثالث، فجزء كبير من تلك الدولة، وتحديدا جمهورية القرم، والتي تتمتع بحكم ذاتي، تعتبر مقاطعة روسية خالصة، فهي ترتبط بعلاقات وثيقة مع روسيا على كل المستويات، اقتصاديا، وسياسيا، وثقافيا، إذ أن معظم سكانها من الروس، والرئيس بوتين، زعيم صعب المراس، فهو دكتاتور وصل إلى الحكم بطريقة ديمقراطية، فصلت خصيصا له !!، إذ أنه رأس روسيا، ولما لم يسمح له القانون بالترشح لمرة ثالثة، سعى لفوز حليفه المقرب برئاسة الجمهورية، وشغل هو منصب رئيس الوزراء، ثم عاد للرئاسة مرة أخرى، بعد أن تحايل على القانون بطريقة مكشوفة، ولم يكترث لذلك البتة!. الآن قرر بوتين المواجهة، وحرك قواته العسكرية، وصوت البرلمان الروسي بالإجماع تأييداً له، ولديه حجة قوية تتمثل في ولاء جمهورية القرم لروسيا، ومطالبتها بالحماية الروسية ضد الثورة الأوكرانية، وغني عن القول إن بوتين سيستغل الضعف الذي تعانيه الإدارة الأمريكية دوليا، فهي الإدارة التي لم تجرؤ، أو ترغب في مواجهة الأسد، وهي التي تقاربت مع إيران، حتى خيل للمتابع أنها هي الأحرص على ملاحقة الرئيس الإيراني المعتدل روحاني !!، فهل من المتوقع أن تستطيع هذه الإدارة كسر إرادة العنيد، والمقاتل الشرس بوتين، في حديقته الخلفية ؟!!، وهو الذي لم يخفف من مواقفه المؤيدة للأسد على مدى سنوات؟!!، وقراءتي الخاصة، وهي رغبة في ذات الوقت، لتوقيت ثورة أوكرانيا، هي أن إدارة أوباما، وحلفاءها الغربيين، سيحاولون مقايضة أوكرانيابسوريا، ما يعني أنهم قد يسعون لتليين الموقف الروسي حيال الملف السوري، في مقابل ليونة غربية حيال ملف أوكرانيا، وتظل هذه رغبة، فالمتابعون يؤكدون على أن بوتين العنيد، والقوي، لن يتخلى عن أوكرانيا، وقد يزداد موقفه تصلبا في دعم بشار الأسد، خصوصا وأنه يعلم أن خصمه أوباما هو ذات الرئيس المتردد، والمتناقض في مواقفه، أي الرئيس الذي يؤيد حكومة الملالي في طهران، والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين من جهة، ومن جهة أخرى يهدد موقابي بأنه سيقطع عنه المعونات إن استمر في عدم تسامحه مع ملف المثليين جنسيا في زامبيا!!. الأيام حبلى بالمفاجآت، فلننتظر ونرى!.